مسرحية وصايا الديك ...حين تحاكي الأسطورة الواقع

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/66a3881eb73297.97877219_ikehpqngjolfm.jpg width=100 align=left border=0>


بحضور كوكبة من الفنانين والأكاديميين المختصين، والجمهور المولع بالفن الرابع، قدمت فرقة "كلندستينو" مساء الخميس 25 جويلية بفضاء التياترو بالعاصمة، العرض الأول لمسرحيتها الجديدة "وصايا الديك"، درامتورجيا واخراج وليد الدغسني عن نص لمنير العماري وتمثيل أسامة كوشكار ومنير العماري.

"وصايا الديك" هي مسرحية نقدية وظفت فيها الكوميديا السوداء من أجل نقد مجموعة من القضايا السياسية والاجتماعية التي يعيشها التونسي بالاعتماد على الأسطورة والترميز حيث تربط المسرحية بين أسطورة أوديب والخطيئة التي بسببها حل الطاعون على شعب طيبة بواقع المجتمع التونسي الأزمات التي يعيشها منذ عقود. كما اشتغلت المسرحية على رمزية الديك من جانبين: جانب الأسطورة اليونانية الذي يربط الديك بإله الشمس وجانب تمثلات الديك في الوعي الجمعي بما يحمله من ارتباط في الاذهان بالذكورة والسلطة على البقية.
وقد تميز العرض بأداء فني متميز يجعل المشاهد يغوص في داخل المسرحية ليرى نفسه في تفاصيلها وكأنه يشاهد حياته بخيباتها وتعثراتها، ومعاملاته اليومية.
...


وكعادته في كل عمل وكل شخصية يتقمصها، فقد أبدع أسامة كوشكار في أداء دور الحاكم بطريقة مزجت بين الهزل والجد فنجح في إثارة ضحك الجمهور تارة و سخطهم تارة أخرى على الوضع المعيش، كما تألق منير العماري حيث لم يكن يؤدي جورا وإنما كان يعيش حالة فنية هي امتداد لروحه وفكره لدرجة أنه قدم في جزء من المسرحية أربع شخصيات مختلفة بطريقة لافتة مما يجعل المشاهد يعتقد لوهلة أنه ليس أمام الشخص ذاته.

وفي إجابة عن سؤال لوكالة تونس إفريقيا للأنباء عن التزامن بين تاريخ العرض الأول والاحتفال بعيد الجمهورية، أشار المخرج وليد الدغسني إلى أن اختيار 25 جويلية لتقديم هذا العمل الجديد لفرقة كلاندستينو مرده أن المسرح من أشد الفنون التصاقا بالواقع وبالمسائل التاريخية ومن المهم أن يكون المسرح نقديا ومساهما في التوعية بالقضايا الهامة. وأوضح أنه اختار بمشاركة كامل الفريق تقديم عمل يجمع بين السخرية السوداء والجدية من خلال استغلال مرجعية تاريخية أسطورية وهي نص أوديب وقصة تيريسياس من المسرح الاغريقي، وتم عكسها على الواقع التونسي ليستحضر العمل ثنائية والعبد والسيد والخادم.

مسرحية "وصايا الديك" هي محاكاة للأسطورة والواقع وهي عبارة عن رحلة فكرية يعيشها المتفرج وتدفعه إلى التفكير النقدي في اليومي حيث تطرح بشكل تهكمي وساخر وعميق العديد من القضايا الاجتماعية على غرار أزمة الفنان والمثقف في ظل غياب الدعم الكافي للإنتاج الفني والمشاكل اليومية التي يعيشها المواطن على غرار انقطاع الكهرباء والماء كما تنقد المسرحية هروب الإنسان من الواقع إلى عالم الانترنات والمسلسلات والأفلام السطحية التي لا تحمل في طياتها أي عمق فكري.

وفي حديثه عن الجانب النقدي للمجتمع والقضايا المطروحة في هذه المسرحية اعتبر الدغسني أن هذا العمل الفني هو "دعوة للتونسيين بمختلف أطيافهم لمراجعة أنفسهم من أجل العمل على استعادة السيادة الوطنية والتعويل على القدرات الذاتية للبلاد". مشيرا إلى أن عدم تمكننا من خلق نموذج ثقافي وتنويري واقتصادي واجتماعي من شأنه أن ينتقل بنا إلى مرحلة أخرى، ويساهم في بقائنا "دولة في عالم ثالث تعاني من عديد الظواهر الاجتماعية على غرار البطالة والفقر والجوع والكوارث البيئية".

واعتبر الدغسني أن ارتهاننا للدول الأخرى هي مسؤولية جماعية وأنه وبين أنه من منطلق مسؤوليته كفنان تجاه مجتمعه يحاول من خلال هذا العمل مخاطبة العقل والوجدان ويدعو الجميع للبحث عن نموذج بديل قادر على إخراج البلاد من الأزمة.

ومن جانبه أوضح منير العماري كاتب نص المسرحية في تصريح لوات "اخترنا أن تكون الكتابة محاذية للصورة الخرافية لكي لا نقع في الاستسهال والتتفيه الذي ننقده أساسا في عملنا وعليه اشتغلنا على قصة اوديب من منطلق الإشكاليات التي نواجهها على غرار إشكال الوطنية والمواطنة وغيرها من الثنائيات التي دائما ما تثير جدلا حول تونس التي نريد مستقبلا والتي لا يمكن أن نراها دون نقد ما هو موجود وما كان موجودا ".

وأشار إلى أنه تم الاشتغال على النص طيلة سنة والنسخة النهائية دامت مدة كتابتها شهر ونصف مع تشريك كل أعضاء فرقة كلاندستينو على اعتبار أن النص هو كلمات نابعة من أحاسيس الممثل الفاعل الذي لديه الكلمة والموقف الإنساني والفلسفي والفكري في العالم ويقوم بتصديره في العمل المسرحي.

وتجدر الإشارة إلى أن الجمهور سيكون على موعد مع سلسلة من العروض لمسرحية "وصايا الديك" بداية من سبتمبر المقبل بتونس العاصمة، قبل برمجة عروض في عدد من الجهات خلال شهر ديسمبر.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 291547


babnet
All Radio in One    
*.*.*