سقف العالم (قصّة التيبت)

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/tibetx1.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم: مهدي الزغديدي
كيفما اليوم

كيفما اليوم 7 أكتوبر 1950 اجتاح الجيش الصيني إقليم التيبت وقام بالقضاء على الحكم الذاتي وحركات الانفصال.
التيبت هي عبارة عن هضبة شاسعة (أكثر من مليون و200 ألف كم²) شاهقة الإرتفاع، تصل إلى حدود 4900 م وتحدها الجبال من جميع الجهات.
...


وتمتد جبال الهملايا ـ أعلى جبال في العالم ـ من الناحية الجنوبية للهضبة، لذى يطلق على هذا الإقليم أحيانا "سقف العالم"، لأنها تعتبر أعلى منطقة مأهولة في العالم. وهي منطقة معروفة ببردها الشديد وصعوبة الحياة وتنوّعها البيولوجي، وخصوصا بقاء العديد من الحيوانات النادرة على قيد الحياة كالغزلان والنمور والدببة. يبلغ عدد سكان منطقة التيبت نحو مليوني و 700 ألف نسمة، يعيش معظمهم في منطقة التيبت الجنوبية، حيث التربة الخصبة للزراعة وتربية الحيوانات، بينما يعيش في العاصمة لاسا وهي كبرى المدن، نحو 13822 نسمة، حيث يعمل معظمهم موظفين في الدولة أو في الصناعات الخفيفة والسياحة. ورغم أنّ اللغة الرسمية هي الماندرين الصينية، فإنّ اللغة التقليدية هي التيبتية. وتُدرَّس كلتا اللغتين في المدارس وتحرر بهما المعاملات الحكومية.
كانت التيبت تعتبر دولة دينيّة إقطاعيّة بامتياز، فالديانة البوذيّة وبالتحديد المذهب اللامي هو المسيطر على نسق حياة السكّان. ويوجد في هذا المعتقد اثنان من اللامات الرفيعة (أي الرهبان البوذيون)، أحدهما الدالاي لاما (اللاما العالي)، ويعد حاكم التيبت الروحي الأعلى، والبانشن لاما، ويمثل السلطة الروحية القيادية. ويعتقد السكان أن هذين الراهبين يولدان من جديد، فعندما يموت البانشن لاما أو الدالاي لاما فإن روحه تحل في بدن غلام صغير، لذلك يبحث الرهبان عن الغلام الذي يولد في الوقت نفسه الذي يموت فيه اللاما، وعند العثور عليه يُعدّ الحفيد الرسمي للراهب أو اللاما. (وقد ألغت الصين ظاهرة اللامات بعد سيطرتها على الإقليم). حكم النبلاء والرهبان اللامات التيبت قبل أن تحكمها الصين، وكان معظم المزارعين أجراء مقيمين في الأرض، لايُسمح لهم بمغادرتها، ويُفرض عليهم تقديم كل الإنتاج لملاك الأرض.

كانت التيبت مملكة مستقلّة منذ القرن السابع. وقد وصلت إليها البوذيّة عن طريق الهند في الفترة ما بين سنتي 742 و797 (وهو مايفسّر تعاطف الهند ومساندتها المعلنة لصراع التيبت مع الصين). ومنذ سنة 1642 أصبح الدلاي لاما (قائد الرهبان البوذيين) هو الوصي على العرش والحكومة التيبيتيّة، في بداية القرن الثامن عشر الميلادي سقطت التيبت في قبضة الصين. وقد سعت بريطانيا لاحتلال التيبت، وخشيت روسيا ذلك، لأنه يعني السيطرة على قلب آسيا، إلّا أن بريطانيا استطاعت احتلال بلاد التيبت والعاصمة لاسا عام 1904 وفرضت على حكام التيبت معاهدات تجارية ورسمت الحدود ما بين الصين والهند وهو ما يعرف بـ«خط مكماهون»، وهذا الخط ما زال مثار نزاع ما بين التيبت والهند من جهة والصين من جهة أخرى حتى اليوم. لكن الصين استغلت سنة 1908 رحيل القوات البريطانية من التيبت فاجتاحتها وأعادت السيطرة عليها. إلّا أن التيبتيون قاموا بطرد الصينيين من بلادهم بعد سقوط الإمبراطوريّة وإعلان جمهوريّة الصين سنة 1911، ورفضوا أي وصاية صينية جديدة عليهم وكان هذا بمثابة إعلان استقلال بلادهم، وبالفعل فقد أعلن الدالاي لاما الثالث عشر إستقلال التيبت العام 1913، وبدأ عملية إصلاح جذرية في دولته من إصدار عملة وطنية خاصة، بنوك، طوابع، جوازات سفر، وأوجد علماً خاصاً لبلاده. وفي العشرينيات من القرن العشرين نشب خلاف كبير بين الدالاي لاما والبانشن لاما حول الشؤون السياسية، وهرب البانشن لاما إلى الصين مع أسرته وحاشيته، وتحوّل منذ ذلك الوقت الدلاي لاما رمزا لاستقلال التيبت بينما الباشن لاما رمزا للموالاة إلى الصين. بعد وصول ماوتسي تونغ الى السلطة في الصين العام 1949، قامت قوّاته في مثل هذا اليوم 7 أكتوبر 1950 باجتياح التيبت وأجبر الدلاي لاما الربع عشر (الحالي) على توقيع اتفاق يقضي بتبعية التيبت للحكومة الصينية مع التمتع بالحكم الذاتي.

خلال العام 1956 حاول التيبتيون الثورة بدعم من الولايات المتحدة ضد الإحتلال الصيني في عدد من مناطق البلاد، ولكن هذه الثورة قمعتها الصين بالقوة، ففرّ الدالاي لاما والتجأ الى الهند منذ ذلك العام ولحقه حوالى 100 ألف شخص، حيث أقام في مدينة درامسالا الهندية وأعلن من هناك حكومته في المنفى، وأعلن النضال السلمي ضد الهيمنة الصينيّة مما جعله يتحصّل على جائزة نوبل للسلام عام 1989. وفي عام 1965 أعلنت الصين بلاد التيبت منطقة ذاتية الحكم تحت السلطة الصينية وضمن حدودها الإقليمية. تم إنهاء وجود الإقطاعيات التي يملكها ملاك الأراضي والرهبان، وأُجبر الفلاحون على تقديم نسبة معينة من الحبوب للدولة، كما أُجبروا على زراعة القمح بدلاً من الشعير لتغذية الجنود الصينيين. وسيطرت الحكومة الصينية على محطة الإذاعة والصحف والمصارف والمحلات، واستولى الصينيون على معظم الوظائف، مثل إدارات الحكومة المحلية والتدريس. وقد عانى سكان التيبت من التفرقة العنصرية التي كان يمارسها الجنود والسكان الصينيون. لم تعترف أي دولة بحكومة التيبت في المنفى، منذ إعلانها، كذلك فإن لائحة الدول والأقاليم التي تطالب الأمم المتحدة بتحريرها للعام 2008 لم تدرج إسم بلاد التيبت عليها، كذلك لم تذكر أن الصين هي قوة منتدبة. كما أن الأمم المتحدة في أثناء قبول عضوية جمهورية الصين الشعبية في عضويتها العام 1971 لم تحتج على سيادة الصين على التيبت، هذه السيادة التي قبلتها جميع الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين منذ العام 1949، رغم ما يحظى به الدلاي لاما من مكانة عالميّة.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 131971

Adnen Housseini  (Tunisia)  |Vendredi 7 Octobre 2016 à 13:42 | Par           
لمحبي القراءة كتاب ڤيزا إلى التيبت لعاصم الجندي


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female