أساتذة قانون دستوري يعتبرون النّظام الدّاخلي للبرلمان "غير متناسق وكثير الهنات ويتضارب مع الدّستور"
اعتبر عدد من أساتذة القانون الدّستوري، أنّ النّظام الدّاخلي لمجلس نواب الشعب، "نصّ غير واضح وغير متناسق من حيث الشّكل والمضمون"، واشتمل على أكثر من معجميّة قانونيّة لا تلتقي مع بعضها البعض، ممّا جعله كثير الهنات وغير متجانس ويتضارب في بعض فصوله مع الدّستور، وفق تقديرهم.
فقد أوضح أستاذ القانون الدّستوري عبد الرّزاق المختار، خلال مائدة مستديرة حول النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، نظّمتها الجمعيّة التّونسية للقانون الدّستوري اليوم السبت بالعاصمة، أنّ النّظام الدّاخلي للبرلمان، تضمّن ثلاثة مكوّنات رئيسية لا تلتقي في نصّ واحد، وهي نظام داخلي وتدابير استثنائية ومدوّنة سلوك، في حين أنه لا يمكن وضع كلّ النصوص في نصّ واحد.
فقد أوضح أستاذ القانون الدّستوري عبد الرّزاق المختار، خلال مائدة مستديرة حول النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، نظّمتها الجمعيّة التّونسية للقانون الدّستوري اليوم السبت بالعاصمة، أنّ النّظام الدّاخلي للبرلمان، تضمّن ثلاثة مكوّنات رئيسية لا تلتقي في نصّ واحد، وهي نظام داخلي وتدابير استثنائية ومدوّنة سلوك، في حين أنه لا يمكن وضع كلّ النصوص في نصّ واحد.
كما لاحظ أن نص النظام الداخلي للبرلمان "غير مهيكل ومن العسير على غير العارفين بالقانون التعاطي معه"، مضيفا أنه تضمّن كذلك إشكالات دستورية على غرار إعفاء النواب من التصريح بمكاسبهم أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بسبب الاستحالة الاجرائية (غلق الهيئة)، ومحاولة البرلمان القيام بمهام المجلس الوطني للجهات والاقاليم إلى حين تركيزه، وهو ما يعدّ خرقا دستوريا واضحا، حسب تعبيره.
أمّا أمين الخراط عضو منظّمة "البوصلة" (منظمة متابعة للشّأن البرلماني منذ إرساء المجلس التأسيسي سنة 2011 وأعلنت عن مقاطعة البرلمان الحالي)، فقد عاب على النّواب عدم التصريح بالمكاسب والمصالح، في حين أنّ هذا البرلمان يرفع شعار مكافحة الفساد والتمسّك بالشفافية، قائلا "كان بامكان النواب أن يطلبوا بصفة رسميّة فتح مقرّ الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد استثنائيّا لهم ليقوموا بواجب التصريح بمكاسبهم، كما حدث مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن".
وعلّق يوسف عبيد الباحث في القانون البرلماني، على محاولة ما وصفه ب "تغييب" المعارضة من النّظام الدّاخلي للبرلمان، في حين أنه مسألة بديهية في كلّ برلمانات العالم، معتبرا أن مسألة التّنصيص على أن يحلّ البرلمان محلّ مجلس الأقاليم والجهات، إلى حين تركيزه "غير دستورية"، وكان من الأجدى التّنصيص على قانون يوضح العلاقة بين الغرفتين وكذلك بين السلطة التشريعية والتنفيذية مع ضرورة أن يخضع هذا النّظام الداخلي إلى رقابة دستوريته.
من جهته، لاحظ النّائب بالبرلمان المنحلّ نبيل حجّي، أنّ "نواب البرلمان الحالي حرموا أنفسهم من حقّ الطّعن بعدم دستوريّة أيّ مشروع قانون يعرض على البرلمان"، سواء من الحكومة أو من رئاسة الجمهورية، مشيرا إلى أنّهم اختاروا بصفة طوعيّة التقليص من صلاحياتهم بعدم التأكيد على دور المعارضة داخل البرلمان.
وأضاف أن النواب حرموا أنفسهم كذلك من التمتع بمساعدين برلمانيين، بالتنصيص على عدم تلقي تمويل من منظمات أجنبيّة، والحال أنّ "الكثير من الهيئات والمؤسسات في تونس مستمرّة في عملها وفي وجودها بفضل التمويل الخارجي"، على غرار البلديّات والأكاديمية البرلمانيّة نفسها، على حدّ قوله.
كما انتقد ما وصفه ب "غياب الشفافية" في عمل البرلمان الجديد، ذلك أن موقعه الرّسمي مازال مغلقا إلى اليوم، وهو الذّي من المفروض أن يتضمّن تقارير أعمال اللّجان (ثلاث لجان برلمانية اجتمعت مؤخّرا من بينها لجنة الماليّة التي صادقت على قرض)، ومن المفروض كذلك أن يكشف عن قائمات الحضور والغياب بالنسبة الى النواب، بالإضافة إلى غلق أعمال اللجان أمام الإعلام على غرار ما حدث مع أشغال لجنة النظام الدّاخلي.
وفي السياق ذاته، تساءل أساتذة القانون الدّستوري عن سبب عدم تنصيص النواب في النّظام الدّاخلي على ضرورة عرضه على المحكمة الدّستورية حال تركيزها، للبتّ في مدى دستوريّة فصوله، مذكّرين بأنّ الهيئة الوقتيّة لمراقبة دستورية مشاريع القوانين (هيئة تمّ تركيزها مع المجلس التأسيسي سنة 2011 ووقع حلّها في سبتمبر 2021 من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيّد) كانت قد أقرت بعدم دستورية بعض الفصول في النظام الدّاخلي للبرلمان السابق.
وقال المحامي أحمد صواب، القاضي سابقا بالمحكمة الإداريّة، إنّ البرلمان الجديد لم يعرض منح النواب على الجلسة العامّة، واكتفى بمناقشتها في مكتب المجلس، في حين أنه كان من المفروض مناقشتها خلال جلسة عامّة، بما يضرب مبدأ الشفافية، وفق تقديره.
وفي ردّهما على ملاحظات أساتذة القانون الدّستوري، اعتبر النّائبان يوسف طرشون وصابرالمصمودي، أنّه لا يوجد نصّ قانوني مثالي، وأقرّا بوجود هنات ونقائص في النّظام الدّاخلي للبرلمان، مؤكدين أنّهما سيعرضان هذه الملاحظات على زملائهم النواب، ومن الممكن اقتراح تنقيح النّظام الدّاخلي خاصّة في ما يتعلّق بالتنصيص على وجوب عرضه على المحكمة الدّستورية حال تركيزها.
يشار إلى أنّ الجمعية التونسيّة للقانون الدّستوري، كانت قد وجّهت الدّعوة إلى عدد من النّواب وهم بالأساس رؤساء الكتل ورئيس البرلمان إبراهيم بودربالة، غير أنه لم يستجب لهذه الدّعوة سوى النّائبان يوسف طرشون (رئيس كتلة الخطّ الوطني السّيادي) وصابر المصمودي (رئيس كتلة الأحرار).
وأكّد النائب يوسف طرشون (كان من ضمن أعضاء لجنة صياغة النّظام الدّاخلي ومقرر لجنة النظام الداخلي حاليّا)، أنّ النواب ركّزوا في صياغتهم للنّظام الدّاخلي على ضرورة انسجامه مع الدستور، بالاستناد إلى المستشارين القانونيين بالبرلمان وخبراء في القانون بطريقة غير رسميّة في كل مراحل صياغته، مبينا أن التنصيص على مدوّنة سلوك النائب في النظام الدّاخلي للبرلمان، فرضته الأحداث التي وقعت في البرلمان السّابق.
وفي ردّه على "اتهام" البرلمان ب "السّطو" على صلاحيات المجلس الوطني للجهات والأقاليم، فقد قال طرشون "إنّ النّظام الدّاخلي للبرلمان نصّ على هذا الأمر ليكون وفيّا للدّستور"، الذي يفرض المصادقة على ميزانية الدّولة من قبل الغرفتين.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 267730