ويتعلّق الأمر، بحسب العباسي، "بالتحديات الاقتصادية والجيوسياسية المرتبطة على وجه الخصوص بتداعيات الصراع الروسي الاوكراني، الذي عرض الفاعلين الماليين لتفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي، وزيادة اسعار المواد الغذائية والمحروقات، ما يهدد الأمن الغذائي والطاقي، اضافة الى تعمّق التضخم وارتفاع معدلات الفائدة".

وهناك، وفق المحافظ، تحديات تكنولوجية مرتبطة بالثورة، التّي أحدثها الذكاء الاصطناعي وتحديات المناخ، التي تؤثر بشكل مباشر على الفاعلين الماليين، الذين يجب ان ياخذو ذلك، دون تأخير، بعين الاعتبار مع المحاولة على تجاوز الفجوات في مجال البيانات الموثوقة والمقارنة والاستشرافية بشأن مسألة المخاطر المرتبطة بالمناخ ".

"وتبرز هذه التحديات الأهمية المتزايدة بضرورة توافر وجودة ومصداقية المعلومات، التي تمثل شرطا لا غنى عنه، لتغطية المخاطر وتعزيز الثقة بين المؤسسات والمستثمرين في الأسواق والسلطات الساهرة على التنظيم".

في مواجهة هذه التحديات اختار البنك المركزي التونسي شعار "بنك مركزي موثوق قادر على الصمود ومجدد لاستشراف تحوّلات مالية مدمجة ومستديمة" لمخططها الاستراتيجي 2023 /2025 . كما حددت مؤسسة الإصدار المطابقة التامّة مع مواصفات بازل ومواصفات IFRS هدفا لها خلال سنة 2023.

وتعد مواصفات IFRS مواصفات دولية للمعلومات المالية الموجّهة الى توحيد القائمات المالية والمحاسبية للشركات المدرجة والحصول على نظام محاسبي موحّد بين مختلف بلدان العالم. وقد وقع إرساء هذه المواصفات منذ سنة 2005.

وأكّد رئيس هيئة السوق المالية، صلاح السايل، من جهته، أنّ "الاسواق المالية تواجه، حاليا، رهانات هامّة على غرار الانتقال الطّاقي ورقمنة الخدمات المالية ومقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".

وفي مواجهة هذه الرهانات "أصبحت الشفافية جد ضرورية بالنسبة للمؤسّسات مهما كان حجمها، في الأثناء فإنّه يجب إيجاد توازن بين السريّة والشفافية".

وبخصوص التحوّل نحو مواصفات IFRS اعتبر سيالة أن الهدف الاساسي من اعتماد هذه المواصفات هو تقديم، لفائدة أصحاب القرار في مجال الاستثمار، أفضل المعلومات بشـأن القيمة الحينية للوحدات الاقتصادية والمخاطر، التّي يمكن أن تواجهها مقارنة بقيمتها السوقية.

واعتبر سيالة ان اعتماد هذه المواصفات لا يتم دون وجود مخاطر وصعوبات، موضحا أنّها في علاقة بطبيعة الإجراء القانوني للمحاسبة الدولي.

في الواقع فإنّ هذه المواصفات تضع المزيد من المبادىء أكثر من وضع القواعد مما يترك هامش تصرّف وتقييم، نسبي، أمام المؤسّسات ويتطلب تطوّار هامّا للثقافة وادماج المؤسسات ومراقبة مشدّدة تمّ التشاور بشأنها بين هياكل المراقبة.