ثلة من المثقفين التونسيين يجمعون أشعار صديقهم "إيف إينجلبار" الفرنسي الجنسية، والتونسي الهوى

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/645baf7a4eab79.55526414_lfqkgihenopjm.jpg width=100 align=left border=0>


قام ثلة من المفكرين والأساتذة وعدد من المثقفين التونسيين، بجمع أشعار صديقهم "إيف إنجلبار" وإصدارها في كتاب يحمل عنوان "نشوة راقصة" تطوعت دار "نيرفانا" للنشر بإصداره مجانا، تكريما للشاعر (الفرنسي الجنسية)، وتقديرا لحركة رمزية بادر بها أصدقاء الفقيد من التونسيين الذين عايشوه على مدى سنوات عديدة.

وهي حركة نبيلة، تعكس قيمة العلاقات الإنسانية، وتؤكد أن الصداقة لا تنتهي بفراق الأحبة، أحياء كانوا أو أموات، بل قد لا تكون الوفاة نقطة النهاية لما جمع الأصدقاء من قيم وأفكار ولحظات سعادة ومواقف صعبة ودعم عند الشدائد.
"إيف إينجلبار"، ولد سنة 1946 في الجزائر وقضى طفولته جنوب المغرب، ثم كانت له زيارات متتالية إلى تونس وتنقل بينها وبين بلده فرنسا، وكان يعتبر نفسه تونسيا. وقد ساهمت سنوات عيشه في بلدان شمال إفريقيا في تجذير وعيه السياسي وتعزيز نضالاته ضد اللامساواة وغياب العدالة التي عانتها شعوب المغرب العربي بالخصوص زمن الاستعمار.
...

ورغم اشتغاله لأكثر من عشرين سنة في الصناعات والتعليم البحري وتطوير الموانئ، إلا أن "الصناعات الثقيلة" لم تؤثر على رهافة حسه، كما يقول بعض أصدقائه، فقد كان شغفه بالبحر ملهما له وحنينه إلى المدن التي جمعته بأصدقائه في تونس ومراكش والدار البيضاء ومونبيلييه وليون، وراء كتابة نصوص شعرية جميلة حرص أصدقاؤه على جمعها وإصدارها في هذا الكتاب الوارد في 217 صفحة من الحجم المتوسط، واختاروا له عنوان "نشوة راقصة".
وقد احتوى هذا الديوان الشعري على ما لا يقل عن 200 قصيدة تغنى فيها الشاعر بمعاني الصداقة والوفاء والشجاعة والحرية وغيرها. كما جاء بعضها في شكل تعبير عما يخالج الشاعر من مشاعر ذات علاقة بلحظات عاشها بما فيها آمال وخيبات، فضلا عن تأملات فلسفية عن الحياة وعن الحلم وعن السراب...
فكرة إصدار هذا الكتاب كانت لافتة، وقد جرى حفل تقديمه ضمن فعاليات الدورة 37 لمعرض تونس الدولي للكتاب، بجناح دار "نيرفانا" للنشر.
وأدارهذا اللقاء رئيس جامعة تونس سابقا الدكتور حميّد بن عزيزة، الذي جاء تصدير الكتاب بقلمه، كما حضره عدد كبير ممن عايشوا الفقيد، وقدموا شهادات عادوا فيها إلى بدايات العلاقة التي ربطتهم مع "إيف إنجلبار" وتعزيز متانتها، وكيف تعرف بعضهم على بعض عن طريق هذا الصديق المشترك للتونسيين.
وإلى جانب حديث حميّد بن عزيزة عن "إيف إنجلبار" الشاعر والإنسان، استمع الحاضرون في هذا اللقاء إلى شهادات عديد الأصدقاء منهم أستاذ العلوم السياسية والدكتور محمد الشريف الفرجاني ومحمد شويخة، فيما عجز البعض عن تقديم شهادته وخنقته العبرات، وهو يستحضر علاقة الصداقة المتينة التي جمعته بصاحب هذا الإصدار الشعري، الذي تغنى فيه بالقيم الإنسانية وناضل بكلماته ضد العنصرية كما برز فيها حنينه لمواطن صباه ولشمسها وسمائها، إلى حد أنه كان يعتبر نفسه عربيا لا فقط فرنسيا أو إيطاليا أو جزائريا أو فرنسيا أو متوسطيا بشكل عام (نسبة إلى البحر المتوسط)، وهو ما يتجلى في قصيدته "من أنا؟" التي عبر فيها عن انتمائه للإنسانية وعن افتخاره بمختلف الجذور والأصول، معبرا عن إيمانه بقبول الاختلاف، ونبذه للعنصرية ولمشاعر الكراهية وحبه لأصدقائه من مختلف البلدان.
ومن بين هؤلاء، الأصدقاء مهندس اللقاء والمبادر الأول بجمع الأشعار وهو حميّد بن عيادة، الذي كان متأثرا إلى حد عجزه عن تقديم شهادته كما فعل أصدقاؤه، ولكنه تحدث بصعوبة، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء وبكلمات مشحونة بالمشاعر والذكريات، عن وشائج الوصل الذي يجمعه منذ ستينات القرن الماضي بصديقه "إيف إنجلبار" الذي توفي في جوان 2021.
وأشار إلى ما كان يتمتع به الفقيد من حس إنساني وحب لتونس وللتونسيين، مبينا أنه كان يستقبل الكثير من الأصدقاء التونسيين من ناشطين سياسيين وثقافيين وكتاب وفنانين من شتى المجالات الفكرية والإبداعية، في زورقه الذي اتخذ منه مسكنا مميزا، وهو ما جعل حميّد بن عيادة يحافظ على صورة كبيرة لصديقه مع مجسم صغير لزورقه، وأهم أشعاره في مكتبته الصغيرة بحي الرياض في بوسلسلة بالمرسى الضاحية الشمالية لتونس العاصمة.
وأوضح بن عيادة، في هذا السياق، أن "إيف إنجلبار" كان عاشقا للبحر وللحرية ومدافعا شرسا عنها، حتى أنه كان يرفض السكن في بيت من جدران إسمنتية، بل كان يقطن زورقا طوله 20 مترا كان راسيا على حافة ميناء ليون ثم انتقل به ليرسو على ساحل "باستيا" في جزيرة كورسيكا جنوب شرق فرنسا، حيث كان هذا "البيت" ملتقى الأحبة والأصدقاء من تونس في ضيافة صديقهم الذي كان فرنسي الجنسية، تونسي الهوى.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 266341


babnet
All Radio in One    
*.*.*