في سياسة التسول

حمدي مسيهلي
من الطبيعي أن تتحصل على أدنى حقوقك دون الحاجة إلى تسولها أو استعمال أسلوب /التشحيت/ ودون الاضطرار إلى طأطأة رأسك ورسم ابتسامة صفراء على شفتيك علك تتحصل على مبتغاك فمجرد امتلاكك لحق ما يعتبر كفيلا بأحقيتك في الحصول عليه دون الحاجة إلى الاعتماد على أساليب فيها بعض الحط من شأنك.
من الطبيعي أن تتحصل على أدنى حقوقك دون الحاجة إلى تسولها أو استعمال أسلوب /التشحيت/ ودون الاضطرار إلى طأطأة رأسك ورسم ابتسامة صفراء على شفتيك علك تتحصل على مبتغاك فمجرد امتلاكك لحق ما يعتبر كفيلا بأحقيتك في الحصول عليه دون الحاجة إلى الاعتماد على أساليب فيها بعض الحط من شأنك.
هذا هو الطبيعي لكن عندنا يبدو الأمر مغاير تماما أو فلنقل أن القاعدة هي استعمال هذه الطريقة علك تجد حقك ويبدأ /التسول/ من مجرد التحية التي كثيرا ما يترفع كثيرون عن إلقائها في وجهك ويعتبرونها استنقاصا من قيمتهم وعادة ما يتفرس أحدهم مليا في ملامحك ينتظرك لتبادره بالتحية لتنزل عليه بردا وسلاما ولترضي نوعا ما غروره ليفكر فيما بعد هل يردها عليك أو يترفع عن ذلك ليجعلك تحس بأنك بصدد ممارسة تسول مقنع لكلمة طيبة يعتبرها البعض صك غفران أو ما شابه.
ولا يختلف الأمر كثيرا في وسائل نقلنا العمومية فأنت بحاجة عند ركوبها إلى التزود بكم هائل من مفردات /التشحيت/ التي تستطيع بها تجنب هيجان موظفيها فمن /بجاه ربي/ افتح الباب إلى /بربي/ أقف في المحطة مرورا ب/ براس أمك/ رجعلي الصرف لتجد نفسك في الأخير قد دفعت في سفرة واحدة بكثير من هذه العبارات التي تبعث في هؤلاء الإحساس العظيم بالنشوة الذي عادة ما يتولد لدى الكثير منهم عند تذللك إليهم.

وإذا تمكنت من الحصول على وظيفة دون الاضطرار إلى /تشحيتها/ وتسولها من أصحابها فانك تجد نفسك مضطرا إلى أتباع هذه الطريقة لتحقيق بعض الامتيازات فيها أو الحصول على ترقية معينة أو التقرب إلى من هم أعلى درجة منك فيها وحتى إن ترفعت واعتبرت هذا الأمر امتهانا من كرامتك فكن على ثقة انك وفي حالات كثيرة لن تبارح مكانك هذا إن واصلت فيه أصلا وأطردت ضحية لشفافيتك وأنفتك لأنه في الوقت الذي امتنعت فيه أنت عن التسول ذهب زملائك أشواطا كثيرة فيه.
ويخرج الكثيرون عبر برامج التلفزيون لتسول حقوق لم يستطيعوا الحصول عليها بالطرق العادية أو لتسول بعض العطف والرأفة وما يصاحبه من هبات العطوفين الرحماء أو حتى لتسول بعض الحب ممن جعل الزمان قلوبهم قاسية عليهم.
وحتى في الشأن السياسي فتسول الرضاء يتم عبر إلقاء الشعارات الرنانة والوردية وقد تتسول العفو من بعض المنحرفين ممن يعترضوك وحيدا في طريق مظلمة عادة ليسلبوك أموالك أو ليسلبوا إحداهن ما يسمى بأعز ما تملك أو حتى من نادل مقهى تأخر عليك في تقديم قهوتك وطبعا يبدو تسول بعض الأموال من الأصدقاء في شكل سلفة أكثر أنواعه انتشارا بيننا حينها تضطر إلى استعمال كل المفردات التي تعرفها لتحظى ببعض الورقات النقدية.
ويبدو الالتجاء إلى هذه الطريقة حلا لتفادي ماهو أسوء وطريقة ناجعة أحيانا كثيرة للحصول على ما تريده قد تكلفك البعض من عزة نفسك أو كرامتك ولكن لا تقلق فالكرامة أضحت تباع وتشترى وصارت هي كذلك تتسول..هذا إن بقي لها وجود أصلا ....
Comments
13 de 13 commentaires pour l'article 30627