الشيخ المجاهد علي بن خليفة النّفاتي... سيرة مُغيبة

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5befd38fdc5f61.34571748_kifmhqpejogln.jpg width=100 align=left border=0>


تحقيق و تقديم / منجي باكير

كما هو معلوم أنّ الرئيس السّابق الحبيب بورقيبة و في نرجسيّة بالغة منه أقصى كلّ أعلام الحركة التحريريّة و كتب تاريخها كتابة تجعل منه الزّعيم الأوحد و المجاهد الأكبر و محرّر الأمّة و تستنقص و تلغي الآخر و على هذا كان تاريخا ظالما لكثير من الشخصيّات التي أطلقت شرارة الثورة ضد الإستعمار الفرنسي و ساهمت في التحرير ،، و من هؤلاء نذكر ثورة الشيخ علي بن خليفة النفاتي القائد السّياسي و العسكري لعرْش- قبيلة – ( نفّات ) .





علي بن خليفة النفّاتي هو سليل عائلة شريفة يرجع نسبه إلى عرش نفّات المنحدرة من قبيلة بني سليم النجديّة العربيّة التي قدمت مع الزحف الهلالي و استوطنت في المناطق المنحصرة بين مدينتي قابس و صفاقس من الجنوب التونسي…

عاش علي بن خليفة من سنة 1807 إلى نوفمبر 1885 حيث وافته المنيّة بالزاوية الغربية بليبيا .كان علي بن خليفة القائد السّياسي و العسكري لقبيلة نفّات مرتبطا بالولاء للباب العالي بالآستانة و ضلّ متمسّكا بهذا الولاء لدولة الخلافة الإسلامية حتّى وفاته .

و يذكر بعض المؤرّخين أن الشيخ كان على قدر من الشهامة و المروءة و العدل كما كان يجمع بين خصال البداوة و ثقافة الحضر و متشبّثا بالقيم الإسلامية كما كان داعيا إلى الوحدة الإسلاميّة و الإنضواء تحت راية الخلافة .

و لعلّ ممّا ميّز مسيرة القائد علي بن خليفة حدثان هامّان و هما أوّلا مساهمته في قمع ثورة علي بن غذاهم في الشمال و التي في نظره كانت لأسباب شخصيّة و تهدّد بالإنفصال على الوحدة الإسلامية ( و قد مجّدها بورقيبة من بعد لالتقاءها معه في معاداة الباي) و ثانيهما هو خلعه بيعته للباي بمجرّد توقيعه على وثيقة الحماية و أرسل مقولته الشهيرة ((الآن أصبحت طاعة الباي كفرا )) و من هنا ابتدأ تفجيره للثورة وكان انخراطه في النّضال ضد المستعمر الكافر .

طبعا لم يجروء مؤرّخو السلطة البورقيبيّة للإتيان على ذكر هذا الشيخ المجاهد و ما قام به لكن الذّاكرة الشعبيّة تولّت ذلك في ملاحم و قصائد الشعر الشّعبي و الحكايا المنقولة شفويّا .

من أعمال و الشيخ و بطولاته :

– قام بالإتصال بزعماء القبائل ( في وقت تكثر فيه النزاعات و الضغائن بين العروش و القبائل ) لتوحيد الصفّ ضدّ السلطة المركزيّة – الباي- لمّا وقّع على وثيقة الحماية الفرنسيّة و من وراءه السلطات الإستعمارية .

– اشرافه على اجتماع كبير في مسجد عقبة بن نافع بالقيروان في جوان 1881بحضور قادة العروش و أعيان العاصمة و قد ركّز في خطبة الإجتماع على التذكير بواجب الجهاد و الولاء للخلافة المركزيّة .. ثم أرسل الشيخ بمبعوثين إلى باشا طرابلس لاستنهاضه و طلب المدد .

– قام بتسليح القادرين من قبيلته و خاض بهم معارك ضد المستعمر الفرنسي لعلّ أشهرها معركة صفاقس و التي قال عنها المؤرخ الفرنسي ( مارتال) في كتابه ( حدود تونس الصحراوية الطرابلسية): ( إن فرسان الشيخ علي الأبطال قد وقفوا سدا منيعا أمام الجيش الفرنسي بمدافعه وتجهيزه الحربي الكبير, حيث اضطروه إلى القبوع في مواقعه, والاحتماء بسفنه 15 يوما, ولولا وصول المدد ونفاد الذخيرة عن المجاهدين- يقولها المؤرخ نفسه- لكانت احواز صفاقس مقبرة للفرنسيين, ولانقلبت الآية لصالح الثورة في المعركة التي انتهت يوم 17-7-1881م ))

– فكّ الحصار عن مدينة قابس و لكن باستسلام البعض و نقص المدد و بداية انهيار الدولة العثمانية ، أحبط الشيخ فانسحب إلى التراب الليبي حيث ساهم من هناك في تجنيد المجّرين من تونس و حاول مرّات القيام بعمليات إغارة على المواقع الفرنسية المتاخمة للحدود …و لم يسلم الشيخ علي بن خليفة القائد الفذّ من حملات التشهير ضدّه منها ما قامت به جريدة الجوائب التابعة للمخابرات الفرنسيّة ،،،

كلّ هذه العوامل خلقت في صدر الشيخ إحباطات و مرارات لازمته ، و في 18نوفمبر من عام1884 امتطى صهوة جواده و توجّه نحو الحدود التونسيّة ،لكنّ المنيّة عاجلته و هو على ظهر حصانه و توفّي عن عمر يناهز ال84 عام .

لقد أنصف الشيخ أعداءه و شهدوا له بالضراوة و الثبات على المبدإ ، و لكن تجاهله بنو جلدته من مؤرخي الحركة التحريرية(1881/1956) و لم يأتوا على ذكره و لو بحرف واحد ،،، فهل هناك مَنْ مِن المؤرّخين الآن من ينفض الغبار عن تاريخ هذا المناضل الذي غطّت الهيمنة البورقيبيّة و نظريّة المجاهد الأكبر و سياسات إقصاء الآخر على ذكره و إعطائه قدره الذي يستحقّ ، هل ستنصفه ثورة الكرامة ؟ و هل سيتمتّع كما كثير من أمثاله من المجاهدين الذين قضوا في سبيل هذا الوطن ، هل سيتمتّع بردّ الإعتبار و يأخذ حظّه من مسار العدالة الإنتقاليّة ؟؟؟

ذلك ما نرجوه و ندعو إليه ..



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


3 de 3 commentaires pour l'article 171404

Fessi425  (Tunisia)  |Dimanche 18 Novembre 2018 à 09:30           
يا أخي لم نعلم عن هذا المجاهد المناضل شيء في تاريخ تونس إلا المسمى بورقيبة وكأن هذه البلاد لم تنجب كان هذا التافه , لا حول و لا قوة إلا بالله

Almokh  (Tunisia)  |Samedi 17 Novembre 2018 à 13:59           
علي بن خليفة النفاتي .. ثورة تونس التى لا يعرفها احد …

هو علي بن خليفة بن راشد النفاتي من عرش (نفات) المنحدر من قبيلة (بني سليم) التي هي منتشرة في ولاية قابس من الجنوب الشرقي التونسي، على غرار العديد من العروش القديمة التي كانت تنتقل بين الجنوب والشمال بحثا عن المرعى ومتطلبات العيش.
ولد علي بن خليفة النفاتي سنة 1807 وتوفي سنة 1885 أي أنه عاش 78 سنة، وكان الفرنسيون أيام تمرده عليهم يطلقون عليه لقب (العجوز المتمرد). وتربى تربية العائلات البدوية، المتنقلة بين المدن والقرى حسب وظائف الأهل ومسؤولياتهم وحسب نمط العيش السائد في ذلك العصر. وكان علي بن خليفة النفاتي يجالس شيوخ العروش لاكتساب الخبرة والتجربة ويخالط الشباب الميال للقروية والسفر والترحال.
لما اكتسب خبرة الرجال دخل سلك الوظيف وتدرج فيه من خليفة الى كاهية الى عامل وتختلف أهمية الجهات التي عمل فيها من واحدة الى أخرى، وتقلب علي بن خليفة في عدة وظائف عسكرية منها أمير لاي، ثم أمير لواء الى غير ذلك من الرتب وتنقل كعامل في جهات: نفات، والهمامة، والقيروان وجلاص والمثاليث، وأولاد عيّار.
ولما انتصبت الحماية في 12 ماي سنة 1881 كان علي بن خليفة النفاتي يشتغل خطة عامل على الاعراض ويقطن بداره التي بقيت آثارها الى اليوم بقرية (شنني) بولاية قابس وتسمى دار الفريك (الفريق).
كان المجاهد علي بن خليفة النفاتي بالرغم من الوظائف التي تحملها ومن علاقة عائلته بالبايات محافظا على تمسكه بأصالته وبانتسابه للأمة العربية والاسلامية وكان يؤمن أن طاعة الخليفة العثماني أمر ديني مقدس لا يمكن التسامح فيه، وأن من يخرج عن طاعتهم وولائهم ويتعامل مع غيرهم من الدول والأحباس يجب محاربته ولو كان الباي نفسه.
ولما أمضى الصادق باي معاهدة الحماية مع الفرنسيين في 12 ماي 1881 كان علي بن خليفة من أول المبادرين باعلان الثورة على الباي فأرسل مبعوثين الى طرابلس لاعلام الباشا نائب الخليفة بعدم رضاه عن دخول الفرنسيين للبلاد التونسية واحتلال البلاد واستعمار العباد وبثورته ورغبته الملحة في النجدة بالسلاح والمال. ولكن الخلافة العثمانية آنذاك كانت مشغولة في الدفاع عن وجودها.
لم يترقب علي بن خليفة وصول النجدة من العثمانيين بل توجه الى أهله من عرش نفات وأعدهم لمواجهة الحرب مبينالهم أخطارما أقدم عليه الباي ونوايا المستعمر الفرنسي المحتل ثم قام باتصالات عديدة مع رؤساء القبائل الاخرى محرضا الجميع على الجهاد في سبيل الله والوطن.
مناورة ومواجهة
وقد استعان في ثورته بابنه راشد وتحولا معا الى جهة صفاقس في منتصف جوان 1881 واجتمعا مع الشيخين الحاج محمد كمون والحاج محمد الشريف، ثم تحول يوم 20 جوان 1881 الى القيروان فاجتمع بأعيان المدينة ورؤساء القبائل بجامع عقبة الكبير ومواصلة لحملته ضد الباي ومعاونيه فقد سعى لتوحيد الجهودلمقاومة الاحتلال الفرنسي مؤكدا للناس نجدة الخلافة العثمانية عبر المبعوثين الذين بعثهم الى طرابلس ويهدف من وراء ذلك الاشعار أن يبدد الخوف من نفوس الأهالي.
وفي 25 جوان 1881 اعترض علي بن خليفة النفاتي سنجقا عسكريا من الحامية، مرسلا الى قابس في أرض (المهاذبة) فردوه على أعقابه. وفي 2 جويلية 1881 أنجد علي بن خليفة مدينة صفاقس الثائرة ضد دخول القوات الفرنسية وانضم الى الثائرين بمئتي فارس من عرش أولاد نفات. كما شارك في معركة صفاقس من بدايتها في 5 جويلية الى نهايتها في 17 جويلية 1881 . وجعل مركز قيادته خارج المدينة حتى يبقى له مجال للمناورة والتحرك. وقد حمى فرسانه الذين وقفوا سدا منيعا أمام الجيش الفرنسي
واجبروه على المكوث في الميناء محتميا بمدافع البواخر.
ولما سمع علي بن خليفة بترويج منشور ورد من الباي الى أعيان صفاقس مؤرخ في 13 جويلية 1881 يدعوهم فيه الى الطاعة والاستسلام خشي ذلك ان يؤثر فيهم. فاستدعى كبار الأعيان من صفاقس الى معسكره خارج المدينة وهددهم أنه سينسحب مع اتباعه إذا ما أذعنوا لأوامر الباي وبذلك يصبحون عرضة للغزاة الفرنسيين. فطمأنوه بأنهم على وعدهم معه للدفاع عن مدينتهم وأبلى علي بن خليفة وأنصاره البلاء الحسن في الدفاع عن مدينة صفاقس وأظهروا شجاعة واستبسالا نادرين وخلال تلك المعارك
انكسرت رجل علي بن خليفة وعاش بعد ذلك اعرج وجرح ابنه (راشد) كما كسرت رجل أخيه ( صالح) وجرح ولدا هذا الاخير: (العوني ومحمد).
وإثر احتلال صفاقس من طرف الاستعمار الفرنسي انسحب علي بن خليفة النفاتي مع اتباعه الى جهة قابس ثم الى جهة (ودارن) والشعال، ومن هناك كان على اتصال بعروش جلاص والقيروان والساحل. وكانت قبائل أولاد عيّار متجمعة في مكثر، والفراشيش في سبيطلة وأولاد رضوان في قفصة وكانت كل تلك القبائل متّصلة بعلي بن خليفة النفاتي لكنها لا تدخل تحت قيادته رغم أنه انتصب ممثلا للسلطان العثماني. وقد انضمت له قبائل جلاص والسواسي والمثاليث وبنو يزيد وبواسطة عرش جلاص كان علي بن
خليفة متصلا بالقيروان. وكان مجاهدو صفاقس يقبلون سيادته.
ومن أعماله الحربية اعداده (500) فارس و(2000) من المشاة وصل جميعهم يوم 17 جويلية 1881 قرب مدينة تونس وأغاروا على ممتلكات الباي فساقوا ألف بعير واحتلوا عددا من الضيعات. ولم تستطع القوات الفرنسية ان تحرك ساكنا.
جمع السلاح
وبعد استقراره بمركز قيادته (ودارن) تحول أخوه صالح على رأس قوة أخرى الى قابس، حيث ساهم مع (محمد بن شرف الدين) في حصار الفرق الفرنسية التي نزلت بشاطئ (قابس).
وفي 31 جويلية 1881 وصلت القوات الفرنسية الى جهة (شنني) بقابس ودكت المدفعية منزله (دار الفريك) رغم الدفاع المستميت لأنصاره الذين استشهد منهم حوالي 50 مجاهدا، واثر ذلك تحول الى جهة القيروان ثم الى الساحل واتصل ببعض رؤساء القبائل حاثا على تعبئة القوى ومواصلة الجهاد. ولما أحس باستسلام بعض رؤساء القبائل ويأس الأهالي وتشتتهم انسحب الى الجنوب في 20 نوفمبر 1881 والتحق به أخوه صالح وبقيا يترقبان وصول عروش بني زيد والحمارنة لتكوين نواة لقوة جديدة ليقوموا
بهجوم قوي ولما تأخر المدد غادر المكان في يوم 29 نوفمبر سنة 1881 نحو مدنين فبنقردان في اتجاه الحدود التونسية الليبية بهدف الاشراف على اجتماع ضم زعماء المقاومة المتواجدين بطرابلس.
ولما اقتنع بخطورة الوضع هاجر علي بن خليفة النفاتي الى طرابلس ومعه نحو ثلاثين ألفا من الأتباع في أواخر سنة 1881 . وقد لحق به بقية المجاهدين وقواتهم من الجهات الاخرى من البلاد التونسية حتى وصل عدد القوات الى قرابة (120.000)، اجتمع من جديد برؤساء القبائل المتواجدة بطرابلس حاثهم على مواصلة الجهاد والاستعداد للرجوع الى تونس أرض الوطن ودحر الاعداء الفرنسيين المحتلين.
وكان علي بن خليفة يجمع الأسلحة والعتاد والمؤونة ويرسلها الى المجاهدين ممن بقوا في تونس للقيام بأعمال العنف والتخريب والشغب والقيام بغارات على القوات الفرنسية في كافة أنحاء البلاد التونسية.
ولم تنقطع اتصالاته بالخلافة العثمانية في تركيا عبر مبعوثيه والتصدي للجواسيس والحملات الصحفية التي تهدف الى الحط من معنوياته هو وأنصاره غير أنه لما فشلت محاولاته مع الباب العالي ونظراللحالة التي كان عليها المجاهدون في طرابلس لكثرة عددهم وقلة عتادهم ومؤونتهم تملكه اليأس وغلب عليه الحزن خاصة وأن الأخبار تصله من تونس تؤكد تمركز الفرنسيين واستحواذهم التام على السلطة.
واشتد به المرض وأدركه المنون في جويلية سنة 1885 ودفن حيث مات (بالزاوية الغربية) التي تبعد حوالي 40 كم عن مدينة طرابلس. وإثر وفاته رجعت عائلته الى ولاية قابس، كما رجع أغلب المهاجرين الذين غادروا البلاد التونسية معه خصوصا بعد أن يئسوا من إعانة تركيا

Almokh  (Tunisia)  |Samedi 17 Novembre 2018 à 13:18           
لقد حوّلت فرنسا قصرعلي بن خليفة بشننّي قابس إلى مدرسة إعداديّة ثمّ فوتت فيه للخواص حتّى

هلك بنائه و أقيمت مكانه عمارة أخرى٬ كما تمّ لاحقا هدم مسجده و طمس بقيّة آثاره


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female