لقاءات بنزرت السينمائية : فيلم "اليد الخضراء" للمخرجة جمانة مناع يصور مقاومة الفلسطينيين من أجل حقهم في الزعتر والكعوب

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/668fc3699f2e35.78887278_kqhefpmjilngo.jpg width=100 align=left border=0>


ضمن فعاليات الدورة العاشرة من لقاءات بنزرت السينمائية الملتئمة من 8 إلى 12 جويلية الحالي ومهداة لروح "هاني جوهرية"، وتماشيا مع محور الدورة "السينما والمقاومة" تابع الجمهور مساء الثلاثاء بفضاء الحصن الإسباني عرض الفيلم الوثائقي الروائي "اليد الخضراء" للمخرجة الفلسطينية جمانة مناع.

هذا العمل هو من إنتاج 2022 وفاز بجائزة النقاد للأفلام العربية في الدورة 76 لمهرجان كان السينمائي (2023).

...

على امتداد 63 دقيقة يكتشف المتفرج صنفا من أصناف المقاومة التي قد لا ينتبه إليها كثيرون، وهي المقاومة من أجل الحق في الحصول على "النباتات البرية"، تلك النباتات التي تمثل عنصرا غذائيا رئيسيا في المطبخ الفلسطيني من جهة، وترتبط في بعد آخر من أبعادها بالهوية الفلسطينية.

ورافقت المخرجة (وهي من عرب 1948 ) بالكاميرا حياة عائلات وإخوة وجيران يقطفون "الزعتر" و"الكعوب" هاتين النبتتين الممنوع قطفهما بمقتضى قوانين الاحتلال حيث صدر قانون في السبعينات (1977) يمنع قطف الزعتر وتلاه قانون في 2005 يجرم قطاف "الكعوب".

ويبدأ الفيلم بلقطة بانورامية "فوقية" تبرز شساعة الأراضي الفلسطينية، قبل أن تقترب الكاميرا رويدا رويدا لتصور كهلا يحمل سكينا ويسير بحذر إلى أن يصل إلى شاحنة يثقب عجلاتها ويفر هاربا من عيون الأمن. ويتبين لاحقا أنها سيارة شرطة حماية البيئة.

وعلى مدى كامل الفيلم تتكرر الصدامات في شكل مطاردة (تصورها المخرجة بكاميرا متحركة) لتجسد عمليات الكرّ والفرّ بين الفلسطينيين "أصحاب الأرض" ومن لهم أحقية تاريخية في ما تنتجة الأرض من خيرات، ولو كانت الأعشاب البرية التي يستعملونها كغذاء، وبين الشرطة الإسرائيلية المصادرة لهذا الحق بدعوى الحفاظ على النباتات من الانقراض.

وتتكرر المشاهد وتختلف العقوبات بين الخطايا المالية والأحكام القضائية، ولا يزعزع ذلك أصحاب الحق في مواصلة الاستمتاع بخيرات أراضيهم ولا يثنيهم عن الدفاع عن حقهم التاريخي في أرضهم.

ولعل اختيار إحدى النساء ممن تقطف النباتات هي وزوجها، والتي تحمل اسم عزيزة لم يكن اعتباطيا فالمرأة هي رمز الخصوبة وهي الأرض والأم في إحدى دلالاتها، فهي الأرض العزيزة التي لا يمكن التفريط فيها مهما كانت الأسباب.
وتعيد الخلافات بين الإسرائيليين والفلسطينيين الى الأذهان مقولة "نحن باقون ما بقي الزعتر والزيتون"...

ويتجلى تمسك الفلسطينيين بحقهم في الحصول على النبات البري من خلال الحوار الذي دار بين أعوان شرطة حماية البيئة، الذين اختارت أن تظهرهم المخرجة في صورة المسؤول الرصين الذي يطبق القانون ويحترم حق المواطن في الاختلاف معه، في حين "تغاضت" ربما عن مسألة مهمة وهي أن من يطبق القانون هو من وضعه وبالتالي فهو وضع قانونا جائرا ويفرض على أصحاب الأرض احترامه.

ويأخذ الصراع أشكالا مختلفة للتعبير عن رفض الفلسطينيين لهذا القانون المسقط والمبني على أسباب غير منطقية ولا مقنعة حيث يطرح العديد من الأهالي ممن أمسكتهم الشرطة وهم "يقترفون قطاف النباتات" تساؤلات عن سبب منع قطاف النباتات بحجة الانقراض والحال أن الأجداد كانوا يقطفونها منذ الأزل ولم تندثر، بل هي متجذرة في الأرض وما قطفها إلا وسيلة لمزيد تكاثرها/انتشارها على مساحات أوسع.

ولئن اختار أحد المتساكنين العودة ليلا لتجميع النباتات التي كان اقتلعها في النهار وفرض عليه الأمنيون إلقاءها في الأرض ومنعوه من أخذها، فقد فضل البعض الآخر المواجهة الصريحة حيث يقول "سمير" في نقاش حاد "لا أعترف بكم وبسلطتكم، وقوانينكم غير ملزمة لي، وسأعيد الكرة وأجمع الزعتر والكعوب مجددا، نحن أصحاب الأرض ولنا الحق في خيراتها ولن يثنينا عن ذلك أي قانون مهما حاولتم..."

وتوثق المخرجة بعدستها عديد البقاع المختلفة منها هضبة الجولان والجليل والقدس ونابلس وجنين وتل الزعتر في لقطات عامة لإبراز شساعة الأراضي وجمال الطبيعة التي تحظى بها فلسطين في دلالة خفية ربما عن أسباب تمسك المحتل بهذه الأراضي، ففلسطين ليست فقط تلك المباني المتراصة التي قد يراها المشاهد في نشرات الأخبار والبيوت المتلاصقة والمخيمات. فلسطين هي الأرض الخصبة والشاسعة والطبيعة الخلابة التي تسر الناظر إليها.
وتبرز جمانة مناع من خلال هذا الفيلم، خطورة الوضع الذي يعيشه عرب 48 ومعاناتهم، لا فقط من خلال الحوار بل كذلك من خلال الموسيقى المرفوقة بأصوات رياح ونباح الكلاب وثغاء الأكباش.

ولعل مشهد شحذ السكاكين الذي تكرر كثيرا في الفيلم يحمل أكثر من دلالة، إذ قد يحمل معاني شحذ العدو للسكاكين واستعداده الدائم للبطش وقد يحيل أيضا على استعداد الفلسطينيين للدفاع عن حقهم بشتى الوسائل مهما كلفهم الأمر.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 290729


babnet
All Radio in One    
*.*.*