فيلم : ''باستاردو'' نجيب بالقاضي
أنور المبروكي
لم ينتبه نجيب بالقاضي منذ أن سطع نجمه مع المنصف كحلوشة إلى ما يمكن أن يعترضه من صعوبات، بعد ذلك النجاح الباهر سنة 2006. بل و لم يشدد الحراسة و الانتباه من ذلك الغول الرقيب المراقب اللامترقب سينمائيا و جماهيريا.
باستاردو، نجيب بالقاضي خيب أمال شق كبير من عشاق الفن السابع في تونس هذه الأيام.
لم ينتبه نجيب بالقاضي منذ أن سطع نجمه مع المنصف كحلوشة إلى ما يمكن أن يعترضه من صعوبات، بعد ذلك النجاح الباهر سنة 2006. بل و لم يشدد الحراسة و الانتباه من ذلك الغول الرقيب المراقب اللامترقب سينمائيا و جماهيريا.
باستاردو، نجيب بالقاضي خيب أمال شق كبير من عشاق الفن السابع في تونس هذه الأيام.
لقد اقتنى المخرج نصيب الأسد من الضجيج الفيلمي ليصور مجتمعا إفتراضيا كائنا بفوضى الأفكار، فيرصو سيناريو متشابك بلا نهاية رسو قارب لا شرعي ينتظر حلقة جديدة لاكتمال أحداثه المتناهية و اللامنتهية، فلا يدري المتفرج عن أي قصة يريد الانقضاض، كما لا يدري نجيب بلقاضي عن أي منطق يجبه التركيز، أهو منطق الصورة التابعة لمنطق الفكرة المحلوم بها سينماتوغرافيا أم هو منطق فوضى الأحاسيس المجسد بطريقة سريعة و التي غالبا ما تتدافع لتدوس معنى الجمال فيها.
يقول الفيلسوف الالماني هيقل في معنى العلاقة بين الفكرة و الاحساس أنه لا يمكن لفكرة ما أن تكون ابداعا إلا إذا تحولت إلى إحساس . ففكرة بدون احساس ميتة قبل أن تبدأ.
فنجيب بالقاضي صنع فكرة ثم حولها فيما بعد إلى صور في شكل إحساس لا إحساس في شكل صور، وهو ما أدخل عملية المونتاج في إرباك تتالت فيه صورة الحس أكثر من حس الصورة. وهو ما تفطن له غالبية متابعي هذا الفيلم ليحيد في نهاية المطاف عن الهدف المراد به بل و لتتمزق بين إيتيقا السينما و استيتيقا الصورة.
لقد يخيل لنا أحيانا و نحن نشاهد باستاردو نجيب بالقاضي أن السكريبت script يكاد يكون مغيبا تماما و إلا فما معنى ذلك الانتقال المتسرع من مشهد إلى اخر بل حتى المشاهد تتصارع فيما بينها إلى حد يكبر فيه البطل بطريقة غريبة وشبه فجئية و في المقابل تبقى الأطر و الصور بين الزمن الأول (الطفولة) و الزمن الثاني (الكهولة) للبطل ثابتة.
من الواضح جدا أن نجيب بالقاضي لم يكن حذرا بعد نجاح فيلمه الأول مع منصف كحلوشة الذي ملأ قلوب الناس بحركاته و تلقائيته بل و سقط في صراع فكرة الصورة و صورة الفكرة مركزا بذلك عن ديكور لاتيني سابق لخطاب عربي مصطنع من قصة هامشية بمشاهد مركبة و صور متلاصقة بدون تقنية.
إن قوة الألوان و الديكور و الصورة و المكان الذي استعمله نجيب بالقاضي في
باستاردو غير كاف لصنع فيلم يمكن أن يحوز قلوب الجماهير. بل و ليس بالأمر الهين أن ينتزع المخرج معنى الاعتراف فنيا من جمهور أصبح عارفا بأبجديات الفن السابع.
لقد كان نجيب بالقاضي في فيلمه باستاردو على دراية تامة بأنه لن يدرك ذلك النجاح الذي أدركه مع المنصف كحلوشة بل على غاية من الاقتناع أنه تفنن بالقوة المفروضة وقتيا لا تقنيا ليصنع فيلما لأبناء حيه لا غير.
فقانون الرقابة الذاتية بوجوب الاستيقاظ سينماتوغرافيا كان سببا متخفيا وراء هذا الظهور المتسرع. فأن تنجز فيلما كل عشرين سنة بمعايير فنية رائعة أحسن بكثير من أن تنجز أفلاما قال عنها كلود شابرول أننا لا ندري ما الغاية من انجازها. و لا لماذا صنعت أصلا.
لقد كان من الأجدر على نجيب بالقاضي الانتظار قليلا كي يعيد النظر مرة ثانية في تقنيات المونتاج, لماذا هذا الغلو في جعل المتفرج كائنا خارج الفيلم. هكذا إذا بقي باب باستاردو مغلقا أمام جماهيره بدون لوحة مفاتيح.
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 78584