دراسة حديثة للمعهد الفرنسي للرأي العام: الدين عند المسلمين في البلاد يتفوق على القانون

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/6929de11ccf097.96135260_hogpqfnmljike.jpg width=100 align=left border=0>
LPLT, CC BY-SA 4.0 , via Wikimedia Commons


قراءة / ريم بالخذيري

أصدر معهد IFOP الفرنسي (المعهد الفرنسي للرأي العام وهو أشهر مؤسسة فرنسية متخصصة في عمليات سبر الآراء والدراسات الاجتماعية والسياسية) تقريرًا موسّعًا اعتمد على دراسة شملت أكثر من 14 ألف مشارك من مختلف الخلفيات، من بينهم 1.005 مسلمًا، بهدف قياس تحولات علاقة المسلمين بالدين وبالإسلام السياسي خلال الأربعين عامًا الأخيرة. ويُعدّ هذا العمل أحد أبرز الدراسات الكمية التي ترصد ظاهرة "إعادة الأسلمة" داخل الجالية المسلمة في فرنسا، وتكشف عن تحوّلات عميقة ومتواصلة منذ الثمانينيات.





تشير الدراسة إلى ارتفاع نسبة المسلمين في فرنسا من 0.5% سنة 1985 إلى 7% سنة 2025، ليصبح الإسلام ثاني ديانة في البلاد بعد الكاثوليكية. كما تؤكد المعطيات أن هذا التطور الديمغرافي أقل بكثير من تقديرات الخطاب الشعبوي الذي يتحدث عن "غزو ديمغرافي"، ما يجعل الدراسة تفنّد هذه التصورات بشكل واضح.

كما تظهر نتائج IFOP صعودًا لافتًا للتدين والممارسات التعبدية داخل الجالية المسلمة، خصوصًا لدى الشباب حيث أن 80% من المسلمين يعتبرون أنفسهم متدينين، مقابل 48% فقط في بقية الديانات. واللافت هو الارتفاع الكبير وسط الفئة العمرية 15–24 سنة، منهم 35% يزورون المساجد أسبوعيًا، مقابل 16% فقط سنة 1989.
أما الصوم فهو شبه عام لدى الشباب بين 18 و24 سنة بنسبة 83%، وكذلك الامتناع عن الكحول بنسبة 79%.

التقرير يخلص أيضًا إلى أن هذه المؤشرات تعكس موجة إعادة أسلمة قوية ومتواصلة منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وتشهد الممارسات المرتبطة بالهوية الدينية، خاصة لدى النساء، تغيرًا واضحًا إذ تؤكد الدراسة أن 31% من المسلمات يضعن الحجاب، و19% يرتدينه بشكل دائم. وتعد نسبة ارتداء الشابات من 18–24 سنة مهمة (45%)، أي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه سنة 2003.
وتتوزع دوافع ارتداء الحجاب بين:

* الواجب الديني (80%)
* الشعور بالأمان في الفضاء العام (44%)
* تعزيز الانتماء (38%)

كما تسجل الدراسة ميلًا متزايدًا نحو الفصل بين الجنسين:

* 33% يرفضون "البيز"
* 20% يرفضون المسابح المختلطة
* 14% يرفضون المصافحة بين الجنسين

ويرى الباحثون أن هذه الظواهر تشير إلى تصلّب الهوية وميل متنامٍ نحو «التميّز الثقافي».

الدين يتفوّق على القانون والعلم لدى شريحة واسعة من المسلمين

واحدة من أبرز خلاصات الدراسة هي تقدّم المرجعية الدينية لدى جزء من المسلمين في فرنسا على القانون والعلم:

* 65% يعتبرون الدين أكثر صدقًا من العلم في تفسير نشأة الكون
* 44% يفضلون أحكام الدين على القانون في مسائل مثل الميراث والذبح
* 46% يرون أن الشريعة يجب أن تُطبَّق جزئيًا أو كليًا في البلد الذي يعيشون فيه

وتعتبر دراسة IFOP أن هذه المؤشرات تعكس بروز نموذج "مجتمع موازٍ" لدى جزء من المسلمين.

انتشار متزايد لأفكار الإسلام السياسي

كما تظهر الدراسة انتشارًا متزايدًا للأفكار المصنّفة ضمن الإسلام السياسي:

* 38% يؤيدون مواقف إسلاموية، مقابل 19% فقط في نهاية التسعينيات
* 33% يشعرون بالتقارب مع جماعات إسلامية، أبرزها:

* الإخوان المسلمون: 24%
* السلفية: 9%
* الوهابية: 8%
* جماعة التبليغ: 8%
* التكفير: 6%
* الجهادية: 3%

تحدٍّ مجتمعي وثقافي قبل أن يكون أمنيًا

يؤكد الباحث فرانسوا كروس أحد أهم القائمين بالدراسة أن المجتمع المسلم بفرنسا يعيش موجة إعادة أسلمة قوية تقودها الأجيال الشابة، الأكثر تشددًا والأكثر قربًا من الإسلام السياسي وفق رأيه. ويرى أن هذه الظاهرة ستتعزز في المستقبل، وأن التحديات المطروحة أمام فرنسا تتجاوز الجانب الأمني إلى قضايا اجتماعية وثقافية عميقة، ما يستدعي إعادة النظر في سياسات الاندماج المعتمدة طيلة العقود الماضية.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 319388


babnet
*.*.*