القصرين: رغم وطأة الضمأ .. تأبى شجرة الزيتون بالعريش الموت وتواصل الكفاح من أجل الحياة والعطاء
وات -
( تحرير لطيفة مدوخي ) - كانت تقف شامخة على جذورها التي تختزل تاريخا طويلا من الصمود، تتمايل أغصانها برشاقة مع كل نسمة من نسائم الريح وتتدلى ثمارها بثقل بين كفوف أوراقها الخضراء النضرة، لكنها اليوم، أصبحت تئن بصمت تحت وطأة الضمأ، تكابر السقوط متشبثة بجذعها القوي الذي أصبح خشبة هامدة، تلمح بحرقة أوراقها الصفراء المقصفة وثمارها الصغيرة الشاحبة وهي تتساقط واحدة تلوى الأخرى كدموع حارقة على أرض قاحلة.
انها شجرة الزيتون التي إختارت أن تكافح من أجل سنوات أخرى من الحياة والعطاء لتروي قصة شجرة تأبى أن تموت خاضعة مستسلمه.
تتوفر منطقة العريش من معتمدية القصرين الجنوبية، على أكثر من 30 ألف أصل زيتون منها أصول تجاوزت أعمارها ال100 سنة، ما زال عدد كبير منها صامدا دون ماء لعدة أشهر، رغم وجودها في منطقة سقوية تتزود منذ زمن من سدّ وادي الدرب، الذي شيده الرومان وأُعيدت تهيئته خلال الفترة الاستعمارية وأُحدث قناته الرئيسية سنة 1945.
انها شجرة الزيتون التي إختارت أن تكافح من أجل سنوات أخرى من الحياة والعطاء لتروي قصة شجرة تأبى أن تموت خاضعة مستسلمه.
تتوفر منطقة العريش من معتمدية القصرين الجنوبية، على أكثر من 30 ألف أصل زيتون منها أصول تجاوزت أعمارها ال100 سنة، ما زال عدد كبير منها صامدا دون ماء لعدة أشهر، رغم وجودها في منطقة سقوية تتزود منذ زمن من سدّ وادي الدرب، الذي شيده الرومان وأُعيدت تهيئته خلال الفترة الاستعمارية وأُحدث قناته الرئيسية سنة 1945.
أسباب ومسببات هذا الضمأ الذي يعيش على وقعه أكثر من 300 فلاح منذ ما يزيد عن ست سنوات، تعود وفق ما صرح به رئيس مجمع التنمية الفلاحية وادي الدرب بالعريش بشير النداري، لصحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء، لعدّة عوامل منها عوامل طبيعية متعلقة بقلة الأمطار في ظل التغيرات المناخية الحالية، وبغياب الصيانة الدورية لسدّ وادي الدرب مصدر الماء ومنبعه الرئيسي للمنطقة السقوية العريش، حيث تكسو مجرى الماء (مجرى تقليدي غير مغطى) على امتداد 4 كيلومترات، الأعشاب والطحالب والأتربة والحصى ما أدى الى تقلص كمية الماء المتدفقة من السدّ.
كما تحدث النداري عن غياب الصيانة في أحواض سدّ وادي الدرب الأربعة وفي مصفاة مائه وفي قناته الرئيسية، إضافة الى الحفر العشوائي للآبار العميقة بالقرب من السدّ خاصة مع وجود عيون تغذيه، فضلا عن انسداد الخطوط الفرعية لمياه الرّي نظرا لعدم تصفية الماء كما يجب من المنبع الرئيسي، ما إضطر الفلاح إلى الربط العشوائي مع اعتماد الري التقليدي عوضا عن الري قطرة قطرة في ظل غياب عدادات وهو ما خلق خللا في الدورة المائية
وكانت مياه سدّ وادي الدرب تصل منذ سنوات طويلة لعدة منتفعين منهم ديوان الأراضي الدولية بوادي الدرب، وكل مناطق العريش والمنقار والبساتين السقوية ومصنع عجين الحلفاء والورق والمنبت الغابي، غير أنه تم الاقتصار حاليا على المنطقتين السقويتين العريش والمنقار مع ديوان الأراضي الدولية بسبب تقلص منسوب مياهه، وفق ما كشف عنه النداري الذي ابرز ايضا أن سدّ وادي الدرب كان يعطي سنة 2011 ما بين 240 و250 لترا في الثانية منها 80 لترا للمنطقة السقوية العريش أي بنسبة 35 بالمائة من مجموع مياهه التي قال إنها أصبحت حاليا في حدود 70 لترا في الثانية فقط مقسمة على ثلاث مناطق سقوية وهي المركب الفلاحي وادي الدرب ومنطقتي العريش والمنقار .
من جهته، وجه رئيس مجمع التنمية الفلاحي وادي الدرب بالعريش، دعوته للمصالح المعنية بوزارة الفلاحة وبمندوبية الفلاحة وللسلط الجهوية، للتدخل في أقرب الآجال وإيجاد حل للنقص الفادح في مياه الرّي المتأتية من سدّ وادي الدرب لانقاذ أصول الزيتون من الموت، مقترحا إحداث بئر عميقة أو إثنين لدعم وتغذية المنظومة المائية بالمنطقة وتنظيف السد وإزالة الأوساخ المتكدسة به وتسريحه.
وبدوره ارجع محمد الرحموني (فلاح بمنطقة العريش) في تصريح لصحفية "وات" النقص الحاصل في مياه الرّي، للوضع الكارثي لسدّ وادي الدرب المغطى بالأتربة والأعشاب والطحالب، ما قلص المنسوب المتناقص بطبيعته بسبب قلة التساقطات بفعل التغيرات المناخية الصعبة وسنوات الجفاف المتتالية.
واعتبر الرحموني ان بامكان المصالح المعنية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية حلحلة عدد من الاشكاليات، لاسيما المرتبطة بإنسداد القنوات الرئيسية ومجرى الوادي، مشيرا في ذات الإطار إلى أن ضعف منسوب مياه الرّي بالمنطقة السقوية العريش، التي تضم 350 هكتارا و220 نقطة مائية، إنعكس بالسلب على الدورة المائية التي كانت تتم في السنوات الماضية بشكل عادي، حيث كانت حصة كل فلاح من الماء تصل في فترة لا تتجاوز نصف شهر على أقصى تقدير وتجاوزت اليوم الثلاثة أشهر، وفق قوله.
وبين المصدر ذاته، أنه في حال تواصل الوضع على ماهو عليه الآن، ولم تتدخل الأطراف والهياكل المعنية في الإبان للحفاظ على القطاع الفلاحي الذي يمثل العمود الفقري بالجهة، سيموت الزيتون وتندثر الفلاحة، لافتا بالمناسبة إلى وجود مشروع كبير لإعادة تأهيل وصيانة منظومة المياه ككل في منطقة العريش وفي سد وادي الدرب وفي قناته الرئيسية، من تمويل البنك الألماني للتنمية، غير أنه لا يزال حد الآن قيد الدراسات، حسب قوله.
أما سلامة العبدلي (فلاح)، فلخص حزنه الدفين وحرقته الكبيرة وهو يتفحص أشجار زيتونه المتخشبة المتقصفة وينتقل من شجرة إلى أخرى وينبش التراب تارة ويلمس حبات الزيتون والأوراق اليابسة ويطحنها بين أصابه طورا آخر، في قوله "الزيتون يموت عطشا أمام أعيننا وما باليد حيلة، طرقنا كل الأبواب ولم نجد آذانا صاغية رغم أن جل المشاكل المطروحة مقدور عليها على المستوى الجهوي لا مركزي".
وتساءل العبدلي عن الأسباب التي حالت دون تدخل المصالح المعنية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية لتنظيف السدّ من الأتربة والأوحال العالقة به بشكل دوري وصيانته حفاظا على الثروة المائية من ناحية التي تشهد تقلصا يوما بعد يوم بسبب انحباس الأمطار وحفاظا على قطاع الزياتين والفلاحة بشكل عام من ناحية أخرى.
يشار الى انه تم الإتصال بالمندوب الجهوية للتنمية الفلاحية شاذلي الغزواني، الذي فوض رئيس مجمع التنمية الفلاحية وادي الدرب بالعريش بشير النداري لتقديم الرّد، واكد في المقابل أنه "غير معني بذلك، ولا يملك حلولا للإشكاليات المذكورة".
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 290346