
"هناك فوضى تسود العالم، وليس ترامب المسؤول عنها" - نيويورك تايمز Bookmark article

في عرض الصحف لهذا اليوم، نقرأ في نيويورك تايمز مقالاً يحاول استبانة الأسباب الكامنة وراء تراجع وتيرة النمو الاقتصادي في العالم، وسبل الخروج من حالة "الركود" التي تسوده.
وفي الغارديان نقرأ عن الفرص التي تلوح أمام الأوروبيين في مواجهة الإجراءات التي تتخذها إدارة ترامب. وفي الواشنطن بوست، نستعرض مقالاً يتحدث عن قسائم الطعام التي توفرها الحكومة الأمريكية للفئات محدودة الدخل، وعلاقتها بمعدلات السمنة والميل لتناول الأطعمة غير الصحية.
نبدأ عرض الصحف من نيويورك تايمز، حيث كتب آرون بيناناف مقالاً يلخص فيه ملامح "الفوضى" في العالم، التي تقف وراءها "حالة الركود الاقتصادي"، وأسباب تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالمي ومستويات الدخل والتصنيع في العقود الأخيرة، وسبل الخروج من هذا "الركود".
يقدم الكاتب في البداية ملخصاً لأوجه الاضطرابات في العالم، ففي الوقت الذي "يقلب فيه الرئيس الأمريكي ترامب أساسيات التجارة العالمية رأساً على عقب عبر الرسوم الجمركية العقابية، ويعيد رسم التحالفات الأمريكية"، تواجه الدول الديمقراطية موجة مناهضة للمسؤولين، كما أن الحكومات تخسر في الانتخابات أو "بالكاد تصمد" في مواجهة حالة من "السخط"، وحتى الدول "غير الديمقراطية" مثل الصين، تواجه اضطرابات اجتماعية وعدم استقرار اقتصادي.
يطرح بيناناف نظريات عدة لتفسير هذه الحالة التي تسود العالم، إذ يجادل البعض بأن التغير الاجتماعي السريع، خاصة المتعلق بمسائل مثل الهجرة والهوية الجنسية، يغذي "رد فعل ثقافياً عنيفاً". والبعض الآخر يرى أن النخب أخطأت في استجابتها لجائحة كوفيد-19 أو انفصلت عن واقع شعوبها، ما خلق شعوراً مضاداً للمؤسسات. فيما يرى آخرون أن وسائل التواصل الاجتماعي وخوارزمياتها جعلت من السهل "نشر المعلومات المضللة ونظريات المؤامرة".
لكن الكاتب يرى أن هناك قوة أكثر عمقاً تقف وراء حالة الاضطراب العالمية هذه، وهي الركود الاقتصادي، ويقول إن العالم يشهد تباطؤاً في النمو الاقتصادي طويل الأمد منذ سبعينيات القرن الماضي، وإن هذا الوضع ازداد سوءاً بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، إذ أصبح العالم "عالقاً" في معدلات نمو منخفضة، كما أن الإنتاجية في حالة تراجع، والقوى العاملة أصابتها الشيخوخة، وكل ذلك جعل الاقتصاد في حالة من الجمود.
يطرح الكاتب مثالاً في هذا السياق، ويقول إن اقتصادات دول مجموعة العشرين كانت تنمو في الماضي بمعدل 2 إلى 3 في المئة كل عام، وهذا يعني أن مستوى الدخل كان يتضاعف كل 25 إلى 35 عاماً، أما اليوم، فمعدلات النمو تتراوح بين 0.5 إلى واحد في المئة، وهذا يعني أن الدخل أصبح يتضاعف مرة كل 70 إلى 100 عام، وهي وتيرة "بطيئة للغاية ليشعر الناس بأي تقدّم في حياتهم".
وبنظر الكاتب، فإن الناس حين لا يفترضون أن مستوى معيشتهم أو مستوى معيشة أطفالهم سيتحسن مع الوقت، "تتآكل الثقة في المؤسسات وتزداد حالة السخط".
يقدم بيناناف أسباباً لهذا التباطؤ في النمو الاقتصادي، ويتمثل أحدها في التحول العالمي من قطاع التصنيع إلى قطاع الخدمات، وهذا أدى إلى تعطّل المحرك الأساسي للتوسع الاقتصادي، ألا وهو الإنتاجية.
ويتجلى السبب الثاني في تراجع معدلات النمو السكاني، ومن ثم تراجع حجم القوى العاملة، وهذا يعني أسواقاً مستقبلية أصغر، ما يثني الشركات عن التوسع. كما أن تراجع نسبة الأشخاص في سن العمل داخل المجتمع، يعني انخفاض أعداد دافعي الضرائب الذين يدعمون برامج التقاعد، ما يرفع من تكاليف التقاعد والعناية الصحية، ويدفع الحكومات لرفع الضرائب، وزيادة المديونية.
ما العمل إذن؟

يستعرض بيناناف عدة حلول مقترحة، أولها: أن الذكاء الاصطناعي قد يكون المخرج من "فخ الركود"، فالذكاء الصناعي قد يحسن الكفاءة وينعش النمو في قطاعات تتطلب الأيدي العاملة، مثل الرعاية الصحية والتعليم. لكن الكاتب يشكك في ذلك، فالمكاسب المتأتية من الذكاء الاصطناعي لا تزال "محدودة"، كما أن وتيرة التطور في هذه التكنولوجيا "تتباطأ بدلاً من أن تتسارع".
فيما يجادل آخرون أن إعادة إنعاش القطاع الصناعي في ظل حماية جمركية صارمة، هي الوصفة لاستعادة الاقتصاد حيويته، وهو رهان إدارة ترامب، بحسب ما يرى الكاتب، الذي يعود ليشكك في مثل هذه الطروحات، فالصناعات المأمول منها إنعاش الاقتصاد، برأيه، صارت توظف عدداً قليلاً نسبياً من العمّال، بخلاف ما كان سابقاً.
ويرى فريق آخر من المنظّرين أن الحل يكمن في زيادة عدد السكان، إما عبر حث الناس على إنجاب المزيد من الأطفال، أو عبر تشجيع الهجرة، لكن الكاتب يرى أنه ومع تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة، وزيادة حدّة الدعوات "المناهضة للمهاجرين"، فإن هذا الحل يبدو "ضرباً من الخيال".
ومع ذلك، يقدّم بيناناف منهجين "معقولين" للتعامل مع الركود العالمي، الأول في زيادة إنفاق الدول رغم العجز في الميزانية. أملاً في تحفيز النمو، خاصة إذا تم توجيهه نحو الاستثمارات العامة.
النهج الثاني، برأي الكاتب يتمثل في إعادة توزيع الثروة والدخل، إذ يمكن للحكومات فرض ضرائب أعلى على الأغنياء وإعادة توزيع الدخل على بقية أفراد المجتمع، وهذه المهمة، وإن كانت شاقّة، ستحسن الطلب وتعزز الأسواق على المستويين المحلي والدولي. لكن الكاتب يرى أن ذلك يجب أن يترافق مع إجراءات أخرى لتحسين نوعية حياة الناس في المجتمع، مثل إصلاح النظم البيئية، وإعادة تأهيل البنى التحتية.
يختم الكاتب بالقول، إن كل تلك الحلول "لن تؤدي تلقائياً إلى تحقيق الاستقرار العالمي، إذ ستنشأ صراعات سياسية جديدة مع تبلور هذا المستقبل الجديد، لكن الأمر يبدو جديراً بالمحاولة".
رُبّ ضارة نافعة

في صحيفة الغارديان، نقرأ مقالاً للكاتب بول تايلور، يقدّم فيه رؤية لما يُفترض على القادة الأوروبيين أن يفعلوه في مواجهة الظروف الجديدة التي فرضها وصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، وتحويل ذلك إلى فرص يستفيد منها الاتحاد الأوروبي.
يستعرض تايلور، الحالة التي تواجه الأوروبيين منذ تولي ترامب الرئاسة قبل ثلاثة أشهر، فترامب فرض رسوماً جمركية "عقابية" على السلع الأوروبية، وشكك في التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها في الناتو، و"تودد" للرئيس الروسي بوتين، و"أهان" الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وحاول "تسوية الحرب في أوكرانيا بشروط من شأنها تقويض الأمن الأوروبي".
لكن الكاتب يرى أن هناك منطقة رمادية وسط هذه "الغمامة السوداء"، إذا ما أجاد الأوروبيون "لعب الأوراق"، واستطاعوا التغلب على الحواجز التي تعيق الاتحاد عن الوصول إلى حالة "التكاملية".
يلخص الكاتب الفرص المتأتية للأوروبيين في الظروف الراهنة لـ "جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى"، ويقول إن هناك فرصة لاستكمال توحيد أسواق رأس المال الأوروبية والمصارف، وتوقيع اتفاقيات تجارية مع دول وأقاليم حول العالم بحثاً عن "شركاء ملتزمين بتخفيض الرسوم الجمركية بدلاً من استخدامها كأسلحة".
كما يمكن للأوربيين تطوير إمكانيات دفاعية مشتركة لـ "تقوية الجناح الأوروبي في حلف الناتو بحيث يمكنه الدفاع عن المصالح الأوروبية في حال انسحبت الولايات المتحدة أو نأت بنفسها"، إضافة إلى تزويد أوكرانيا بدعم عسكري أكبر لتقوية موقفها قبل أي مفاوضات.
كما تلوح فرص أخرى في هذا السياق، مثل توسيع الشراكات الاقتصادية مع دول متوسطة ومحدودة الدخل ترى في الاتحاد الأوروبي "أكثر موثوقية" من الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين، إضافة إلى توفير برامج تأشيرات خاصة لجذب العلماء الأمريكيين والعاملين في المجالات التقنية "الفارّين من حملة ترامب القمعية ضد الجامعات"، على حد تعبير الكاتب.
يقول تايلور إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، وتقليصه المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للدول الأخرى، و"إنهاء الدعم الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان حول العالم"، كلها عوامل أدّت إلى زيادة الرغبة في المشاركة الأوروبية لسدّ الفجوات التي تركتها الولايات المتحدة، وبناء علاقات مستدامة.
يرى الكاتب أن التكامل الأوروبي يميل إلى التسارع في أوقات الأزمات، وإلى التباطؤ خلال فترات انحسار الضغوط. ويقول إن الاتحاد الأوروبي يواجه الآن تحديين وجوديين، الأول يتمثل في بوتين، والثاني في ترامب، إضافة إلى تحدٍ داخلي ثالث يتمثل في تصاعد الفكر القومي الذي قد "يمزق الاتحاد".
يختم تايلور بالقول إن على الزعماء الأوروبيين أن يستثمروا "رأس مالهم السياسي" بشكل حاسم لتحويل "كارثة ترامب إلى فرصة لأوروبا"، على حد تعبيره.
حمية غذائية، وأخرى مالية

ونقرأ في وول ستريت جورنال، مقالاً للكاتبة أليسيا فينلي، تتساءل فيه عن العلاقة بين قسائم الطعام التي توفرها الحكومة الأمريكية للفئات محدودة الدخل، وزيادة معدلات السمنة بين الأمريكيين.
تقول الكاتبة إن السلطات في ولايات إنديانا وأركنساس وأيداهو، طلبت من وزارة الزراعة الأمريكية إعفاءً يسمح باستبعاد أصناف مثل المشروبات الغازية والسكاكر والأطعمة المحلّاة، من فئات الأطعمة التي يمكن شراؤها عبر قسائم الطعام.
تستعرض الكاتبة في هذا السياق، دراسات تخلص إلى أن الأشخاص الذين يعتمدون على قسائم الطعام يأكلون طعاماً صحيّاً بدرجة أقل من بقية الأمريكيين محدودي الدخل.
فوفقاً لتقارير صادرة عن مركز دراسات "المساءلة الحكومية" الأمريكي، فإن قسائم الطعام تُنفَق على المشروبات الغازية والحلويات أكثر من الفواكه والخضراوات، إذ تشكّل المشروبات المُحَلّاة والسكاكر نحو 11 في المئة من حجم إنفاق قسائم الطعام.
تؤكد الدراسات ذلك. فوفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة المساءلة الحكومية، تُنفَق أموال قسائم الطعام على المشروبات الغازية والحلويات أكثر من الفواكه والخضراوات والبيض والمعكرونة والفاصوليا والأرز مجتمعة. وتمثل المشروبات المحلاة والحلوى وحدها 11% من إنفاق قسائم الطعام.
وفي دراسة نشرتها دورية الجمعية الطبية الأمريكية في عام 2018، تبيّن أن غير المستفيدين من قسائم الطعام تناولوا غذاء أفضل من المستفيدين، وتحسنت أنظمتهم الغذائية بشكل أكبر بمرور الوقت.
تتساءل الكاتبة: هل هذا يعني أن قسائم الطعام تسبب السمنة؟، فتجيب بلا. لكن هناك احتمالية بأن يميل الأشخاص لشراء المزيد من الأطعمة السيئة صحيّاً حين تقدّم الحكومة المزيد من الأموال لهم لإنفاقها، وترى أن الأمريكيين لا يعانون من مشكلة الجوع، بل على العكس تماماً، إذ يعاني ثلاثة أرباع المستفيدين من قسائم الطعام من زيادة الوزن أو السمنة، كما أن عدداً أكبر من الأمريكيين يموتون بسبب أمراض ناجمة عن الإفراط في تناول الطعام أكثر من الأسباب المرتبطة بالجوع، ومع ذلك، تواصل الحكومة، برأي الكاتبة، تقديم الدعم للناس لتناول المزيد من الأطعمة غير الصحية.
تقدم الكاتبة وجهة نظر أخرى في هذا السياق، لكن من "زاوية أوسع"، إذ تشير إلى أن المشكلة الأكبر هي أن الحكومة تشجع الناس على "التساهل والكسل"، إذ لا يُشترط على الفرد العمل ليكون مؤهلاً لبرامج الرعاية الاجتماعية، كما أنه قد يفقد هذه الأهلية إذا عمل لأوقات إضافية.
تقول الكاتبة إن عدد المستفيدين من برنامج قسائم الطعام زاد بنسبة 50 في المئة مقارنةً بعام 2008، وتضاعف الإنفاق ثلاث مرات تقريباً، وفي عام 2021، رفعت إدارة بايدن مخصصات البرنامج بنسبة 27 في المئة بالمتوسط.
تختم الكاتبة بالقول إنه لا يمكن إلقاء اللوم على برنامج واحد في زيادة الدين الحكومي البالغ 36.7 تريليون دولار، فـ "الإنفاق الحكومي يتراكم مثل السعرات الحرارية والباوندات، وعلى واشنطن اتّباع حمية لتصبح الولايات المتحدة أكثر صحة وازدهاراً".
- تعرف على أبرز المصطلحات الاقتصادية التي تشغل العالم بعد إعلان ترامب تعريفاته الجمركية
- هل تستطيع أوروبا سد الفجوة بعد إيقاف الولايات المتحدة الدعم العسكري لأوكرانيا؟
- كيف نحدد العلاج الأنسب للسمنة؟
