رضا الشكندالي: تخفيض الفائدة تحوّل في السياسة النقدية لكن المخاطر الاقتصادية مازالت قائمة

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/68395523c95592.97654589_mqpjohlgifkne.jpg width=100 align=left border=0>


غطّى أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي، في حوار مطوّل على إذاعة Express FM ضمن برنامج «إيكو ماغ»، أبرز المؤشرات الاقتصادية لسنة 2025، وتداعيات قرار البنك المركزي التونسي التخفيض في نسبة الفائدة المديرية، إلى جانب تقييم شامل للوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في تونس، واستشراف آفاق سنة 2026.




ذكّر الشكندالي بأن مجلس إدارة البنك المركزي قرّر، خلال اجتماعه الأخير، التخفيض في نسبة الفائدة المديرية بـ 50 نقطة أساس لتبلغ 7 بالمائة بداية من 7 جانفي 2026، وهو التخفيض الثاني خلال سنة 2025 بعد مراجعة مارس الماضي، ما يجعل إجمالي التخفيضات في حدود 100 نقطة أساس.




واعتبر أن هذا القرار يعكس تراجعًا واضحًا عن السياسة النقدية الحذِرة التي انتهجها البنك المركزي خلال السنوات الأخيرة، مؤكّدًا أن المجلس بدأ يقتنع بأن التضخم في تونس مرتبط بالاقتصاد الحقيقي أكثر من ارتباطه بالسياسة النقدية.

وأشار إلى أن هذا التوجّه سيكون إيجابيًا للتونسيين عبر التخفيف النسبي من الأعباء الشهرية للقروض، كما سيساهم في تقليص كلفة الاستثمار وتحفيز النشاط الاقتصادي.


فسّر الشكندالي القرار بوجود عاملين أساسيين:

* هامش مريح بين نسبة الفائدة المديرية (7%) ونسبة التضخم التي استقرّت في حدود 4.9%، ما يتيح للبنك هامشًا للتحرك نحو سياسة نقدية توسعية.
* سياسة الإقراض المباشر للدولة، التي تتمتع بفترة إمهال تمتد إلى ثلاث سنوات، وهو ما يعني أن آثارها التضخمية لن تظهر إلا لاحقًا، ما يمنح البنك المركزي متّسعًا من الوقت.

وأكد في المقابل أن هذه السياسة تبقى مشروطة بتوجيه القروض نحو الاستثمار العمومي لا النفقات الاستهلاكية، محذّرًا من أن توجيه جزء هام من القروض لتمويل الاستهلاك سيؤدي إلى ضغوط تضخمية قوية في السنوات القادمة.


النمو الاقتصادي: أضعف أداء عربي

توقّف الشكندالي عند نسب النمو، معتبرًا أن تونس ستنهي سنة 2025 بنسبة نمو تتراوح بين 2.3 و2.6 بالمائة، وهي أضعف نسبة نمو عربيًا، وأقل بكثير من الفرضيات المعتمدة في قانون المالية (3.2%).

وأوضح أن هذا الأداء الضعيف سيؤثر سلبًا على الموارد الجبائية ويُضعف سياسة الاعتماد على الذات، خاصة وأن محركي الاستثمار والتصدير شبه متوقفين، في حين يعتمد النمو أساسًا على الاستهلاك الخاص، وهو نمط غير قابل للاستدامة.

وأشار إلى أن الفلاحة والسياحة تواصلان لعب دور أساسي في النمو، لكنهما قطاعان هشّان مرتبطان بالمناخ والظرف الدولي، في حين اعتبر أن عودة إنتاج الفوسفات تمثل إحدى النقاط الإيجابية القليلة القادرة على دعم النمو والموجودات من العملة الصعبة.


البطالة: ارتفاع مقلق لدى الشباب والنساء

بيّن الشكندالي أن نسبة البطالة بلغت حوالي 15.4 بالمائة، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ لدى الشباب والنساء، وخاصة حاملي الشهائد العليا.

وانتقد التوجّه نحو الانتداب المكثف في الوظيفة العمومية، معتبرًا أنه لا يمثل حلًا جذريًا للبطالة، لأنه لا يقوم على خلق الثروة، بل يثقل كاهل ميزانية الدولة ويغذّي الطلب دون دعم العرض.

وشدّد على أن معالجة البطالة تستوجب تنشيط الاستثمار الخاص وتحريك القطاعات المنتجة، لا الاكتفاء بالحلول الإدارية.



العجز التجاري والمديونية: مؤشرات مقلقة

توقف الشكندالي عند تفاقم العجز التجاري إلى أكثر من 20 مليار دينار خلال الأشهر الـ11 الأولى من سنة 2025، معتبرًا أن السبب الرئيسي يعود إلى ركود الصادرات مقابل تواصل ارتفاع الواردات.

كما عبّر عن قلقه من ارتفاع المديونية الخارجية، مشيرًا إلى أن تونس تُصنّف ضمن أكثر عشر دول إفريقية مديونية، مع تسجيل أضعف نسب نمو مقارنة بدول مماثلة، وهو ما يزيد من هشاشة الوضع المالي.


التصنيفات والمؤشرات الدولية

لفت الشكندالي إلى تراجع تونس في مؤشرات الحرية الاقتصادية، وتصنيفها ضمن الدول ذات المخاطر الائتمانية المرتفعة، ما يضعف جاذبيتها للاستثمار.

وأكد أن تحسين هذه المؤشرات يمرّ حتمًا عبر إصلاح مناخ الأعمال، وتبسيط الإجراءات، وحذف التراخيص غير الضرورية، مع الإسراع في تفعيل الاستراتيجيات الحكومية المعلنة.


تشخيص عام وآفاق 2026

وصف الشكندالي سنة 2025 بأنها سنة صعبة اقتصاديًا، لكنها قد تمهّد لمرحلة أفضل في 2026، مستندًا إلى توقّعات إيجابية تتعلق بـ:

* تحسّن النمو لدى الشركاء الأوروبيين
* تراجع أسعار النفط والمواد الأساسية
* تحسّن الظرف الدولي بصفة عامة

وختم بالقول إن الفرص متاحة، لكن استغلالها يظلّ رهين جرأة الإصلاحات الاقتصادية وقدرة الدولة على توجيه السياسات نحو خلق الثروة وتحقيق نمو مستدام.

   تابعونا على ڤوڤل للأخبار تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments

0 de 0 commentaires pour l'article 321174

babnet