ادّعت أنها تتحدّث مع أرواح الأنبياء: جدل واسع في تونس حول أكاديمية "الطاقة الإيجابية"

أثار بث مباشر على منصات التواصل الاجتماعي في تونس جدلاً واسعًا، بعد أن ظهرت فيه امرأة تدّعي أنها تستحضر أرواحًا "أثيرية" لأنبياء ورسل، وتتواصل معهم عبر جلسات خاصة. الفيديو الذي انتشر كالنار في الهشيم على مختلف المنصات الرقمية، أثار استنكارًا واسعًا بين رواد الإنترنت، ودفع بالعديد إلى التساؤل عن حقيقة هذه الادعاءات والإطار القانوني الذي تتحرك فيه مثل هذه الممارسات.
كيف بدأت القصة؟
كيف بدأت القصة؟
في بث مباشر جمع آلاف المشاهدين، ظهرت امرأة في قاعة محاضرات داخل أحد النزل بتونس، مرتدية ثوبًا أبيض وتحيط بها مجموعة من الأشخاص. أعلنت أنها بصدد تنفيذ "جلسة لاستحضار الأرواح الأثيرية"، وهو مفهوم يرتبط بعالم "الطاقة الروحية" و"الإسقاط النجمي"، حيث يُزعم أن الجسد الأثيري للإنسان يمكنه الانفصال عن الجسد المادي والتنقل بين الأبعاد المختلفة.
لكن الصدمة الكبرى جاءت عندما زعمت المتحدثة أنها تتواصل مع سيدنا يوسف عليه السلام، وأنه يجيب عن أسئلتها ويتحدث عن مستقبل تونس والعالم. كما أشارت إلى وجود "رماديين" قادمين إلى الأرض، وهو مصطلح يرتبط في نظريات المؤامرة بالكائنات الفضائية.
استنكار واسع وسخرية لاذعة
ما إن انتشر الفيديو، حتى اجتاحت ردود الفعل الساخرة والمستنكرة وسائل التواصل الاجتماعي. الكرونيكور آمال العمدوني في برنامج "ويكند على الكيف" بإذاعة الديوان علّقت على الواقعة، واصفة ما حدث بأنه أشبه بـ"فيلم هوليودي بامتياز"، متسائلة عن مدى جدية الأشخاص الذين شاركوا في الجلسة وصدقوا ما قيل فيها. وقالت: "لم أجد الكلمات لوصف هذا اللايف المشؤوم. كيف يمكن لشخص أن يستخف بعقول الناس إلى هذا الحد؟ وكيف يمكن الحديث عن الأنبياء والرسل بهذه الطريقة؟"
وأضافت: "الأمر لا يتعلق فقط بالخرافات، بل أيضًا بعملية ممنهجة لاستغلال الناس واستنزاف أموالهم عبر ما يُسمى بأكاديميات الطاقة والاستشفاء الذاتي."
ظاهرة قديمة تعود بوجه جديد
يرى البعض أن هذه الظاهرة ليست جديدة، وإنما امتداد لموجات سابقة من "التنمية البشرية" التي انتشرت في تونس بعد عام 2011، عندما أصبحت الدورات التدريبية الخاصة بـ"تحفيز الذات" و"تطوير المهارات الطاقية" تلقى رواجًا كبيرًا. لكن الجديد في هذه الموجة، وفق ما أشار إليه المحللون، هو دخولها في بعد "ماورائي"، وربطها بالروحانيات والغيبيات بطريقة غير مسبوقة. أكاديميات طاقية... تجارة تحت غطاء الاستشفاء؟
اللافت في الأمر أن هذه المرأة ليست الوحيدة في هذا المجال، بل توجد أكاديميات ومراكز تكوين خاصة تدّعي تقديم علاجات واستشارات روحية، مقابل مبالغ مالية هامة. وتساءلت آمال العمدوني خلال البرنامج: "هل هذه الأكاديميات مرخّصة؟ ومن يراقبها؟ وهل تخضع هذه الدورات لقوانين واضحة؟" في تونس، لا يوجد قانون محدد يعاقب على ممارسات الشعوذة أو السحر، ولكن القانون الجنائي التونسي يعتبرها ضمن باب "جرائم التحيل"، حيث ينص الفصل 291 على عقوبة بالسجن والغرامة لكل من يستخدم وسائل احتيالية لإيهام الناس بوجود مشاريع وهمية أو قدرات غير حقيقية.
مطلب بتدخل الدولة
مع تصاعد الجدل، دعا العديد من الناشطين السلطات التونسية إلى التحرك وإيقاف هذه الممارسات التي وصفوها بـ"الاحتيال على الضعفاء". وختمت الإعلامية آمال حديثها بمقولة ابن خلدون:
عندما تنهار الدول يكثر المنجمون، والمُتسوِّلون، والمنافقون والمُدَّعون والكتبة والقوالون والمغنون النشاز، والشعراء النّظامون، والمُتصعلكون، وضاربو المنّدل، وقارعو الطبول والمتفقهون، وقارئو الكف والطالع والنازل، والمُتسيّسون والمدّاحون والهجاؤون وعابروا السبيل والانتهازيون.
مضيفة: يجب أن يكون هناك تحرك قانوني واضح لوضع حد لمثل هذه الظواهر التي تستخف بعقول الناس وتستنزف أموالهم.
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 305252