أسباب النزول

نزلت سورة قريش في قريش وذكر نعم ومنّة الله تعالى عليهم، وكيف أنّه أمّنهم من الخوف ويسر لهم الرزق والأمان سواء أثناء إقامتهم في مكة غلى جوار بيت الله الحرام أم أثناء ترحالهم وسفرهم، وكيف أنّ الله تعالى ميّز قريش بعددٍ من الخصال التي لم تكن لغيرهم، قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: فضَّل اللهُ قُريشًا بسَبْعِ خِصالٍ فضَّلهم بأنَّهم عبَدوا اللهَ عَشْرَ سِنينَ لا يعبُدُه إلَّا قُرَيشٌ وفضَّلهم بأنَّه نصَرهم يومَ الفيلِ وهم مُشرِكونَ وفضَّلهم بأنَّه نزَلَتْ فيهم سورةٌ مِن القُرآنِ لَمْ يدخُلْ فيهم غيرُهم {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: 1] وفضَّلهم بأنَّ فيهم النُّبوَّةَ والخِلافةَ والحِجابةَ والسِّقايةَ.

هناك مناسبة بين نزول سورة قريش بعد سورة الفيل، حيث أن كلا منهما تضمن ذكر نعمة من نعم الله على أهل مكة فالأولى تضمنت إهلاك عدوهم الذي جاء ليهدم بيتهم وهو أساس مجدهم وعزهم والثانية ذكرت نعمة أخرى هي اجتماع أمرهم، والتئام شملهم، ليتمكنوا من الارتحال صيفا وشتاء في تجارتهم، وجلب الميرة لهم. ولوثيق الصلة بين السورتين كان أبي بن كعب يعتبرهما سورة واحدة، حتى روي عنه أنه لم يفصل بينهما ببسملة. فهذه السورة تبدو امتداد لسورة الفيل قبلها من ناحية موضوعها وجوها، ولذلك قال أبي بن كعب: “مَنْ قَرَأَ فِي فَرِيضَةٍ سُورَةَ الْفِيلِ فَلْيَقْرَأْ مَعَهَا لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ فَإِنَّهُمَا جَمِيعاً سُورَةٌ وَاحِدَةٌ”.

هل سورة قريش مكية أم مدنية؟
سورة قريش سورة مكية نزلت قبل هجرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وترتيبها في المصحف الشريف السورة رقم مئة وستة، وتتحدث هذه السورة عن اجتماع النعم على قريش، كما تذكر الإيلاف في رحلتي الشتاء والصيف، وتذكر عظيم الرزق والنعمة التي أنعمها الله تعالى على أهل مكة من هذا الإيلاف، وكيف أنّ الله تعالى أمّنهم من الخوف سواء كانوا إلى جوار بيت الله الحرام أم في رحلاتهم وأسفارهم.

سبب تسمية سورة قريش


الباحث في كتب التفاسير يجد أن لهذه السورة اسمين اثنين, فكان يطلق على هذه السورة في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والخلفاء اسم (لإيلاف قريش)، أمّا في كتب التفسير اللاحقة فقد أطلق عليها اسم (قريش)؛ لأنّها السورة الوحيدة التي احتوت على هذه الكلمة من جميع سور القرآن الكريم، ومهما اختلف الاسمين فإنهما جاءان في ذكر أُلفة أهل قريشٍ فيما بينهم، والتفافهم حول بعضهم لحماية قبيلتهم من أي عدوانٍ خارجيّ، وقد تجلّت هذه الألفة في مواجهة أبرهة الأشرم عندما جاء ليهدم الكهبة المشرفة، فوقف أهل قريش في وجهه، وتعاونوا فيما بينهم.

فضل سورة قريش


لسورة قريش فضلٌ كبير وفوائد كثيرة، وهي سورة عظيمة فيها ذكرٌ للنعم التي أنعمها الله -سبحانه وتعالى- على قبيلة قريش، حيث قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم:‏ “مَنْ قَرَأَ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ فَأَكْثَرَ مِنْ قِرَاءَتِهَا بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَرْكَبٍ مِنْ مَرَاكِبِ‏ الْجَنَّةِ حَتَّى يَقْعُدَ عَلَى مَوَائِدِ النُّورِ.

مما يدل على استحباب قراءة سورة قريش في الصلوات اتباعًا لصحابة رسول الله:

“صلَّى بنا عمرُ المغربَ فقرأ في الأولى ب { التِّينِ وَالزَّيتُونِ } وفي الثانيةِ { أَلَمْ تَرِ كَيْفَ } و{ لِإيلَافِ قُرَيشٍ }.
وافَيتُ المَوسِمَ مع أميرِ المؤمنينَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، فلمَّا انصرَفَ إلى المَدينةِ انصرَفتُ معه، فصَلَّى لنا صَلاةَ الغَداةِ، فقَرَأَ فيها: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}، و: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}، ثُمَّ رَأى أُناسًا يَذهَبونَ مَذهَبًا، فقال: أين يَذهَبونَ هؤلاء؟ قالوا: يَأتونَ مَسجِدًا هاهُنا صَلَّى فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: إنَّما أهلَكَ مَن كان قَبلكم بأشْباهِ هذا؛ يَتَّبِعونَ آثارَ أنبيائِهم، فاتَّخَذوها كَنائسَ وبِيَعًا، مَن أدرَكَتْه الصَّلاةُ في شيءٍ مِن هذه المساجدِ التي صَلَّى فيها رسولُ اللهِ فليُصَلِّ فيها ولا يَتعمَّدَنَّها.
من فضل هذه السورة أنّها تبين أن نعم الله التي يُنعمها على عبادة كثيرة، وأفضل هذه النعم من بعد الإيمان نعمتَيْ: الغذاء والأمن، وهما نعمتان كبيرتان توجبان الشكر، ومن فضلها أيضًا أنّها ترشد العباد إلىه شكر هذه النعم؛ لأنّ بقاء النعم ودوامها يدوم بشكر الله تعالى والإخلاص له في العبادة وطاعته واجتناب نواهيه وعبادة رب البيت، كما أنّ شكر هذه النعم يكون بجميع الطرق، أي الشكر بالقلب والقول والفعل، وأنّ ذهاب هذه النعم يكون بالمعاصي والذنوب.، أمّا فيمن يذكر أن سورة قريش أمانٌ لكل خائف عند قراءتها، فلم يرد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- دليلٌ على ذلك، لكنها سورة عظيمة تحمل الكثير من البشائر.

سورة قريش - سورة 106 - عدد آياتها 4


بسم الله الرحمن الرحيم

  1. لِإِيلافِ قُرَيْشٍ

  2. إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ

  3. فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ

  4. الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ