أسباب النزول

وردتْ في سبب نزول سورة الفيل رواية واحدة وتقول: إنَّ سبب نزول سورة الفيل هي قصة أصحاب الفيل، وهي قصة حدثت قبل الإسلام في العام الذي وُلِدَ فيه سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بدليل حديث المطلب بن حنطب وُلِدْتُ أنَا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عامَ الفيلِ، قال : وسأل عثمانُ بنُ عفانَ قُبَاثَ بنَ أَشْيَمَ أخا بني يَعْمُرَ بنِ لَيْثٍ : أَأَنْتَ أَكْبَرُ أم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ؟ قال : رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أكبرُ مِنِّي، وأنَا أَقْدَمُ منه في المِيلادِ [ وُلِدَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عامَ الفيلِ، ورَفَعَتْ بي أمي على المَوْضِعِ ]، قال : ورَأَيْتُ خَذْقَ الطيرِ أَخْضَرَ مُحِيلًا.

سورة الفيل

تدور أحداث القصة حول الملك الحبشي أبرهة وجيشه الذي دعَّمَهُ بالفيلة وأرسله إلى مكة المكرمة ليهدم الكعبة، ويجعلَ له قبلةً يحج الناس إليها في اليمن وهي “كنيسة القليس”، فسار أبرهة بالجيش إلى مكة واستطاع أن يهزم كلَّ القبائل التي واجهته في طريقه لهدم الكعبة، وعندما وصلَ وقرر دخول مكّة وهيأ الفيل ليسلّطه على الكعبة ليهدمها، أبى ذلك الفيل أن يمسَّ بيت الله تعالى بأذى معجزةً من الله تعالى ودليلًا على عظمة الخالق وقدرته، وقد وردت هذه القصة كاملة في قولهِ تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ”.

هل سورة الفيل مكية أم مدنية؟
تعدُّ سورة الفيل واحدة من السور المكية التي نزلتْ على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بواسطة الوحي الأمين جبريل -عليه السلام- في مكة المكرمة، وجدير بالذكر أنّها نزلتْ بعد “سورة الكافرون” مباشرة.

سبب تسمية سورة الفيل


تختلفُ أسباب التسمية في سور القرآن الكريم باختلاف السورة، وبالنظر في أسباب تسمية السور القرآنية بشكل عام، فإنّه يمكن حصر أسباب التسمية في سببين اثنين على الغالب، هما:

السبب الأول: تُسَمّى كثير من الآيات القرآنية بأسماء كلمات مميزة ترد في سياق آياتها أو في مطلعها، والغالب يُسمّى بأسماء مطالعها، ومثال هذه الآيات: سورة الواقعة وهي سورة سُمِّيت بمطلعها، حيث يقول تعالى في بدايتها: “إذا وقعتِ الواقعة”، ومثلها سورة الغاشية والقارعة والنبأ، وغيرها.
السبب الثاني: وتُسَمّى بضع السور القرآنية بأسماء قصص رئيسية وردتْ في آياتها، حيث تدور آيات هذه السورة حول هذه القصة مما يؤدي إلى تسمية هذه السورة باسم هذه القصة، وهذا مثل سورة البقرة، وسورة النمل، سورة يوسف وغير ذلك.
وفيما يخصُّ سورة الفيل تحديدًا فهي تندرج تحت حكم السبب الثاني، فقد سُمِّيت بهذا الاسم لورود قصة فيل أبرهة الحبشي فيها، وهي وسورة قصيرة تحدّثتْ عن قصة أبرهة الحبشي والجيش الذي بعثه ليهدم الكعبة معززًا بالفيلة، ولهذا سُمِّيت سورة الفيل بهذا الاسم.

فضل سورة الفيل


بعد الحديث عن سبب نزول سورة الفيل لا بدَّ من المرور على فضل هذه السورة العظيمة، وفيما يخصُّ هذه الأمر، يمكن القول إنَّ فضل هذه الصورة يقع تحت حكم فضل القرآن الكريم بشكل عام، فالقرآن الكريم هو كتاب متعبَّد بتلاوته، وهذا التعبّد يكمن في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حين قال: “منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ: آلم حرفٌ، ولكنْ ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ ولام حرف”.

وأمَّا في التخصيص في فضل سورة الفيل تحديدًا فلم يردْ في فضلها أي حديث صحيح، وكلُّ الأحاديث التي تخصُّ آيات هذه السورة بالفضل كانت ضعيفة أو موضوعة أو منكرة، مثل حديث: مَن قرأَ سورةَ الفيلِ أعفاهُ اللَّهُ من المسخِ والخسفِ.

ويُفضل قراءة سورة الفيل في الفجر لما ورد عن المعرور بن سويد: خرجنا مع عمرَ في حجَّةٍ حجَّها ، فقرأ بنا في الفجرِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعْلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ و لِإيلَافِ قُرَيْشٍ ، فلمَّا قضَى حجَّه ورجع والنَّاسُ يبتدِرون ، فقال : ما هذا ؟ فقال : مسجدٌ صلَّى فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقال : هكذا هلك أهلُ الكتابِ ، اتَّخذوا آثارَ أنبيائِهم بِيَعًا ! من عرَضتْ له منكم فيها الصَّلاةُ ، فليُصَلِّ ، ومن لم يعرِضْ له منكم فيه الصَّلاةُ فلا يُصَلِّ.

ويمكن إظهار فضل هذه السورة العظيمة من خلال دورها في تبيين عقاب من يتعرّض لبيت الله الحرام بسوء، فالله خير حافظًا، وفي السورة من الوعيد ما فيها، فهي تحذّرُ وتضرب قصة أصحاب الفيل مثلًا وعبرة وموعظة لكلِّ من سيأتي بعدهم.

سورة الفيل - سورة 105 - عدد آياتها 5


بسم الله الرحمن الرحيم

  1. أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ

  2. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ

  3. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ

  4. تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ

  5. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ