
قتلى في اشتباكات حدودية بين باكستان وأفغانستان وسط تصاعد التوترات بين الجانبين
اندلعت اشتباكات عنيفة جديدة بين القوات الباكستانية وعناصر من حركة طالبان الأفغانية قرب معبر سبين بولدك – تشامان الحدودي، في واحدة من أسوأ المواجهات منذ بدء محاولات التهدئة بين الجانبين قبل نحو شهرين.
وأفاد مسؤولون محليون في قندهار بأن أربعة مدنيين قُتلوا، فيما أُصيب أربعة آخرون عندما سقطت قذائف على منازل قريبة من خط التماس. كما سُجلت ثلاث إصابات داخل الأراضي الباكستانية، وفق تقارير إعلامية محلية.
وقالت مصادر طبية لبي بي سي، بإن جثث الضحايا وصلت إلى مستشفى قندهار بعد ساعات من توقف الاشتباكات التي اندلعت قرابة الساعة 22:30 بالتوقيت المحلي مساء الجمعة، واستمرت نحو أربع ساعات، استخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والثقيلة.
وأكد الجانبان وقوع اشتباكات، لكنهما تبادلا المسؤولية عن بدء إطلاق النار.
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، إن قوات طالبان "أطلقت النار بصورة غير مبررة" على مواقع باكستانية.
وأضاف "تم توجيه رد فوري وحاسم من قبل قواتنا المسلحة، وستظل باكستان يقظة تماماً في حماية أراضيها وسلامة مواطنيها."
في المقابل، قال المتحدث باسم حكومة طالبان إن الجيش الباكستاني هو من "بدأ الهجوم مرة أخرى"، مؤكداً أن القوات الأفغانية "اضطرت إلى الرد".
وأظهرت لقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي فرار عشرات العائلات الأفغانية سيراً على الأقدام أو في سيارات مكتظة نحو عمق محافظة قندهار.
وقال علي محمد حقمل، رئيس دائرة الإعلام في قندهار، إن القوات الباكستانية استخدمت المدفعية الثقيلة، وإن عدة منازل تضررت بقذائف الهاون، مشيراً إلى أن بعض الضحايا من المدنيين كانوا داخل منازلهم لحظة سقوط القذائف.
تأتي هذه الاشتباكات بعد أقل من شهرين على اتفاق لوقف إطلاق النار تم بوساطة قطر وتركيا، وأنهى حينها أكثر من أسبوع من المواجهات الدامية التي اعتُبرت الأسوأ منذ عودة طالبان إلى الحكم عام 2021.
وخلال تلك الجولة من الاشتباكات، قُتل العشرات من الجانبين، وتضررت البنية التحتية حول معبري تشامان وسبين بولدك، ما أدى إلى إغلاق الطريق التجاري الحيوي بين البلدين لعدة أيام.
ورغم التوصل إلى وقف النار، ظل التوتر قائماً، خصوصاً مع تجدد تبادل الاتهامات بين الطرفين.
وتتهم إسلام آباد الحكومة الأفغانية بإيواء مقاتلين من حركة تحريك طالبان باكستان، التي تتهمها الحكومة الباكستانية، بشن أكثر من 600 هجوم خلال العام الماضي ضد قوات الأمن.
وتنفي طالبان الأفغانية ذلك، وتقول إن باكستان تسعى إلى "تحميل الآخرين مسؤولية فشلها الأمني الداخلي"، وهي تهمة تكررها الحركة منذ انهيار الحكومة الأفغانية السابقة عام 2021.
لطالما مثّل خط دوراند، الممتد على طول 2,600 كيلومتر، نقطة احتكاك تاريخية بين البلدين. فالحدود التي رسمتها بريطانيا في القرن 19، لا تعترف بها الحكومات الأفغانية رسمياً، بينما تصر باكستان على أنها حدود دولية ثابتة.
وازدادت المواجهات منذ عام 2022 عندما بدأت باكستان بناء سياج حدودي لمنع تسلل المسلحين، وهو ما اعترضت عليه طالبان مراراً.
كما شهدت المنطقة سلسلة اشتباكات مماثلة منتصف عام 2024 وفي بداية 2025، حين استهدف الجيش الباكستاني ضربات جوية داخل أفغانستان قال إنها موجهة ضد عناصر حركة تحريك طالبان باكستان، مما أثار ردوداً عنيفة من طالبان على مواقع حدودية باكستانية.
وقبل أيام فقط من تجدد القتال، عقدت وفود من الطرفين جولة رابعة من المحادثات في السعودية لبحث اتفاق أمني أوسع، لكن مصادر مطلعة على المفاوضات قالت لبي بي سي إن المحادثات لم تحقق تقدماً ملموساً، رغم الاتفاق المبدئي على الاستمرار في الحفاظ على وقف إطلاق النار.
ويخشى مراقبون أن يؤدي استمرار الاشتباكات إلى انهيار مسار التهدئة الذي رعتْه عدة دول خلال العامين الماضيين، وأن تتجه المنطقة إلى جولة جديدة من العنف المتبادل، خصوصاً مع تصاعد نشاط الجماعات المسلحة وغياب آلية دبلوماسية ثابتة لإدارة الخلافات الحدودية.
وتشكّل هذه التطورات مصدر قلق للسكان المحليين الذين يعتمدون على المعابر الحدودية في أعمالهم اليومية وتنقلاتهم وعلاجهم.
ويؤثر إغلاق الحدود المتكرر على القوافل التجارية بين كويتا وقندهار، ويعطّل الإمدادات الغذائية والدوائية في مناطق أفغانية تعاني أصلاً من أزمة إنسانية حادة.
ويرى محللون أن استمرار تبادل إطلاق النار، مهما كان محدوداً، قد يدفع الوضع نحو مزيد من الفوضى، خاصة في ظل هشاشة الاتفاقات الأمنية وغياب الثقة بين الطرفين.
- باكستان تؤكد موافقتها على "وقف إطلاق نار مؤقت" مع أفغانستان، ماذا حدث؟
- ماذا يعني صعود طالبان للحكم في أفغانستان بالنسبة لباكستان؟
- محادثات عسكرية هندية باكستانية لتجنّب حرب شاملة بين البلدين


أم كلثوم - أمل حياتي