المرصد الاجتماعي التونسي: تصاعد خطير للعنف في تونس… والمدرسة تتحول إلى ساحة هشاشة اجتماعية
كشف تقرير المرصد الاجتماعي التونسي لشهر نوفمبر عن منحى مقلق لانتشار العنف في البلاد، واصفًا الشهر بأنه "شهر العنف التربوي بامتياز"، بعد تسجيل سلسلة من الحوادث التي هزّت الرأي العام وأعادت طرح أسئلة جوهرية حول الأمن داخل المؤسسات التربوية وحول السياقات الاجتماعية التي تنتج هذا السلوك.
المدرسة في قلب العاصفة
المدرسة في قلب العاصفة
سجّل التقرير عددًا من الحوادث الخطيرة داخل المؤسسات التعليمية، من أبرزها:
* اعتداءات بين التلاميذ اتخذت أشكالًا جسدية ولفظية.
* اعتداء تلميذ على أستاذه بقضيب حديدي، في حادثة صادمة تكشف مستوى الانفلات.
* حالة طعن بسكين بين تلميذين داخل إحدى الإعداديات.
* فوضى ورشق بالحجارة داخل معهد نموذجي في سوسة.
* انهيار أسقف حجرات تدريس في جبل الجلود وفرنانة، ما كشف خطورة البنية التحتية.
* تواصل حالات الاختناق في إعدادية شطّ السلام بقابس بسبب التسربات الغازية.
هذه الحوادث مجتمعة تؤشر إلى تراجع الإحساس بالأمان داخل المدرسة، وتحولها في بعض المناطق من فضاء للتربية إلى فضاء هش ومهدد للعاملين والتلاميذ.
العنف يتجاوز المدرسة… مشهد يومي متعدد الوجوه
لم يقتصر العنف على الفضاء التربوي، بل شمل فضاءات أخرى رصدها التقرير:* عنف إجرامي: براكاج، سرقات، اعتداءات جسدية.
* عنف احتجاجي: غلق طرقات، مناوشات، حالات توتر خلال التحركات الاجتماعية.
* عنف بيئي: اعتداءات مرتبطة بالاحتجاج على التلوث أو تدهور المحيط.
* عنف داخل السجون: اعتداءات متبادلة وظروف توتر داخل عدد من الوحدات السجنية.
* عنف داخل المستشفيات ضد الإطارات الطبية وشبه الطبية.
* عنف رقمي وسبراني: تنمّر إلكتروني، حملات تشويه، تسريب معطيات شخصية.
هذه الصورة الشاملة تؤكد أن العنف بصدد التحول إلى سلوك يومي يتخذ أشكالًا متجددة، منها ما يرتبط بالأزمات الاجتماعية ومنها ما يتغذى من التحولات الرقمية.
من يرتكب العنف؟ ومن يدفع الثمن؟
تُظهر بيانات المرصد توزيعات لافتة:* 91% من مرتكبي أعمال العنف رجال
* 7% حالات مختلطة
* 2% فقط نساء
أما بالنسبة للضحايا:
* 51% رجال
* 20% نساء
* 29% حالات مختلطة
الأرقام تعكس اختلالًا واضحًا في بنية العنف، وترسّخًا لثقافة يدخل فيها الرجال بشكل أكبر كمعتدين، مقابل اتساع دائرة الضحايا من الجنسين.
الأسباب العميقة: منظومة اجتماعية تحت ضغط
يؤكد التقرير أن ارتفاع العنف يعود إلى عوامل متشابكة، أهمها:* أزمة اقتصادية خانقة وتراجع القدرة الشرائية.
* ضغط نفسي متزايد في غياب منظومة دعم فعّالة.
* اهتراء البنية التحتية والتهميش في عدد من الجهات.
* تراجع الثقة في مؤسسات الدولة وقدرتها على فرض القانون.
* تنامي العنف الرقمي الذي يعيد إنتاج نفسه في الواقع.
كما يشير إلى أن البيئة التربوية باتت مرآة للمجتمع، تعكس الإحباط، الانفلات، وانعدام الأفق لدى عديد الفئات.





Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 319749