فيلم "ما وراء الواقع" عمل فني توعوي ينبه من خطورة واقع النساء ضحايا العنف
ستيقظ صباحا تلبس سماعة أذنها وتبدأ مرحلة التأهب النفسي ليوم مهم بالنسبة إليها، ثم تغادر المنزل في اتجاه فضاء ما للقيام بمقابلة وما إن تخطو قدمها خارج المنزل يبدأ طرح مسألة العنف المسلط على النساء. هي قصة "حياة" بطلة فيلم "ما وراء الواقع" للمخرج بشير زيان. وهو فيلم قصير توعوي مدته 18 دقيقة من إنتاج هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس ويتناول موضوع العنف المسلط على النساء بطريقة مبتكرة.
عرض هذا الفيلم تزامنا مع الاحتفالات بالعيد الوطني للمرأة التونسية، وذلك خلال أمسية نظمتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس ،أمس الثلاثاء 13 أوت بمدينة الثقافة بالعاصمة.
عرض هذا الفيلم تزامنا مع الاحتفالات بالعيد الوطني للمرأة التونسية، وذلك خلال أمسية نظمتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس ،أمس الثلاثاء 13 أوت بمدينة الثقافة بالعاصمة.
عن فكرة إنتاج محمل فني توعوي صرحت ايمان محمدي منسقة مشروع تونس مدينة آمنة للنساء والفتيات لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بأنه في إطار هذا المشروع قامت الهيئة بإنجاز دراسة حول العنف المسلط على النساء والفتيات في تونس وأنه من ضمن التوصيات التي ضمنتها هذه الدراسة هو تعزيز العمل على الجانب التوعوي ومن هنا جاءت فكرة التوعية بأسلوب فني مبتكر وقادر على الوصول لمختلف الفئات الاجتماعية والشرائح العمرية.
وتدور أحداث "ماوراء الواقع" في سنة 2029 ويتناول بعضا من أشكال العنف وهي الجسدي والنفسي والجنسي والتي تمارس في الفضاء العام المادي والرقمي. وهو فيلم يعتمد في طرحة على ثنائيتي الترميز والمباشراتية ويعتمد في جانب منه على تقنية الواقع المعزز ليصطحب المشاهد في جولة مؤلمة داخل المعيش اليومي للنساء.
ويبدأ العمل على الجانب التوعوي في الفيلم من اختيار اسم الشخصية الرئيسية في حد ذاته، حيث أن كلمة "حياة" ترمز لوجود الإنسان وواقعه بكل ما يختزله من ايجابيات وسلبيات ثم تستهل بطلة الفيلم، وهي حاملة لإعاقة سمعية، رحلتها مع العنف بدءا بنشرة الأخبار في راديو سيارة الأجرة والتي تتضمن إحالة على موضوع قتل النساء وجريمة جديدة من الجرائم التي نستيقظ على أخبارها يوميا. وبعد ذلك يأخذ الفيلم منعرجا أخر فبعد أن كانت تسمع أخبار جرائم العنف تجد نفسها ضحية عنف حيث تدخل المقابلة المنتظرة وهناك تجبر على خوض تجارب محاكاة باستعمال الذكاء الاصطناعي وتكون هذه التجارب أساسا لوضعيات عنف مختلفة.
يشتغل هذا العمل الفني على التوعية من خلال الصدمة حيث يصور مشاهد وإن بدت مألوفة للجميع إلا أنها صادمة حين تعرض للمشاهدة على غرار العنف في وسائل النقل العمومي وصمت جميع الحاضرين أمام ما تتعرض له المرأة والعنف في الفضاء الرقمي وانخراط الناس في هذه الجريمة من خلال التعليقات التي تتضمن محتويات عنيفة وجارحة بدورها.
جسدت دور حياة في هذا العمل الفنانة فاطمة صفر التي نقلت الجمهور معها إلى عالم الفيلم من خلال تعابيرها وتفاعلاتها وكأنها تعيش فعلا حوادث العنف المختلفة.
وحول أدائها لهذه الشخصية وأهمية الفن في مناهضة مثل هذه الظواهر صرحت صفر لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بأن موضوع العنف ضد النساء يمسها بصفتها امرأة وأنها بعد تمثيل مثل المشاهد هذه تشعر بنوع من الفخر لتمكنها من نقل صوت الضحايا بشكل أو بأخر مضيفة بأن التوعية بمثل هذه القضايا هي من أدوار الفن بمختلف تعبيراته.
وتحدث المخرج من جانبه عن التصور الفني المستحدث فبين أنه سعى إلى طرح الموضوع بطريقة مختلفة لم تعتمد من قبل في السينما التونسية وأنه اختار المراوحة بين الواقع والواقع المعزز ليتمكن من التطرق لمختلف أشكال العنف في الآن ذاته دون ربط هذه الأشكال ببعضها حيث يكون الرابط الوحيد هو الشخصية التي تعايش الوضعيات.
وفي إجابة عن سؤال وات حول كيفية الربط بين ثنائية العرض والطلب التي تبنى عليها فكرة انجاز المحامل التوعوية والبعد الفني للعمل أجاب بشير زيان بأنه مهتم بظاهرة العنف المسلط على النساء ويشتغل عليها منذ خمس سنوات بأشكال سينمائية مختلفة كالوثائقيات القصيرة وغيرها، مشير ا إلى أن الإبداع الفني عادة ما يكون نابعا من الإحساس بالموضوع.
وقد حضر أمسية عرض الفيلم عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني والهياكل الوطنية الشريكة في مشروع تونس مدينة آمنة للنساء والفتيات إضافة إلى مجموعة من حاملات وحاملي الاعاقة السمعية وأوليائهم الذين شاركوا خلال نقاش الفيلم وعبروا عن استحسانهم لهذه اللفتة الفنية لخصوصياتهم كأفراد.
كما حضرت التظاهرة إيزادورا دي مورا رئيسة مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس وليبيا وكونسويلو تومي فيرسيدا، ممثلة الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية (AECID) وهي الوكالة الممولة للمشروع. إضافة إلى فريق العمل الفني للفيلم المكون من بشير الزياني وعلي مروان شكّي وفاطمة صفر وبديع شواشي وأحمد ثابت.
واختتمت فعاليات التظاهرة بوصلة موسيقية بدأتها الفرقة بلفتة لروح الفنان الراحل ياسر جرادي من خلال أداء أغنيته "ديمة ديمة".
وتجدر الإشارة إلى أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس تعتزم المشاركة بهذا العمل الفني التوعوي في المهرجانات السينمائية الوطنية والدولية إضافة لكونه سيكون المحمل الأساسي في حملة توعوية ضد العنف المسلط على النساء كما ستتم برمجة جولة لعرضه في مختلف ولايات الجمهورية.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 292438