جندوبة: مخاطر المجاعة تهدد قطيع الماشية ودعوات لتوفير العلف والماء وانقاذ ما تبقى من التهريب والذبح العشوائي

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/634c2ec6c240c4.67457397_fhpkgionjeqml.jpg width=100 align=left border=0>


(تحرير مولدي الزوابي ـ وات)ـ يواجه قطيع الماشية بالجمهورية التونسية وبولاية جندوبة وبقية الولايات المجاورة لها بشكل خاص وفي مقدمتها البقر الحلوب تهديدا جديّا وتراجعا حادّا ناهز 30 بالمائة يستوجب وفق تقديرات هياكل مهنية وخبراء مختصين في المجال حالة من الطوارئ القصوى وإنقاذ ما تبقى منه.


ويعدّ نقص الاعلاف وارتفاع أسعارها بالسوق المحلية وشحّ المياه ونقصها وتوسع دائرة التهريب عبر الحدود التونسية الجزائرية وارتفاع نسقه وعجز الدولة عن إيجاد الحلول الملائمة والتدخل العاجل الذي يضمن المعالجة السريعة للأوضاع وغياب الرؤى الرامية الى تطوير القطاع اكبر العوامل التي عمقت أزمة القطيع سواء تعلق الامر بالنقص المسجل في مادة الحليب او الارتفاع المشط في أسعار اللحوم الحمراء.
...


فرغم تجاوز المساحة التي زرعت حبوبا خلال هذا الموسم 80 الف هكتار الا ان انحباس الامطار وتراجع منسوب السدود المخصصة للري ( بوهرتمة وملاق ) الى درجة لافتة عوامل حالت دون انقاذ الموسم المقدرة اضراره بأكثر من 50 بالمائة وفق تقديرات الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بجندوبة. وعززت أسعار التبن والقرط مخاوف المربين اذ بلغت الى حد اليوم الاحد 13 دينار لقطعة التبن و20 د لقطعة القرط.
وقال محمد علي الحنّاشي أحد المربين إن قطيعه اضطر إلى أكل نباتات شوكية ونباتات كانت الى وقت قريب مرفوضة لدى اغلب أنواعه من ابقار واغنام ودواب على غرار "ام الروبية" و"البكّ" و"البوحاليبة" و"ستي مريم" و"الخبيزة" إضافة الى بعض الأشجار المنتجة للخشب.

ووفق خبراء وفلاحين يمتهنون القطاع ارتبط توفّر الاعلاف بأربعة عوامل أساسية أولها الاعلاف الخشنة ( التّبن والقرط ) كعلف جاف والمتأتي من مزارع الحبوب والعلف الأخضر الشتوي والصيفي على غرار " البرسم" و"الصوجا " و"المانجور" والفصّة "و"اللفت العلفي" والمراعي والعلف المركّز المستورد والمصنّع محليا الذي تسيطر عليه لوبيّـات معلومة وتتحكم فيه اطراف ما زالت بعيدة عن الكشف والمساءلة.
وحسب عضو المكتب التنفيذي للنقابة التونسية للفلاحين محمد نعمان العشي توجد مواد علفية اثبتت جدواها سواء من حيث الإنتاج (150 طنا في الهكتار) او من حيث حاجتها القليلة للماء على غرار "اللفت العلفي" او "السورغو " او "الحبوب العلفية" او حتى "الصوجا" مقابل ذلك لم تطور وزارة الفلاحة من الإجراءات الإدارية ولم تواكب التطورات المسجلة والمستجدة والمفاجئة في مجال انتاج العلف الأوضاع، فمزارع اللفت العلفي تستوجب الى حدّ اليوم الانتظار لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات من اجل التسجيل والحصول على تراخيص وكلها عوائق لم تقدم هياكل وزارة الفلاحة والموارد المائية الى حد الان على مراجعتها وتطوير أدائها خاصة في مثل هذه الازمات المفاجئة والحادّة وفق ما يؤكده عضو المكتب التنفيذي للنقابة التونسية للفلاحين محمد نعمان العشي لوكالة تونس افريقيا للأنباء.
وأوضح في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء ان تعامل السلطة مع الفلاحين ما زال يستند الى اقصاء الفاعلين وأصحاب الأفكار وخلق البدائل الحقيقية والممكنة أيضا فمن يؤثث الجلسات التي تعقدها السلطة اليوم والتي تخصص للنظر في البحث عن حلول والتي غالبا ما تنتهي بدون مخرجات وان توفرت فهي مضحكة ومؤلمة في ذات الوقت وفي غالب الأحيان لا تتجاوز تحويل الفلاح الى سبب من اسباب الازمة واتهامه بجملة من الاتهامات يستدعى اليها اشخاص هم في نظره "متطفلون ولا علاقة لهم بالقطاع فمنهم موظفون وامنيون متقاعدون ورجال اعمال معروفون بتأثيثهم لجلسات الوزير والوالي او المعتمد او حتى مندوبي الفلاحة اما الفلاحون والمربون المباشرون الذين نجحوا في مجالهم والقادرون على تقديم البدائل والحلول الممكنة رغم حدة الجفاف فهم غير مرغوب فيهم ويعلمون بأنشطة قطاعية عبر شبكات التواصل الاجتماعي او عبر وسائل اعلام" وفق تعبيره.

واعتبر في ذات الوقت ان الامر يصبح أكثر خطورة عندما تتحول الهياكل المهنية الى منصات سياسية وهو ما يسهم في اضعافها وتحويلها الى اطر للدفاع على المصالح الخاصة للماسكين بها والسلطة تساهم في هذا الاضعاف من خلال عدم مساعدتها في تكوين الإطارات النقابية مثل ما هو الحال في فرنسا، فضلا عن غياب البحث العلمي الذي يعد مفتاحا أساسيا لمعالجة الازمات وتطوير حاجة القطيع مع مستجدات المرحلة المتوقع منها أوالمفاجئ.
وتقدّر النقابة التونسية للفلاحين ان قطيع الماشية فاق تراجعه بولاية جندوبة 30 بالمائة وذلك بسبب غلاء الاعلاف (1600 مليم للكلغ الواحد لأعلاف الحليب و1500 مليم للكلغ الواحد بالنسبة لأعلاف التسمين) إضافة الى الجفاف الحاد وعدم الترفيع في اسعار الحليب الذي بقي يراوح ذات التسعيرة مما دفع بعدد كبير من المربين الى التخلص من القطيع عبر البيع وتهريبه عبر الوسطاء المتنفذين. فإلى وقت قريب أحصى ديوان تربية الماشية وتنمية المرعى عدد رؤوس الابقار بالجهة بأنه يفوق 70 الف راس لكنه لم يتجاوز 30 الف خلال السنة المنقضية.

وقدر البيطري رمزي العلبوشي حجم التراجع المسجل في القطيع بالجهة وبكل جهات البلاد بأنه "كبير" وبات يهدد القطيع عددا وتجديدا ويهدد المربين ومصادر عيشهم وقطاع الأطباء البياطرة أيضا الذين باتت تدخلاتهم مقتصرة على الحالات الاستعجالية بعد ان كانت تشمل تدخلات وقائية واستراتيجية.
وأضاف ان التراجع الحاد في القطيع سيستمر تأثيره على نقص الحليب واللحوم ما لم تعجل الدولة بتعديل أسعار العلف وتوفيرها وإنقاذ ما تبقى من القطيع.

وشدّد رئيس الجمعية التونسية لمزارعي اللفت السكري شرف الدين التواتي في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء على ضرورة انقاذ ما تبقى من القطيع والمحافظة على انثى الابقار ووقايتها من الذبح والتهريب وذلك من خلال التدخل العاجل لتوفير مياه الري وتخصيصها لسقي الماشية وزراعة الاعلاف مع التوجه لاستيراد أنواع من العلف ودعم المربين كحل وقتي في انتظار تجاوز ازمة الجاف الحادة.
وحول الإجراءات التي اتخذتها وزارة الفلاحة والموارد المائية والمتعلقة بالسماح للفلاحين بحفر الابار الارتوازية في المناطق السقويّـة اعتبر محمد نعمان العشي ان مثل هذه الإجراءات التي فرضتها حدة الجاف والى جانب انها متأخرة فيهي في نظره مشدودة الى ثقافة بيروقراطية وإجراءات تعجيزية، مبرزا ان الزام الفلاح بضرورة استخلاص ما تخلد لديه من ديون متعلقة باستهلاك مياه الري وهو الملف الذي عجزت كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة عن معالجته وغياب المعدات الكهربائية (العدادات والمولدات والاعمدة ) وضعف تدفق الطاقة الكهربائية وغياب التشجيعات والتحفيزات التي من شانها ان تعطل الفلاح والمربي على مواصلة نشاطه وتطوير انتاجه.
بالمقابل يؤكد مدير شركة الاحياء الفلاحية "المرجى " وهي احدى اكبر الشركات المختصة في تربية الابقار وإنتاج الحليب والحبوب بولاية جندوبة وبتونس عامة طلال بطرس ان التهديدات التي طالت وتطال قطيع الماشية في تونس تعود لنحو سنة رابطا ذلك بالارتفاع الذي شهدته اسعار الاعلاف المركزة بعد ازمة "الكورونا" وتداعياتها على عدم قابلية الفلاح في تربية الحيوانات فبات التفريط في القطيع عن طريق التهريب والذبح هما السمتان البارزتان ولم تشفع مراسلاته ومقترحاته المتعددة التي وجهت لرئاسة الحكومة ووزارة الفلاحة في إيقاف ما اعتبره النزيف الذي يهدد القطيع.


ورأى ان انفراد الموردين الخواص باستيراد "الصوجا" و"الذرة" واستئثار اطراف معينة بالمؤسسات المصنعة للعلف التي باتت تقدم اعلافا غير جيدة وذات أسعار مرتفعة وعدم تدخل الدولة في الاستيراد او تحديد الأسعار وفي ظل النقص الذي تعاني منه السدود وتهرؤ شبكة الري وانحباس الامطار ستعزز كلها من حدة الازمة وتوسع تأثيراتها وتداعياتها السلبية ما لم تعجل الدولة بتدخلها العاجل لتوفير الاعلاف الخشنة وذلك من خلال استيرادها والمعروفة محليا بـ" الاون سيلاج " من الجزائر.
وأفاد بأنه راسل وزير الفلاحة والموارد المائية في هذا الشأن مقترحا ان يسمح لشركات الاحياء الفلاحية والمركبات الفلاحية التابعة لديوان الأراضي الدولية باستيراده من الجزائر نظرا لوفرته وقربه وسهولة نقله أيضا دون ان يتلقى ردا في ذلك.


وقال طال بطرس في لقاء مع "وات" ان البيروقراطية التي تعاني منها هياكل وزارة الفلاحة وبقية الوزارات المتداخلة ستؤدي الى نتائج كارثية فالشركة التي يديرها والتي يوجد بها حاليا اكثر من 3500 راس من الابقار بمعدل انتاج يومي يفوق 50 الف لتر من الحليب أي ما يوفر حاجة نحو 200 الف ساكن يوميا من الحليب استنادا الى معايير منظمة الصحة العالمية، بات قطيعها مهددا بالعطش والمجاعة والموت إذ أن مياه الري لا تضخ الا بمعدل يوم واحد في الأسبوع.
واضاف قوله "لو اجتهدنا وحاولنا حفر بئر ارتوازية تؤمن حاجة القطيع، فان الإجراءات الإدارية وما يرافقها من تداخل بين مختلف الهياكل وبطء وطول انتظار يعدّ بالأشهر غير مشجع بالمرة على المحافظة على القطيع".


ولفت مدير شركة المرجى وهو أستاذ جامعي واكاديمي متخصص في إدارة ورعاية ابقار الحليب وخبير في إدارة المشاريع الكبرى إلى ان السلطات التونسية لم تحدد الى حد الان في اتصالاتها وجلساتها الحلقة الأولى في انتاج الحليب واللحوم وان حصرها للازمة في حدود المجمعين والمصنعين خطا لا يحل الازمة بقدر ما يعمقها وان أدوات واليات مواجهة مثل هذه الجائحة التي تمر بها تونس لا يمكن ان تخلصها من حدتها ولا ان تحد من تداعياتها مناشدا في ذات الوقت وزارة الفلاحة والسلطات ذات العلاقة بالاستماع الى اهل الاختصاص والشروع الفوري في حلول قابلة للتنفيذ والانقاذ وفق تقديره.
ويبلغ عدد قطيع الماشية في تونس نحو 5،47 مليون راس من انثى الأغنام والمعاز والابقار ،وفي سنة 2022 سجل عدد الابقار بتونس على سبيل المثال تراجعا مخيفا بلغ نحو 445 الف راس بعد ان كان في حدود 685 الفا سنة 2016 فيما سجل قطيع الأغنام والماعز هو الاخر تراجعا كبيرا بين سنتي 2018 و2022 بنحو 1،7 مليون راس ليبلغ 5 مليون راس بعد ان كان 6،7 مليون راس سنة 2018.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 265083


babnet
All Radio in One    
*.*.*