ووصف الكاتب هذه الظاهرة بالضاغطة والشاملة التي مست بشكل شبه كلي المجتمع المحلي بجهة الجنوب واساسا ولاية تطاوين، كما تتسبب في اعاقة التنمية وتعكس فشل سياسات الدولة في التشغيل وفي توفير فرص العمل لطالبيها.
وقدر الدكتور بوطالب عدد من اختاروا هذا المسلك للهجرة غير النظامية خلال العام الماضي وحده حوالي 12 الف شخص منهم 11200 طلبوا تراخيص ابوية (اي انهم دون سن 20) وقد اعتمد في ذلك مقابلاته ممع العمد واهالي واقرباء المهاجرين اضافة الى موظفي عدة مؤسسات مثل البريد والبلديات والجمعيات وعبر جلسات محورية في المقاهي وفي مجالس المجموعات المحلية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي وتدويناتها محددا دراسته اعتمادا على عينة.
واشار الكاتب في احد فصول هذا الإصدار إلى تسييس ظاهرة الهجرة السرية وتوظيفها من قبل سياسيين لإخافة اوروبا وتحريضها على سلطة البلاد وفق تقديره، كما اشار الى بداية تسرب الاناث الى هذه الظاهرة رغم الهيمنة الذكورية عليها ومغامراتها غير الامنة.
وافاد بان من نتائج هذه الظاهرة توقف حركة الاحتجاجات التي كان يقودها ويؤججها المنتسبون الى تنسيقية الكامور في كل المعتمديات وحصول نقص في بعض المهن والخدمات بجهة الدفع، وارتفاع اجور العمالة المحلية الهامشية في قطاعي البناء والفلاحة اللذين تعرضا الى صعوبات في الجهة. كما أشار الى عامل آخر يتمثل في انفصل الاباء عن الابناء الصغار وانفصال الازواج عن زوجاتهم مما أدى الى التحاق بعض الزوجات باهاليهن ما يؤدي في بعض الحالات الى حصول انفصال وطلاق لدى العديد من حالات المهاجرين فضلا عن المشاكل النفسية والعاطفية لدى الاطفال.
وقال الكاتب حاولنا في ظل شبه فراغ بحثي معلوماتي وفي سياق يدعو الى الاستغراب وخاصة في ما يتعلق بموقف "الجانب الرسمي الذي لمسنا تجاهله للظاهرة في مسالكها وتعبيراتها وبؤرها الجديدة" ودعا إلى توظيف واضعي الخطط والسياسات إلى الاستفادة من الدراسات المنجزة حول منطقة الدراسة والتي يصل عددها حسب اطلاعه إلى ما لا يقل عن ثلاثين اطروحة جامعية في مستوى الدكتوراه واكثر من مائتي رسالة ماجستير انجزت حول ولاية تطاوين لوحدها غطت مجالات التاريخ والاجتماع والانثروبولوجيا والجغرافيا والاقتصاد والتنشيط الشبابي والثقافي وفي علوم التربية بالاضافة الى اختصاصات علمية أخرى كالفلاحة والجيولوجيا والهندسة والطب وغيرها.


وتضمن هذا الكتاب ملاحق باللغتين العربية والفرنسية وعدة صور مما تحصل عليها من دول البلقان، ومعطيات حول أهم الجمعيات الخيرية في فرنسا ومهامها وعناوينها الالكترونية ومحتوى استمارة البحث الميداني فضلا عن قصيدة شعبية تمثل أحد نماذج التفاعل العاطفي مع المهاجرين من قبل الأم جاء فيها :
يفتح طريقك صربيا تعبرها...وترتاح كبدي الذائبة يصبرها
انا خايفة تنساني...تروح عقاب الحال ما تلقاني