خداع التسمية... شبيه العسل أو المنتج الذي لايحمل من العسل الا اسمه

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/honey-pixabay.jpg width=100 align=left border=0>


باب نات - وات-/تحقيق عبد الباسط الفريضي/ لم يكن يخطر ببال احمد الموظف باحد المؤسسات المالية والذي تعود ان يتناول فطوره الصباحي باحد المحلات وسط العاصمة ان مقدار العسل الذي يضيفه البائع على "صحفة الذرة" ( الدرع) كل مرة ليس عسلا صافيا بقدر ماهو خليط من المكونات يمثل فيه "السكر المركز" او مايصطلح عليه بسكر "القليكوز" نسبة عالية من تركيبة مغشوشة تسوق على انها عسل طبيعي.

حال احمد مع معلبات العسل ذات الاحجام والاشكال المختلفة التي غزت مختلف المحلات والاسواق والفضاءات التجارية الكبرى لايختلف كثيرا عن تصورات العديد من المستهلكين لهذا المنتوج المعروف بقيمته الصحية العالية ، فالعسل صافيا في عرف الجميع قيمة غذائية وعلاجية كبرى لايختلف عليها اثنان ولكن، هل ان كل مايسوق انه عسل هو بالفعل عسل حقيقي وبالمواصفات المطلوبة؟ يكشف هذا التحقيق عن ظاهرة مافتئت تتفاقم في الفضاءات التجارية ومسالك التوزيع المختلفة وهي ظاهرة "العسل المغشوش " او مايصطلح عليه بـ" شبيه العسل" او" بديل العسل" المستورد في اغلبه والذي يسوق على انه عسل طبيعي ويقدم للمستهلكين بطريقة مخادعة ويؤشر عليه ببيانات مخالفة لطبيعة المنتوج.

...

اكثر من 80 بالمائة من العسل المعروض للبيع مغشوش اظهرت نتائج بحث قامت به مصالح الادارة الجهوية للتجارة ببن عروس وامتد على مدى اكثر من نصف سنة واشتمل على معاينات ميدانية وتحاليل مخبرية لمعرفة جودة مايسوق على انه عسل وشمل اهم العلامات التجارية المعروضة سواء بمسالك التوزيع العادية او بالمساحات التجارية الكبرى او على مستوى تجار تفصيل العسل بالجهة ان 80 بالمائة من المنتجات المراقبة من العسل المروج والمورد في اغلبه غير مطابق للموا صفة التونسية المتعلقة بمادة العسل .

مغالطة في التسمية ومخالفة في التأشير على البضاعة وغش في التركيبة:
وتشمل طرق الغش المعتمدة في ترويج المنتوج بحسب عديد المعاينات التي قام بها معد التحقيق مع مختصين اعتماد المغالطة في وصف طبيعة المادة المعروضة للبيع بدءا بالتسمية حيث يتم التنصيص على بيانات مخالفة لتركيبتها المفترضة فتجد على اغلفة أغلب المعلبات باختلاف احجامها واشكالها ملصقات تؤشر على ان المنتج المعروض عسل في حين انه في الاصل "شبيه العسل" وهي تسمية اخترعها الموردون او الموزعون للتحايل واضفاء صفة على موصوف ليست له اصلا.

اما المغالطة الثانية ، التي تؤدي الى التشكيك في طبيعة المنتج المعروض فترتبط بسعره المتدني مقارنة باسعار العسل لدى مربي ومنتجي عسل النحل حيث يروج العسل الاصلي باسعار تترواح بين الاربعين و المائة وعشرين دينار للكلغ الواحد في حين يصل سعر هذا المروج على انه عسل باسعار بخسة تصل في بعض الاحيان الى مادون العشرة دنانير .

ورصد معد التحقيق ، في بعض الفضاءات التجارية الكبرى بطاقة لتسعيرة احد انواع هذا العسل الذي يروج على انه "عسل كالتوس" تسوق بسعر 12970 مي للعلبة من وزن نصف كلغ والطريف ان المشتري يتحصل بموجب هذا العرض على العلبة الثالثة مجانا.
ويكفي الراغب في الاطلاع على هذه النوعية من المنتوجات ان يتجول بين اروقة الفضاءات التجارية الكبرى ليكتشف حجم الخداع الذي يتعرض له المستهلك انواع مختلفة الاسماء ترصف في الرفوف وتسوق على انها عسل طبيعي او اصلي.

تجاوزات مثبتة ومحاضر من اجل المخادعة في تركيبة وطبيعة المنتوج تفرض الاجراءات المتبعة من قبل مصالح الجودة بحسب كاهية مدير الجودة بالادارة الجهوية للتجارة ببن عروس جمال الدين النيفر بعد ملاحظة المنتج والتثبت من تأشير المنتوج ومعرفة مدى احترامه للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل مراقبة الفواتير المقدمة من قبل الموزعين وباعة التفصيل للوقوف على اثبات المغالطة في طبيعة المنتوج حسب السعر والتسمية وكذلك التثبت من بطاقة التحاليل ومدى احترام المقاييس الفنية الخاصة به والتي تتعلق بهذا المنتج و بمدى مطابقته للمواصفة التونسية الخاصة بمادة العسل.

افضت عمليات المراقبة التي قامت مصالح ادارة الجودة بالادارة الجهوية للتجارة ببن عروس بعد الحصول على نتائج التحاليل المخبرية ل6 عينات من العسل المعروض للبيع تم اجراء التحاليل اللازمة عليها في المخبر المركزي للتحاليل والتجارب اثبات الغش في تركيبة العسل المعروض للبيع مما مكنها في مرحلة اولى من حجز 2000 كلغ حجزا فعليا واتمام الاجراءات القانونية بخصوص المحجوز بعد الحصول على اذن من الجهات القضائية المعنية باتلاف العسل المغشوش اوبديل العسل وتحرير 10 محاضر بحث ضد اربعة شركات موردة من اجل جنحة المخادعة في تركيبة وطبيعة المنتوج.
كما تمكنت نفس الادارة من في مرحلة ثانية من حجز 3600 علبة في مساحة تجارية كبرى حجزا فعليا واتبعتها في مرحلة لاحقة بحجز 4500 كلغ في مساحة أخري واستصدار اذون من الجهات القضائية باتلافها.
ويبين جدول لتحاليل تم اجراؤها على عدة عينات من هذا المنتوج انه غير مطابق للمواصفة التونسية المتعلقة بمادة العسل حيث لاتتوافق النسب المتحصل عليها لبعض المكونات الاساسية لهذا المنتوج مع مثيلاتها في العسل الطبيعي.
وتعتبر الدكتورة رنا غيلوفي رئيس قسم التحاليل الغذائية بالمعهد الوطني للتغذية ان هذا المنتوج الموجود في الفضاءات والمساحات التجارية هو مادة مصنعة تحتوي على الكثير من السكريات وخاصة النباتية منها تضاف له نسبة ضئيلة من العسل ويسوق كشبيه للعسل بمنكهات تعوض مطعم العسل.
هذه التركيبة الخاصة بهذا المنتج لاتجعل له اي قيمة غذائية اوصحية مضافة بل هو في الاصل محلول سكري مركز وله مضار السكر المصنع ومن يستهلك هذه المادة تضيف الدكتورة المختصة لايعدو في الاصل ان يكون قد قام باستهلاك كميات من السكر المركز الذي له كما باقي السكريات استتبعات صحية ضارة .
ويعسر باستعمال الطرق التقليدية التمييز بين العسل الاصلي وشبيهه تضيف الدكتورة التي تؤكد على ان التحليل المخبري هو الطريقة الوحيدة للتأكد من جودة العسل.

تسويق هذا المنتوج الحق ضررا كبيرا بقطاع مربي النحل :
تفاقم ظاهرة بيع العسل المغشوش وتزايد كمياته في الاسواق والفضاءات التجارية قلص الى حد كبير هامش المنافسة مع العسل المحلي الطبيعي واثر الى حد كبير على قطاع تربية النحل في تونس يقول وليد نقارة كاتب عام الجامعة الوطنية لمربي النحل التابعة للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
فهذا المنتج لاتتجاوز اسعار استيراده من بلدان المنشأ الدولارين للكلغ الواحد في حين تبلغ تكلفة الكلغ الواحد من العسل الاصلي في تونس اكثر من 40 دينار ويصل في بعض الاحيان الى حدود الـ 120 دينارا.

ورغم جودة العسل التونسي باعتبار خصوصيته المتوسطية والذي قال محدثنا انه يبقى مطلوبا في ذاته لما يمثله من خصائص نوعية لدى عديد الوجهات العالمية فان عجز المنتجين المحليين على تلبية هذه الطلبات يعود اساسا الى نقص الانتاج حيث لايتعدى الانتاج المحلي من العسل الطبيعي سنويا الالف طن يضاف الى ذلك ارتفاع تكلفته وتوزع القطاع في اغلبه على صغار المنتجين حيث يصل عدد مربيي النحل في تونس الى 14 الف مربي .
ولم يخف وليد نقارة ان العديد من المنتجين المحليين يعمدون في ظل هذه المنافسة غير المتوازنة وامام تدني اسعار تداوله في السوق الى خلط العسل المحلي بهذا النوع من المنتج حتى يتمكنوا من تسويق بضاعتهم في السوق المحلية .

اشكال التراخيص وتعدد الجهات المانحة لها رغم عدم اختصاصها :
يعتمد اغلب الموردين لهذا المنتج عند الاستيراد على وثيقة يتم استخراجها من المصالح البيطرية التابعة لوزارة الفلاحة تسمى "شهادة المراقبة الصحية البيطرية عند التوريد" والتي تمكنهم من جلب هذا المنتوج وتوزيعه بالسوق المحلية التونسية تحت مسمى بديل او معوض العسل الا ان هذه الوثيقة تطرح جملة من الاشكاليات بحسب كاهية مدير الجودة بالادارة الجهوية للتجارة ببن عروس جمال الدين النيفر، فالمصالح البيطرية تراقب المنتوجات الموردة التي يكون مصدرها حيواني وتؤشر على جودتها وهو مايتعارض وهذه الحالة حيث ان شبيه العسل ليس منتوجا حيوانيا صرفا بقدر ماهو مادة مصنعة تأخذ طعم العسل.

وبمراسلة معد التحقيق مصالح وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري حول منح الموردين شهادة المراقبة الصحية عند التوريد التي تخول لهم جلب البضاعة افادت الوزارة ان المنتجات الحيوانية والسلع الغذائية التي تحتوي على منتوج من اصل حيواني تخضع الى مراقبة عند التوريد والتصدير وذلك طبقا للقانون عدد 24 لسنة 1999 المؤرخ في 9 مارس 1999 وصنفت اشكال المراقبة الى مراقبة وثائقية وتشمل خاصة الشهادة البيطرية الممضاة من طرف المصالح الرسمية للبلد المصدر والتي تقدم ضمانات صحية للمنتوج ومراقبة لهوية المنتوج للتأكد من مطابقة الارساليات للارشادات المضمنة بالوثائق المصاحبة والمراقبة المادية من خلال اجراء الفحوصات وتحليله اذا اقتضى الامر بالمخابر المؤهلة للغرض ليتم على اثرها تمكين المورد من الشهادة المذكورة.
الا ان هذا التوضيح لم يقدم اجابة واضحة حول اهلية الوزارة لمنح هذه الشهادة لمنتج صناعي وان كان يحمل صفة المنتج من اصل حيواني مبررة ذلك بان تسويق وتجارة شبيه العسل كعسل في تونس تخضع لتراتيب اخرى منها الامر المؤرخ في 10 اكتوبر 1919 والمتعلق بزجر الغش في تجارة البضائع والمواد الغذائية او المنتجات الفلاحية والطبيعية .
بسط



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 155863

MOUSALIM  (Tunisia)  |Lundi 12 Février 2018 à 17:20           
تونس الجديدة تفتقر لمنظمة تدافع عن المستهلك وتكشف له كل المخادعين أما المنظمة الحالية فهي مجرد سرطان .


babnet
All Radio in One    
*.*.*