
هل يمكن صناعة مثلجات لا تذوب في الحر؟ Bookmark article

المثلجات من أهم الحلويات خلال الصيف، لكن مشكلتها الأساسية تظل في أنها تذوب سريعاً في درجات الحرارة المرتفعة. فهل يستطيع العلماء المساعدة في حل المشكلة والحفاظ عليها باردةً ومتماسكةً لفترة طويلة؟
في فصل الصيف الحار هناك القليل من الأشياء التي تبعث على السعادة من بينها قطعة مثلجات مخروطية. لكن قد تحدث أمور بسيطة أيضاً تصيبنا باليأس، مثل ذوبانها وانسيابها على أصابعنا أو حتى انزلاقها بشكل تام وسقوطها على الأرض، مما يؤدي إلى ما يمكن أن يقال عنه "انهيار وبكاء طفل صغير".
وبالطبع هناك الكثير من الحكايات عن الاستمتاع بالأشياء قصيرة الصلاحية، التي تزداد حلاوتها كلما انتهت سريعاً. لكن بالنسبة للمثلّجات فالأمر يختلف، لأننا لن نتسامح مع هذا الوضع.
خلال السنوات الماضية انتشرت تقارير عن مصّاصات مثلجة أنتجتها شركة كانازاوا آيس اليابانية، وبعدها ظهرت المثلّجات الطرية، التي تتحمّل درجات الحرارة العالية دون أن تذوب.
كيف يخدع الآيس كريم أدمغتنا ومن الذي اخترعه؟
الآيس كريم: كيف يتم ابتكار النكهات والأنواع المختلفة منها؟
قصة رجل أنشأ مصنعا للآيس كريم قيمته ملياري دولار في مطبخه
العلماء يكتشفون مادة تحفظ المثلجات "الآيس كريم" لفترة أطول في الطقس الحار
نجح العلماء في إنتاج هذا النوع من المثلجات باستخدام كميات كبيرة من مركب البوليفينول، وهو نوع من جزيئات مضادات الأكسدة الموجودة في العديد من الفواكه. وجاءت النتيجة لتحقق ثباتاً مثيراً في قوام المثلجات، واختفت بوضوح آثار الذوبان والسائل الكريمي الذي يسيل على الأصابع. لكن كيف فعلوا ذلك؟
تتكون المثلجات أساساً من الكريمة والسكر. ويوضع هذا المزيج الحلو في أسطوانة عالية التبريد، وعندما يتجمد المزيج داخل الأسطوانة، يمكن استخدامه بكشط طبقات منه وتجهيزه للبيع. هذه الطريقة تمنع تكوين بلورات الثلج وتضخمها داخل قوام المثلّجات، التي قد تتسبب في تعرج القوام وعدم استقامة بعض أنواع المثلجات، خاصة عند الرغبة في الاحتفاظ بها لتناولها في المنزل وليس فور الحصول عليها.

تنتج بلورات الثلج غير المفضلة، بسبب إعادة التجميد، لأنه يسخن قليلاً (ويبدأ في الذوبان) أثناء رحلة نقله الطويلة من المصنع إلى المجمد، ثم يُعاد تجميده في مبردات متاجر البيع.
وهذه المشكلة معروفة عند نقل المثلجات من مكان التجميد الأول في المصنع إلى مكان البيع حيث درجات الحرارة أعلى من الصفر، لذلك يستخدم مصنّعوها أنواعاً من المُثبتات، مثل الكاراجينان المستخلص من الأعشاب البحرية، وصمغ القوار (من بذور القوار)، في محاولة لتخفيف الأضرار التي تلحق بقوامها أثناء رحلاتها.
عندما شاهدت كاميرون ويكس، عالمة الأغذية التي كانت تدرس آنذاك في جامعة ويسكونسن وتعمل الآن في شركة جنرال ميلز لإنتاج الأغذية، فيديو مثلجات لا تذوب من إنتاج الشركة اليابانية كانازاوا آيس، تساءلت عن تأثير البوليفينولات في تثبيتها.
تتمتع جزيئات البوليفينولات بخصائص ربما تساعد في تعزيز الصحة، وليس بالضرورة خصائص هندسية. في المختبر، بدأ استخدامها بتجربة زيادة مستويات أعلى فأعلى من بوليفينول إلى خلطات الكريمة، وكان النوع المستخدم هو: حمض التانيك.
في التجارب مزجوا الكريمة مع حمض التانيك بتركيزات بدأت من 0.75 في المئة و1.5 في المئة ثم وصلت إلى 3 في المئة، ولاحظ العلماء أن التركيزات الأعلى بدأت تتكثف فوراً تقريباً.
بعد تبريد المزيج لمدة 24 ساعة، وجدت القياسات أن حمض التانيك تسبب في تجلطه بقوة وعدم ذوبانه، لدرجة أنهم استخدموا سكيناً لقطع المزيج المكون من 3 في المئة من حمض التانيك، كما أنه لم يسقط على الأرض عندما وضعوه في كوب وقلبوه رأساً على عقب.
عند فحص مزيج الكريمة تحت المجهر، لاحظت كاميرون ويكس أن التركيزات الأعلى تحتوي على كريات دهنية واضحة بشدة. واستنتجت هي وزملاؤها أن حمض التانيك يتفاعل مع البروتينات الموجودة في الكريمة، مما يُشكل شبكة حماية مساعدة أو حاجزاً يمنع اندماج كريات الدهون هذه مع القوام وبالتالي يمنع الذوبان.
وهذا يُفسر مقاومة المثلجات المصنوعة من هذه المادة للذوبان: فالدهون المتحررة من بلورات الكريمة لن تذوب، بفضل إضافة البوليفينول.

ومع ذلك، فإن هذه الطريقة الكيميائية ليست وسيلة لتجميد الوقت وكسر قوانين الفيزياء الكونية. فهي تشبه فقط دعامة للإبقاء على قوام المثلّجات.
وبعد ساعات وجدت كاميرون في تجارب لاحقة أن المثلجات المصنوعة بهذه الطريقة تكتسب قواماً يشبه البودينغ (الحلوى اللينة)، على الرغم من أنها تحافظ بطريقة ما على نفس الشكل السابق. كما أن البوليفينولات لا تحافظ بالطبع على درجة برودتها.
وعندها اكتشفت أن المثلجات لا تذوب، بل تتحول إلى كتلة مطاطية عندما ترتفع درجة الحرارة وتسخن، وهذا في الواقع ليس الشكل الذي نتوقعه من هذه الحلوى المجمدة.
والمعروف أن توقعاتنا في الطعام مهمة بشكل كبير (للاستمتاع به)؛ فمثلاً إذا كنت تتوقع تناول مثلّجات الفانيليا، واكتشفت بعد تذوّقها أنها عبارة عن بطاطس مهروسة (نظراً لأن قوامها أصبح مطاطياً)، فهذا يمثل تغييراً جذرياً في حياتك.
في النهاية ربما تنضم جزئيات البوليفينولات إلى المثبتات القوية جداً التي تحفاظ على المثلّجات في حالتها الطبيعية إلى حد ما أثناء عملية نقلها الصعبة لمسافات طويلة. ولكن السؤال هل ستجد الحلويات الغنية بالبوليفينولات، المصممة لتحمّل الحرارة والمحافظة على شكلها لساعات، طريقها إلى أكشاك المثلّجات القريبة منك؟ سننتظر ما تأتي به الأيام المقبلة.
- لماذا يصيبك الآيس كريم بالصداع؟
- الآيس كريم الخالي من منتجات الحليب "خيار صحي" يحظى بشعبية متزايدة
- متحف للأيس كريم في الولايات المتحدة
