رضا الشكندالي: على تونس أن تتصرف بدبلوماسية ذكية توازن بين المبادئ الوطنية والمصالح الاقتصادية

في تدخل على اذاعة الجوهرة ، قدّم أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي قراءة معمّقة لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات عدد من الدول من بينها تونس، بداية من 1 أوت 2025، ضمن سياسة وصفها بـ"الحمائية الجديدة" في إطار شعار "أمريكا أولًا".
خلفيات القرار
خلفيات القرار
وأوضح الشكندالي في فقرة Arrière-Plan من برنامج صباح الورد أن القرار الأمريكي يأتي في سياق إعادة ترتيب التوازنات التجارية العالمية ومحاولة ترامب كبح ما يعتبره ممارسات تجارية غير عادلة. وأضاف أن الرسوم تشمل دولاً تربطها علاقات تجارية معتبرة بالصين، أو سعت في السنوات الأخيرة إلى الاقتراب من مجموعة "البريكس"، وهو ما ينطبق جزئياً على تونس نتيجة علاقاتها المتزايدة مع الجزائر وتركيا والصين.
كما لم يستبعد الشكندالي أن يكون الموقف السياسي لتونس من القضية الفلسطينية، وخاصة قافلة "الصمود إلى غزة" التي انطلقت من تونس، أحد العوامل غير المعلنة وراء هذا الضغط الأمريكي.
التأثيرات الاقتصادية المباشرة
من حيث الأرقام:* صادرات تونس إلى الولايات المتحدة بلغت 2 مليار دينار في سنة 2024، أي ما يعادل 3.2% فقط من إجمالي الصادرات التونسية.
* واردات تونس من الولايات المتحدة قاربت 1.8 مليار دينار.
* العجز التجاري مع الولايات المتحدة لا يتجاوز 216 مليون دينار.
* الصادرات موجهة أساساً إلى أوروبا (أكثر من 43 مليار دينار).
لكن، بحسب الشكندالي:
"تداعيات القرار ليست كبيرة من حيث الحجم الجملي للمبادلات، لكنها حرجة على مستوى القطاعات التي تصدّر إلى السوق الأمريكية مثل التمور وزيت الزيتون والنسيج والملابس والجلد."
وأشار إلى أن فرض هذه الرسوم قد يُضعف التنافسية ويؤدي إلى انسحاب مستثمرين أجانب نحو بلدان بديلة مثل المغرب، حيث الرسوم أقل (10%).
البعد السياسي والتفاوضي
حسب تصريح المتحدثة باسم البيت الأبيض، تم تأجيل تنفيذ الرسوم إلى 1 أوت لإتاحة فرصة للتفاوض. وعلّق الشكندالي قائلاً:"فرصة قصيرة زمنياً ومحدودة، لكنها تفتح المجال لتفاوض متعدد الأبعاد، يشمل ملفات سياسية وتجارية واستثمارية."
ورجّح أن تطالب الولايات المتحدة بـ:
* معاملة جمركية تفضيلية شبيهة باتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
* تحسين مناخ الأعمال في تونس لجذب استثمارات أمريكية مباشرة.
* مراجعة الاتفاقيات التجارية التونسية، خاصة مع شركاء تسجل معهم تونس عجوزات ضخمة (الصين، تركيا، الجزائر).
توصيات وتقييم استراتيجي
دعا الشكندالي الحكومة التونسية إلى:* تحرك دبلوماسي عاجل خلال فترة التفاوض القصيرة.
* تحسين مناخ الاستثمار من خلال تبسيط الإجراءات والتشريعات.
* إعداد استراتيجية جديدة للتجارة الخارجية تأخذ بعين الاعتبار التحولات الجيو-اقتصادية العالمية.
* دعم مباشر للقطاعات الفلاحية المصدرة المتضررة من هذه الرسوم، خاصة التمور وزيت الزيتون، حفاظاً على تموقعها في السوق الأمريكية.
قراءة في وضع الدينار والعملة الصعبة
أكد الشكندالي أن تحسن العائدات السياحية والتحويلات من التونسيين بالخارج ساهم في تعزيز الموجودات من العملة الصعبة، ما قد يخفف جزئياً من تأثير القرار الأمريكي. لكنه حذر من أن الفشل في التفاوض قد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي يرفع نسب الفائدة، ويؤثر سلباً على قيمة الدولار والاقتصاد التونسي برمّته.خلاصة
"الرسوم الجمركية الأمريكية على تونس ليست مجرد إجراء اقتصادي، بل هي رسالة سياسية ضمن صراع النفوذ الدولي، وعلى تونس أن تتصرف بدبلوماسية ذكية توازن بين المبادئ الوطنية والمصالح الاقتصادية."
هكذا ختم رضا الشكندالي تحليله، مشيراً إلى أن الفرصة متاحة، لكن ضيقة، وعلى تونس أن تتحرك سريعًا قبل 1 أوت 2025.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 311426