أزمة المياه في تونس: تحديات متزايدة ورهانات استراتيجية
في ظل التغيرات المناخية وشح الموارد المائية، يواجه قطاع الفلاحة في تونس تحديات كبرى تتعلق بإدارة المياه واستدامة الإنتاج الزراعي. وفي هذا السياق، أكد طارق المخزومي، عضو المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري والمكلف بالموارد الطبيعية والدراسات الاستراتيجية، على أهمية الإسراع في إصدار مجلة المياه لضبط المسؤوليات وتحسين إدارة الموارد المائية في البلاد.
نقص الأمطار وتأثيره على الموسم الفلاحي
نقص الأمطار وتأثيره على الموسم الفلاحي
شهدت تونس خلال السنوات الأخيرة تراجعًا حادًا في نسبة التساقطات المطرية، مما انعكس بشكل مباشر على موسم الزراعات الكبرى. وأوضح المخزومي أن الموسم الحالي بدأ بصعوبة نتيجة نقص البذور وارتفاع أسعار "الديابي"، إلى جانب التأخر في نزول الأمطار. ورغم تسجيل بعض التساقطات الأخيرة، إلا أن نسبة امتلاء السدود في الشمال الغربي لا تزال في حدود 33.3%، وهو مستوى غير كافٍ لضمان استدامة الزراعات السقوية.
وأشار إلى أن بعض المناطق السقوية لا تزال تواجه قيودًا على الزراعة السقوية بسبب النقص الحاد في المياه، حيث تطالب المندوبيات الجهوية للفلاحة بعدم زراعة محاصيل تعتمد على الري المكثف حتى تتحسن نسبة امتلاء السدود، والتي يجب أن تتجاوز 40% إلى 45% قبل السماح باستئناف الزراعة السقوية بشكل طبيعي.
ضياع المياه وتدهور البنية التحتية
من بين التحديات الكبرى التي تواجه قطاع المياه في تونس، أشار المخزومي إلى أن 30% إلى 40% من المياه تُفقد في شبكات التوزيع والنقل بسبب تقادم البنية التحتية والتسريبات. كما كشف عن وجود عطب منذ 2015 في القناة التي تربط سد "بربرة" بسد "بوهرتمة"، ما أدى إلى اضطراب توزيع المياه في المنطقة. وأكد أن الاستثمار في تحسين قنوات نقل المياه وصيانتها بات أمرًا ضروريًا لتقليل الضياع وضمان توفير المياه للمناطق الفلاحية المتضررة.
استخدام المياه المعالجة: حدود ومخاطر
فيما يتعلق باستخدام المياه المعالجة في الري، شدد المخزومي على أن الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يرفض استخدامها في الزراعات الموجهة للاستهلاك البشري. وأوضح أن المياه المعالجة تُستخدم فقط لري الأشجار وبعض المحاصيل العلفية، لكنها لا تُستخدم لري الخضروات أو المحاصيل التي يستهلكها المواطن مباشرة. وفي هذا الإطار، شدد على ضرورة مراقبة جودة المياه المعالجة، مشيرًا إلى الحادثة التي أثارت جدلًا مؤخرًا حول ري بعض المحاصيل بمياه ملوثة في ولاية بنزرت، مؤكدًا أن الاتحاد مستعد لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي انتهاك قد يضر بصحة المستهلك.
الحلول المقترحة: بين الاستشراف والتخطيط الاستراتيجي
رغم التحديات، يراهن الاتحاد على تطوير رؤية استراتيجية لإدارة الموارد المائية تعتمد على: 1. الإسراع في إصدار مجلة المياه لضبط المسؤوليات وتحسين الحوكمة المائية.
2. تحيين الخارطة الفلاحية لضمان توجيه الزراعات وفق الموارد المائية المتاحة، بحيث تُزرع المحاصيل المناسبة لكل منطقة حسب مناخها وتربتها.
3. ترشيد استهلاك المياه وتقنين الزراعات السقوية بشكل يسمح بالمحافظة على الإنتاج الزراعي دون استنزاف الموارد المائية.
4. الاستثمار في تقنيات جديدة مثل السدود التحت أرضية التي تحد من التبخر وتحسن تخزين المياه.
5. توسيع مشاريع تحلية المياه لتخفيف الضغط على الموارد السطحية والجوفية، خاصة في المناطق الساحلية.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 302467