العربي بن بوهالي: قابس لا تحتاج إلى حوار... بل إلى المال لحل الإبادة الكيميائية

في تدوينة تحليلية نشرها على صفحته بموقع فيسبوك
، قدّم الخبير الاقتصادي التونسي المقيم في أستراليا العربي بن بوهالي قراءة معمّقة لما وصفه بـ«الملف البيئي الأخطر في تونس»، داعياً إلى معالجة أزمة المجمّع الكيميائي بقابس بمنطق اقتصادي ومالي عاجل، بعيدًا عن الحلول السياسية واللجان التقليدية.
احتجاجات في قابس بسبب التلوث والاختناق

احتجاجات في قابس بسبب التلوث والاختناق
تعيش قابس منذ يومين على وقع احتجاجات واسعة إثر تزايد حالات الاختناق بين التلاميذ والسكان بسبب انبعاث الغازات السامة من مجمع غنوش الكيميائي، في مشهد يعيد إلى الواجهة أزمة بيئية مزمنة عمرها عقود.
ورغم الوعود الحكومية المتكررة بإغلاق الوحدات الملوِّثة، ما زال الوضع مرشحًا للتصعيد وسط هدوء حذر واستنفار أمني، فيما يترقّب الأهالي قرارات رسمية تُنهي معاناتهم مع التلوث الصناعي.
وأكدت حملة «أوقفوا التلوث» في بيان لها مساء الأربعاء، تمسّكها بمطلب تفكيك وحدات المجمع الكيميائي المتهالكة تطبيقًا لقرار 29 جوان 2017، مطالبةً بـ الوقف الفوري لنشاط الوحدات المسبّبة للتسرّبات الأخيرة، ومحاسبة كل من ثبت تورّطه في تعريض حياة آلاف المواطنين للخطر.
كما دعت الحملة إلى التراجع عن قرارات 5 مارس 2025 التي تسمح بمضاعفة الإنتاج وتركيز صناعات جديدة للهيدروجين والأمونيا الخضراء، ووصفت تلك الخطط بأنها «ترقيع فني لأزمة إنسانية».
بن بوهالي: المصنـع تجاوز عمره الافتراضي ويجب غلقه فورًا
قال العربي بن بوهالي في تحليله إنّ المصنع الكيميائي بقابس انتهت صلاحيته منذ سنوات، بعدما تجاوز عمره الافتراضي البالغ 50 عامًا، مضيفًا أن استمرار نشاطه يمثل «خطرًا بيئيًا يعادل قنبلة موقوتة».وأوضح أن قابس لا تحتاج إلى جلسات حوار جديدة، بل إلى تمويلات عاجلة لإنهاء هذه الكارثة، قائلاً:
«قابس لا تحتاج إلى حوار... قابس تحتاج إلى المال، المال والمال لحل هذه الإبادة الكيميائية».
مقترحات عملية لإنقاذ الوضع
قدّم الخبير الاقتصادي عدة حلول مالية واستثمارية عملية لإنهاء الكارثة وإعادة الإعمار الصناعي في المنطقة:1. تعبئة 8 مليارات دينار (ما يعادل 3 مليارات دولار) من ميزانية الدولة لسنة 2025 عبر المادة 11، لتغطية كلفة الغلق النهائي للمصنع، تعويض العائلات المتضرّرة، وبناء مجمع صناعي جديد في منطقة بعيدة عن السكان.
2. إصدار سندات موجّهة للتونسيين بالخارج (Diaspora Bonds) بفائدة سنوية 6٪ لمدة عشر سنوات، بهدف جمع 1.5 مليار دولار لتمويل عمليات الغلق والتعويض.
3. الاستعانة بتكنولوجيات فرنسا وألمانيا واليابان، التي تمتلك أفضل النظم في العالم لمعالجة النفايات الكيميائية والنووية.
4. التعاقد مع شركات صينية لإنجاز مصنع كيميائي حديث بتكلفة أقل وفي أجل لا يتجاوز 36 شهراً.
من فوكوشيما إلى قابس: دروس من الكارثة اليابانية
شبّه بن بوهالي ما يجري في قابس بكارثة فوكوشيما النووية عام 2011، حين أدّى زلزال وتسونامي إلى انهيار ثلاثة مفاعلات نووية في اليابان.وأشار إلى أن بنك اليابان ضخّ آنذاك 15 تريليون ين (183 مليار دولار) لإنقاذ الاقتصاد، فيما بلغت الخسائر الإجمالية 300 مليار دولار، موضحًا أن الدرس الأهم هو أن الاستجابة المالية السريعة كانت مفتاح التعافي.
وأضاف أن «تونس يمكنها تطبيق المنهج نفسه: تعبئة مالية وطنية، دعم دولي، واستثمار في التكنولوجيا النظيفة بدل إنفاق الأموال على ترقيعات مؤقتة».
دعوة إلى إرادة سياسية حقيقية
اختتم بن بوهالي تدوينته بدعوة صريحة إلى الرئيس قيس سعيّد للتحرك الفوري، قائلاً إن الدولة تمتلك الإمكانات القانونية والمالية لإنقاذ قابس إذا توفرت الإرادة السياسية:«إذا لم نغلق المصنع اليوم، فسنغلق غدًا أبواب الحياة في قابس. لقد آن الأوان لأن تتعامل تونس مع البيئة كقضية وطنية لا كمشكلة محلية».
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 316716