بيان توضيحي من سليم بن حميدان حول خلفيات الهجمات الإعلامية المتكررة في ما عرف بقضية الBFT
بلاغ صحفي -
عادت عديد وسائل الإعلام التونسية في الآونة الأخيرة إلى علكة اتهامنا والكيد لتوريطنا في قضية الBFT وفتحت منابرها من جديد بشكل حصري للمفتري كرشيد الذي صعّد من هجماته الإعلامية ضدنا مرددا أراجيفه واتهاماته لنا بخيانة الدولة فيما عرف بقضية النزاع الاستثماري بين شركة ABCI (رئيسها السابق عبد المجيد بودن) وبين الدولة التونسية حول ملكية أسهم في البنك الفرنسي-التونسي.
وهو نزاع يعود إلى بداية ثمانينات القرن الماضي حيث تحول معه البنك المذكور إلى بؤرة فساد سحيقة تمعشت منها لوبيات نافذة في إطار علاقاتها الزبونية بالنظام البائد وهي تسعى (منذ إحالتنا هذا الملف إلى هيئة الرقابة العامة والمكلف العام بنزاعات الدولة سنة 2013 ثم إلى النيابة العمومية) إلى إفشال كل المساعي الصلحية والانتقام منا وتحويل الأنظار عنها باختلاق شماعة تعلق عليها جرائمها المالية الخطيرة.
وهو نزاع يعود إلى بداية ثمانينات القرن الماضي حيث تحول معه البنك المذكور إلى بؤرة فساد سحيقة تمعشت منها لوبيات نافذة في إطار علاقاتها الزبونية بالنظام البائد وهي تسعى (منذ إحالتنا هذا الملف إلى هيئة الرقابة العامة والمكلف العام بنزاعات الدولة سنة 2013 ثم إلى النيابة العمومية) إلى إفشال كل المساعي الصلحية والانتقام منا وتحويل الأنظار عنها باختلاق شماعة تعلق عليها جرائمها المالية الخطيرة.
وقد عمد كرشيد هذه المرة إلى انتهاج أسلوب خبيث وسافل تمثل في خرق خطير للقانون ومخل بمصالح الدولة حيث نشر على صفحته بالفايسبوك بتاريخ 14 فيفري 2021 تدوينة ثم بث على ذات الصفحة حصة لايف Live دامت حوالي 20 دقيقة توعد من خلالها بنشر وثائق خطيرة، ثم سرعان ما عمد إلى نشر مكتوب "سري مطلق" كنا أرسلناه بصفتنا وزيرا لأملاك الدولة إلى زميلنا وزير العدل بتاريخ 7 مارس 2013، ويتضمن التأسيس القانوني والواقعي لمساندة المكلف العام بنزاعات الدولة لطلب العفو الذي تقدم به عبد المجيد بودن، والذي صدر بمقتضاه قرار لجنة العفو بمحكمة التعقيب عدد 113 بتاريخ 17 أكتوبر 2012 والذي قضى بتمتيع العارض بالعفو.
ورغم التوضيحات التي كنا نشرناها في عدة مناسبات لدحض أكاذيبه، وبعد أن رفض هذا الأفّاك مناظرتنا على المباشر، مكتفيًا بالثرثرة الخبيثة الكاذبة والتحريض ضدنا دون أدنى احترام للرأي الآخر أو مبدأ المواجهة (principe du contradictoire)، مما يؤكد أنه "محام بلعوط" تعوزه الحجة ولا يؤمن بأبسط مقومات حق الدفاع ولا يتوانى عن التمسح الركيك بأعتاب بعض وسائل الإعلام التي لا يكاد يغيب عن الظهور فيها يومًا، كيف لا وهي التي تتيح له مساحات واسعة يستغلها منابر للإفك والتشهير والتوظيف السياسي الرخيص ضد خصومه السياسيين.
ونظرًا للإحتفاء الكبير به من بعض وسائل الإعلام وتحاملها الواضح ضدنا، آثرنا التوجه للتونسيين مرّة أخرى لإنارتهم ولدرء ما قد يتسبب فيه هذا السلوك الأرعن من ضرر جسيم بمصالح الدولة.
ومن هذا المنطلق الوطني، يهمنا أن نوضح لعموم التونسيين ما يلي :
أولا- إن "المكتوب السري المطلق" الذي يتبجح كرشيد بنشره للعموم في انتهاك صارخ لقوانين الدولة وهيبتها التي يدعي نفاقا دفاعه عنها، لا يعدو أن يكون تطبيقا ومواصلة للنهج الذي أقرته حكومة الباجي قائد السبسي سنة 2011 في حل النزاع وفق مبدأ التصالح، إيمانًا منا باستمرارية التزامات الدولة، وذلك إثر صدور قرار الاختصاص عن هيئة التحكيمية في منازعات الاستثمار الدولية التابعة للبنك الدولي، والمتعهدة بالقضية المذكورة، وإعطاء مهلة للطرفين للتوصل لتسوية صلحية تنهي النزاع.
ثانيا- ليس في ذلك المكتوب أي انتقاص لنا بل يؤكد كل من اطلع عليه ووضعه في سياقه أنه دليل على حكمتنا وصواب مقاربتنا وسعينا لإيجاد حل صلحي للنزاع، على نحو يقلص من خسارة الدولة، وحجتنا في ذلك أن الطرفين عادا في الآونة الأخيرة إلى طاولة المفاوضات.
ثالثا - لقد كان المكتوب ثمرة تنسيق مع مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة التي ساندنا وتبنينا مقاربتها لحل صلحي للنزاع، وتعاملنا معها كمؤسسة مستقلة مؤهلة لتقدير مصلحة الدولة وفق مجريات النزاع وما خلصت إليه من أن حظوظ الدولة في كسب النزاع محدودة جدا.
رابعا- إن إقرار هيئة التحكيم اختصاصها بفصل النزاع ليس اعتباطيا بل هو مؤشر على أنها سائرة لا محالة إلى إدانة الدولة، بما قد يضر بمصالحها في علاقتها بالمؤسسات المالية الدولية وكوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي، وأن من شأن منح العفو إيجاد مناخ من الثقة لتيسير المساعي الصلحية.
خامسا- أكد قرار المسؤولية الصادر عن الهيئة المذكورة بتاريخ 17 جويلية 2017 صواب مقاربة الدولة، حيث أكدت تطور سياساتها في اتجاه المصالحة والانفتاح، ولم تكن إشارة الهيئة إلى قرار العفو، إلا في سياق استعراض عناصر تأسيس مسؤولية الدولة التي قامت على إخلالات ارتكبتها أنظمة الاستبداد في حق المستثمر المذكور، وتحديدا عنصر التوظيف السياسي للدعوى العمومية، الذي ثبت لدى الهيئة من خلال أدلة وقرائن أخرى متظافرة، تقوم بذاتها ولو لم يصدر قرار العفو.
سادسا- أكدت هيئة الحقيقة والكرامة التي تلاحق كرشيد بتهمة الخيانة، صواب المقاربة التصالحية كآلية للحد من خسائر الدولة في نزاع أكد كل الخبراء والمختصين في التحكيم الدولي ضعف موقف دولتنا فيه وأن الصلح هو أفضل الحلول لها.
وأيد ذلك تقرير هيئة الحقيقة والكرامة الذي تضمن ما مفاده أن "المساعي التي جرت خلال سنة 2012 هي الأفضل من حيث مراعاة مصالح الدولة."
سابعا- يسعى كرشيد جاهدا إلى شيطنة المساعي الصلحية والاجتهادات المبذولة في هذا الإطار إلى حد تخوين أصحابها رغم أنها ستكون الأصلح للدولة على الأرجح بدليل استئناف التفاوض بين الطرفين، بينما يعجز كرشيد بل يتعمد إفساد كل مسعى صلحي، وتسريب الوثائق السرية، مما يزيد من شكوكنا في أنه يتحرك الآن بالذات للتشويش على المفاوضات الجارية حاليا بإيعاز وتنسيق مع لوبيات الفساد المتسببة في إفلاس البنك الفرنسي -التونسي والتي من مصلحتها تأبيد النزاع، وعرقلة كل مسعي لتسوية صلحية تنهي النزاع بمنطق تصالحي ربحي WIN-WIN مخافة أن يفضي ذلك "الصلح" إلى فضحها وتعريتها أمام الرأي العام الوطني والدولي ومحاسبتها على ما اقترفته في تلك المؤسسة المالية الوطنية والدولة عموما من نهب.
ثامنا- أذكّر الرأي العام بأن العفو على المدعو بودن قد منحته لجنة العفو بمحكمة التعقيب بطلب وتأييد من الادعاء العمومي وبقرار من حجرة الشورى التي يرأسها الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وبحضور عضوين رئيسيْ دائرة.
تاسعا- اقتنعت لجنة العفو بأحقية الطالب العارض له، باعتباره آلية للمصالحة وجبر الضرر حينما تحقق لديها أن المناخ السائد زمن الاستبداد أدى إلى توظيف سلطة التتبع وإجراءات التقاضي لخدمة غايات الفساد السياسي لجهات في السلطة الحاكمة، وأن هذه الأحقية ثابتة، بغض النظر عما تضمنه مكتوب المساندة المقدم من المكلف العام بنزاعات الدولة،
عاشرا- تضمن التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة نماذج مفصلة عن انتهاكات الدولة بتوظيف القضاء وأن من ثمار ثورتنا هو تحريرالسلطة القضائية من قبضة السلطة التنفيذية ووصايتها وتسلطها.
حادي عشر- كرشيد محام ونائب شعب، يتخفى وراء حصانة مزدوجة، وهو إما جاهل بالقانون أو متجاهل أو منتهك له دون رادع حيث ارتكب أمام الملأ جريمة إفشاء أسرار دولة حصل له العلم بها بموجب وظيفه بغاية إلحاق الضرر بالمصالح العليا للدولة
ثاني عشر- بظهوره الإعلامي المتكرر يتعمد كرشيد الإضرار بالدولة في نزاعها التحكيمي وذلك بخرق التوصية الواردة في الفقرة 421 من قرار المسؤولية الصادر بتاريخ 17 جويلية 2017 عن الهيئة التحكيمية الدولية، والتي وردت بطلب من الدولة التونسية، وهذا نصها :
« Faisant droit aux demandes de la Tunisie, le Tribunal rappelle aux parties qu’il est impératif « de respecter l'intégrité de la présente procédure et de s'abstenir de toute déclaration ou communication, directement ou indirectement par voie de presse, susceptible d'aggraver le litige en cours ».
أخيرا لا آخرا- يتعمد كرشيد مغالطة الرأي العام بالكذب اليومي المباشر وعبر لجوئه الخبيث إلى استراتيجية "الهجوم كأحسن وسيلة للدفاع" لصرف الأنظار عن جرائمه وخياناته الموصوفة والتي تلاحقه أمام المحاكم التونسية.
وفي هذا السياق فإننا نحيط الرأي العام بأن كرشيد يعيش حالة من التوتر والارتباك وهو في مأزق خطير بسبب ما يرزح تحت وطأته من قضايا فساد من الحجم الثقيل، مبنية ضد مصلحة الدولة والاعتداء على المال العام.
هذا وستُضاف إلى رصيده النضالي العظيم قضايا أخرى في إفشاء أسرار الدولة والإضرار بمصالحها العليا.
يعمل كرشيد كل ما في وسعه وبمعدل حضور يومي مباشر (في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وعبر عديد المواقع والصفحات في الفضاء الافتراضي) على تحويل الأنظار والظهور بمظهر البطل المدافع عن مصالح الدولة العليا وتوزيع تهم الخيانة والغدر ضد شرفاء الوطن بدفع من لوبيات الفساد والمصالح التي ينوبها حتى إذا ما تمت إدانته في إحدى القضايا المذكورة انتفخت أوداجه وتناثرت كشاكشه متهما القضاء بأنه مخترق من حركة النهضة وفاسد وغير نزيه.
ختاما، وبخصوص علكة توجيه تهمة الفصل 96 في حقي والتي ما فتئ كرشيد يرددها بكل ما انطوت عليه ثرثرته من حقد وتشف فلا تعني الإدانة مطلقا (كما يتمناه ويحرّض عليه) بل هي بالنسبة لنا تهمة كيدية باطلة ومهزوزة لا سند لها غير الوهم المبني على المخاتلة والمكر وشهادات الزور (التي تم الإعتراف والرجوع في أحدها) وسندحضها بإذن الله أمام القضاء بالحجة القاطعة والبرهان الساطع.
وسيعلم الشعب التونسي قريبا المصلح من المفسد والأمين من الخائن.
"قد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال"
"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
د. سليم بن حميدان
محام لدى المحاكم الفرنسية
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 220926