أسباب النزول

أسباب نزول سورة البينة
تختلفُ أسباب نزول الآيات والسور القرآنية اختلافًا قائمًا على ما وردَ عن السلف في علم أسباب النزول، فهذا العلم -على غزارتِه وكثرة مسائله ورواياتِهِ- إلّا أنّه لم يجمعْ كلَّ أسباب نزول الآيات والسور القرآنية، وفيما يخصُّ سورة البينة على وجه التحديد، فلم تقفِ الروايات على سبب خاص لنزول هذه السورة، وإنّما قيل في سبب نزولها: إنَّ سورة البينة جاءت تعليلًا لما وردَ في سورة القدر من قبل، حيث قال تعالى: “إنّا أنزلناه في ليلة القدر”، فجاء سؤال المشركين: لم أُنزل؟، فأنزل الله تعالى قولَه: “لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى? تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً” وهو رسول الله تعالى يتلو الصحف المطهرة، أي يتلو القرآن الكريم على الناس.

سورة البينة

عن أبي بن كعب: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ اللهَ أمَرَني أنْ أقرَأَ عليكَ، قال: فقرَأَ عليَّ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1-4]، إنَّ الدِّينَ عندَ اللهِ الحَنيفيَّةُ، غيرُ المُشرِكةِ، ولا اليَهوديَّةِ، ولا النَّصرانيَّةِ، ومَن يَفعَلْ خَيرًا فلن يُكفَرَه. قال شُعْبةُ: ثُم قرَأَ آياتٍ بعدَها، ثُم قرَأَ: لو أنَّ لابنِ آدَمَ واديَينِ من مالٍ، لسأَلَ واديًا ثالثًا، ولا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إلَّا الترابُ، قال: ثُم ختَمَها بما بقِيَ منها.

نزلت سورة البينة ليؤكد الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآيات المباركات أنَّ المشركين والكافرين لن يتوقفوا عن تكذيبهم وعنادهم حتَّى يأتيهم الدليل وتأتيهم البينة، والبينة هي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي سيتلو على هؤلاء المشركين من أهل الكتاب وغيرهم قرآن الله تعالى وصحفَهُ المطهرة

هل سورة البينة مكية أم مدنية؟
تعدُّ سورة البينة من السور المدنية؛ أي من السُّور التي نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، بواسطة الوحي جبريل -عليه السَّلام- من عند الله سبحانه وتعالى، وقد نزلت بعد سورة الطلاق.

سبب تسمية سورة البينة


إنَّ مسألة تسمية هذه السورة مسألة شائكة قليلًا عند أهل العلم، فقد سُمِّيتْ بأسماء كثيرة، وبروايات صحيحة عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلّم- فقد سُمِّيت في كلام رسول الله بسورة “لم يكنِ الذين كفروا”، ومن هنا قيل إنّها سُمِّيتْ سورة لم يكنِ الذين كفروا، وسُمِّيت أيضًا في كثير من كتب تفسير القرآن الكريم بسورة “لم يكن” وهذه التسمية جاءت من مطلع السورة شأنها في هذا شأن كثير من سور القرآن، وسُمِّيت في بعض المصاحف بسورة القيّمة وسُمِّيت أيضًا بسورة أهل الكتاب، وسورة الانفكاك وسورة البرية، وتختلف أسباب هذه التسميات وفقًا للروايات التي وردتْ فيها، أمّا في سبب تسميتها بسورة البينة فهو ورود كلمة البينة في أول آية من آياتها، قال تعالى: “لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى? تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ”.

فضل سورة البينة


إنَّ القرآن الكريم كلُّهُ خير من الله تعالى، فتلاوته عبادة، والتفكر فيه رحمة وإعجاز، واتباع أوامرهِ هدي وصلاح، وقد وردَ في فضل القرآن الكريم كثير من الأحاديث التي تحثُّ على قراءة القرآن، مثل ما وردَ عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي الله عنه-، قال: قالَ رسولُ اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-: “مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ آلم حَرْفٌ، وَلَكنْ أَلفٌ حرفٌ وَلَامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ”.

فيما يتعلّق بفضل سورة البينة على وجه الخصوص فقد وردَت بعض الأحاديث الضعيفة التي تخصُّ هذه السورة بالفضل دون غيرها، يُذكر منها هذا الحديث للاستئناس به لا أكثر، وهو عن أبي الدرداء قال: “لو يعلم الناسُ ما في “لم يكنِْ الذين كفروا من أهلِ الكتاب”، لعطَّلوا الأهلَ والمالَ، فتعلَّموها، فقال رجلٌ من خزاعةَ: وما فيها من الأجرِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: لا يقرؤها منافقٌ أبدًا، ولا عبدٌ في قلبِه شكٌّ في اللهِ، واللهِ إنَّ الملائكةَ المقربينَ يقرؤونها منذُ خلق اللهُ السمواتِ والأرضَ وما يفترون من قراءتِها، وما من عبدٍ يقرؤها إلا بعثَ اللهُ إليه ملائكةً يحفظونه في دينِه ودنياه، ويدعون له بالمغفرةِ والرحمةِ”. ى

سورة البينة - سورة 98 - عدد آياتها 8


بسم الله الرحمن الرحيم

  1. لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ

  2. رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً

  3. فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ

  4. وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ

  5. وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ

  6. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ

  7. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

  8. جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ