فهذهِ السُّورَةُ نَزَلَت في شَأنِ عَبدِ الله بنِ أُمِّ مَكتومٍ، وذلكَ أنَّهُ أتى رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ الله، أَرْشِدْنِي؛ وعِندَهُ صَناديدُ قُرَيشٍ.
فَجَعَلَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ، وَيَقُولُ: «أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْساً؟».
فَيَقُولُ: لَا. فَفِي هَذَا أُنْزِلَت. رواه الحاكم والترمذي.
وبناء على ذلك:
فهذهِ السُّورَةُ الكَريمَةُ نَزَلَت في حَقِّ الصَّحَابِيِّ الجَليلِ عَبدِ الله بنِ أُمِّ مَكتومٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، وفيها عِتابٌ من الله تعالى لسَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وهذا العِتابُ لِصَالِحِهِ ولَيسَ عَلَيهِ، لأنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كانَ يُتعِبُ نَفسَهُ من أجلِ إسلامِ صَنادِيدِ قُرَيشٍ، حتَّى قالَ لهُ تَبارَكَ وتعالى: ?فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً?. وقالَ لهُ: ?فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّر * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر * إِلا مَن تَوَلَّى وَكَفَر * فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذَابَ الأَكْبَر * إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُم * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم?. هذا، والله تعالى أعلم.