شهداء الناتو.. لا بواكي عليهم بقلم عبد الباري عطوان

<img src=http://www.babnet.net/images/imgfes/atwan.jpg width=100 align=left border=0>


تصاعدت في الايام الاخيرة اعداد ضحايا قصف طائرات حلف الناتو من المدنيين في العاصمة الليبية طرابلس وضواحيها وسط صمت عربي مريب، وتواطؤ واضح من الامم المتحدة ومنظمات غربية لحقوق الانسان.
بالامس اعلنت السلطات الليبية عن استشهاد العشرات في قصف صاروخي لمدينة زليطن، وقالت ان هناك صعوبات كبيرة في الوصول الى الجرحى والقتلى بسبب كثافة غارات الطائرات الحربية.
قيادة الحلف اعترفت يوم الاحد الماضي بمقتل تسعة اشخاص، خمسة منهم من اسرة واحدة، بينهم ثلاثة اطفال، عن طريق الخطأ اثر انحراف الصواريخ عن هدفها، وتدمير عمارة مجاورة له نتيجة خلل ما في البرمجة، وقدمت اعتذارها لاسر الضحايا على لسان راسمونسن امين عام الحلف الذي وعد باجراء تحقيقات.

بعد هذا الاعتذار بيومين، اغارت الطائرات مرة اخرى على منزل السيد الخويلدي الحميدي عضو مجلس قيادة الثورة واحد المقربين من الزعيم معمر القذافي، في بلدة صرمان شمال طرابلس، وادى القصف الى استشهاد 19 شخصا، بينهم عشرة من احفاده، وزوجة ابنه، وخادمة مغربية.



ولا يفوتنا التذكير بان القصف لم يتوقف على مدى الشهرين الماضيين لاهداف مدنية وعسكرية وموانئ ومطارات مدنية، ومرافق عامة، كان من ابرز ضحاياها سيف العرب نجل الزعيم معمر القذافي واربعة من احفاده قتلوا نياما عند قصف منزلهم في قاعدة باب العزيزية العسكرية.
الصحافيون الغربيون الذين زاروا المستشفى الذي نقل اليه ضحايا الغارة على منزل السيد الحميدي ذكروا تفاصيل تقشعر لها الابدان عن اشلاء لاطفال كان من الصعب التعرف على هوياتهم، والشيء نفسه يقال ايضا عن جثامين نساء كن في المنزل ساعة القصف.
القنوات الفضائية العربية التي تفننت في بث صور جثامين شهداء قصف كتائب القذافي في مصراتة وبنغازي والبريقة، واعادتها بطريقة مبالغ فيها، لم تنقل لنا اياً من صور جثامين شهداء قصف حلف الناتو حتى لا يتعاطف معهم احد، وحتى تكتمل عملية التعتيم على حقائق الاوضاع في ليبيا، وبما يصب في مصلحة الثوار في نهاية المطاف.
الفضائية الليبية لم تبث صور الجثامين ايضا، ليس تعففا او من منطلق الانسانية والحفاظ على الذوق العام، واتباع المعايير المهنية، وانما لانها غير موجودة، فقد قرر وزراء الاعلام العرب طردها، وهي البائسة، من القمر الصناعي العربي 'عربسات'، واكملت طائرات الناتو المهمة، وهي التي تمثل دولا تحاضر علينا في الديمقراطية واحترام الرأي الآخر، بقصف المحطة وتدميرها وتعطيل بثها.
' ' '
شهداء طرابلس وزليطن وصرمان وباب العزيزية لا بواكي عليهم، لان قتلهم بصواريخ طائرات الاباتشي، او 'اف15' الامريكية، او الـ'يوروفايتر' الفرنسية، و'التورنيدو' البريطانية امر مشروع، فطالما انهم ليسوا في مناطق الحظر الجوي المشمولة بقرار مجلس الامن الدولي رقم 1973 فقتلهم حلال، وسفك دمائهم مشروع، والتعاطف معهم، او حتى التعزية بهم ممنوعان لانهما سيعتبران تأييدا للديكتاتورية والقمع والفساد.
كل شهداء هذه الفتنة التي نرى تفاصيلها في ليبيا منذ اربعة اشهر، سواء كانوا في طرابلس او مصراتة او الزاوية او بنغازي، وسواء قتلوا على يد كتائب القذافي الدموية المتوحشة، او من قبل حلف الناتو ومرتزقته، كل هؤلاء اهلنا واشقاؤنا نبكي عليهم ونترحم على ارواحهم دون اي تفرقة او انحياز، فكلهم عرب ومسلمون وليبيون ايضا.
حلف الناتو خرج عن تفويض قرار مجلس الامن الدولي، ويمارس حاليا عملية تدمير لليبيا وبناها التحتية، تماما مثلما فعل في العراق فهذه الاهداف المدنية، بل وحتى العسكرية، التي تقصفها طائرات الحلف هي ملك للشعب الليبي وليس للعقيد معمر القذافي وأبنائه.
أذكر ان برنامج 'مواجهة' الذي كان يقدمه الزميل جاسم العزاوي في قناة 'أبوظبي' قبل وأد توجهها العروبي وتحويلها الى قناة منوعات، استضافني في احدى حلقاته، وكان خصمي متحدثاً باسم الخارجية البريطانية، وكان الموضوع بناء الرئيس الراحل صدام حسين قصوراً ايام الحصار، وأراد الضيف البريطاني ان يحرجني بالقول ان الرئيس صدام يبني هذه القصور بينما الشعب العراقي يتضور جوعاً. فقلت له انني لست من مؤيدي بناء القصور، بل اكرهها، ولكن هذه القصور ليست ملكاً لصدام، وانما للشعب العراقي، ولن يأخذها معه الى قبره، وها هي قصور ملوك اسرة محمد علي تعود للشعب المصري، بل ها هي الاهرامات التي بناها ملوك الفراعنة مقابر لهم، تدر المليارات كعوائد سياحية الى الشعب المصري.
معمر القذافي رغم كل ما يقال عن فساده واسرته لم يبن قصوراً، بل لم يبن اي شيء مفيد للشعب الليبي غير بناء مجدٍ واهٍ له، بما في ذلك قاعدة العزيزية التي دمرها قصف الناتو، ولكن ما يجري تدميره حالياً من مبان وسفن تجارية ومطارات هي أصول ليبية جرى بناؤها من أموال الشعب الليبي.
شعرت بالصدمة، واقولها بحزن، عندما شاهدت فرانكو فراتيني وزير خارجية ايطاليا، وليس اياً من الزعماء او المسؤولين العرب، يطالب بوقف فوري لهجمات حلف الناتو، لوقف الكارثة الانسانية التي تنتج عنها، لحقن الدماء، وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الطبية والانسانية للسكان المدنيين في طرابلس ومصراتة والزاوية وزليطن والبريقة، لان الوضع الانساني في هذه المدن، وبسبب القصف المستمر بات مأساوياً، ولان وقف اطلاق النار سيمنع تقسيم ليبيا.
عزائي ان السيد عمرو موسى امين عام الجامعة العربية اصيب بصحوة ضمير، وان جاءت متأخرة، وكفر عن خطيئته بتأييد غير مشروط للتدخل الغربي العسكري في ليبيا، عندما عبر عن ندمه، وتراجعه عن هذا الموقف المخجل، واعلان معارضته للقصف الجوي الغربي، وذلك في حديث ادلى به لصحيفة 'الغارديان' البريطانية ونشرته في عددها الصادر امس.
السيد موسى قال ايضاً في هذه التصريحات التي لم تنقلها اية فضائية عربية ايضاً، انه لا يستطيع ان يرى اطفال ليبيا يذبحون بصواريخ الناتو، ولهذا يطالب بوقف فوري لاطلاق النار تحت اشراف دولي، يظل خلالها العقيد القذافي على رأس السلطة، ثم تلي ذلك فترة انتقالية تمهد للوصول الى تفاهم دولي حول مستقبل ليبيا.
' ' '
مطالب فراتيني والسيد موسى قوبلت بالرفض الفوري من قبل ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا، وآلان جوبيه وزير خارجية فرنسا، فالأول قال ان اعمال الناتو العسكرية ستستمر في ليبيا حتى تحقيق اهدافها وايده الثاني دون اي تحفظ، مما يعني استمرار آلة القتل الجهنمية هذه الى ما لا نهاية.
أهداف الناتو واضحة وعلى رأسها تغيير النظام في ليبيا، ورهن ثرواتها لعقود وربما لقرون قادمة، فالنفط الليبي هو الذي سيغطي تكاليف هذه الحرب وعمليات اعادة اعمار ما جرى تدميره عمداً. فالناتو ليس مؤسسة خيرية، وانقاذ اهل بنغازي من مجازر القذافي وكتائبه لم يكن على قمة اجندات الحلف عندما فرض الحظر الجوي، رغم نبل هذا الهدف واهميته الانسانية.
غارات الناتو تعكس حالة من التغول التي تعيشها القيادات السياسية المؤيدة لها، خاصة بعد ان فشلت حتى الآن، ورغم مرور شهرين، في تحقيق اهدافها. وابرزها اغتيال العقيد القذافي، وهذا ما يفسر الاصرار على تكثيف هذه الغارات في الفترة الاخيرة، رغم معارضة القادة العسكريين البريطانيين والفرنسيين، وتصاعد اصوات المعارضين للحرب في الاوساط الاوروبية.
ولعل أخطر ما يخشاه الغربيون هو ما كشف عنه ديريك دينسي خبير الارهاب الفرنسي المشهور في دراسة اعدها مع مجموعة باحثين آخرين وكشف فيها عن معلومات موثقة حول حصول تنظيم 'القاعدة' في المغرب الاسلامي على صواريخ 'سام 6' المضادة للطائرات وذخائر ومتفجرات استولى عليها مهربون وباعوها لمن يملك المال.
نترحم على أرواح جميع شهداء ليبيا دون اي استثناء ونطالب بحقن دماء الاطفال والمدنيين العزل في اسرع وقت ممكن، بوقف كامل لاطلاق النار من جميع الاطراف، والبحث عن حلول سياسية لهذه الحرب الاهلية الدامية، تقود الى دولة ديمقراطية تسودها العدالة والمساواة، وحكم القانون، وتحول دون تقسيم البلاد او تفتيتها.


عبد الباري عطوان
القدس العربي


Comments


11 de 11 commentaires pour l'article 36583

حبيب الزموري  (Norway)  |Lundi 27 Juin 2011 à 12:47 | par             
القاعدة التي تقود عمليات حلف الناتو في ليبيا هي"دمر أكثر ما يمكن لتستثمر أكثر ما يمكن" الشعب الليبي إفتتح مسارا ثوريا وقع تحريفه بواسطة تحالفات مشبوهة مع قوى إمبريالية و رجعيات إقليمية لا تحمل بأي حال من الأحوال بديلا ثوريا شعبيا و ديموقراطيا،على الشعب الليبي أن يستعيد زمام المبادرة و يستأنف مساره الثوري بعيدا عن ليبيرالية المجلس الإنتقالي المشبوهة و بعيدا عن ديكتاتورية القذافي المزمنة.

Saby  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 17:41           
Comme toujours le jour ou l'otan a besoin d'un terrain réel d'entrainement c chez nous qu'il le trouveront afin de tuer des innocents alors que ya des millions de solutions surtout que ils sont les champions des assassinats est c aljazira de quatar qui ouvre toujours le bal

Lamlot le marin  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 17:22           
S'il vous plait ne jugez pas une personne sans la connaitre.lisez ses articles sur la révolution libyenne avant le 17 mars 2011.après l'invasion du nato c'est une autre paire de manche et le scénario irakien est entrain de se répéter sur le pays frère libyen.allez-y lire dans son journal "elquds" d'aujourd'hui un article sur le peuple irakien comment une partie de ce peuple vivant sur un plateu de petrole se nourrit de la poubelle, et vous
allez juger vous même pourquoi on ne doit pas admettre l'invasion de l'otan en libye tel que soient les raisons.sans oublier bien entendu que l'otan n'est pas une association de charité.comment vous donnez légitimité à une invasion étrangère?c'est l’influence des médias et spécialement aljazeera.

الفهري  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 13:59           
@jnn

majorité ecrasante !!! aprament t un libyen ou koi ? comment ta su que les libyen ou la majorite sont pour le regime de x ou de y !!! apprament 'jnn' c l'un des personnes elli ghalltouhom !!!

BIBO  (South Africa)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 12:41           
Ce journaliste parle pour ne rien dire mais il defend quand meme kadhafi et il se laisse prendre a la propagande de celui ci.
il pretend que l'occident veut avoir le petrole libyen mais le petrole libyen est confisque par la famille kadhafi depuis 42 ans. cette famille maffieuse a la main sur l'argent et aussi sur le pauvre peuple libyen.
au fait, qui c'est qui finance ce journaliste a 4 sous ?

الطيب  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 11:53           
يقول بونابارت إذا كنت لأختار عدوي سأختار أن أحارب ضد حلف لإنه يمكن اللعب على التناقضات.
الحلف الشيطاني يتفكك و يفقد شرعية وجوده أصلا و هو في "الوقت الضائع" أصلا منذ نهاية حلف فرصوفيا حسب تعبير "فوراين بوليسي".
فإيطاليا تطلب وقف العمليات ليس رأفة باليبيين ولكن لأنها أكبر المتضررين...أولا لقد بنت مصافي نفط خصيصا للنفط اليبي وهي الآن مغلقة. ثانيا أغلب إراداتها من النفط اليبي و ثالثا هي المتضررة الأولى من الهجرة.
و الولايات المتحدة ليس لديها مصالح كبيرة في ليبيا...و تدخلت فقط لمنع فرنسا من الانفراد بالقرار في ليبيا و بالتالي في إفريقيا.
و طبعا على القيادة اليبية إيجاد مخارج ترضي الطمع الغربي بدون تسليم ليبيا و هو يعتمد في ذلك على صمود الصامدين و تحييد الباقي...و لقد نجح في ذلك إلى الآن.

Jnn  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 11:22           
Gadhafi veut tuer son peuple et détruire son pays.
s'il avait un gramme de patriotisme, il aurait quitté, démissionné ou suicidé.
c'est clair qu'ils est detesté par une majorité ecrasante des libyens.
sa présence ne pourra qu'apporter davantage de sang et de malheurs.
les pays du nato ne lacheront jamais car israel a besoin d'une libye écrasée, détruite. elle n'en veut pas d'un gouvernement des insurgés car la majorité des libyens sont des natioanlistes arabes teintés d'silamismes. le nato va rallonger cette guerrer et veut faconner la libye suivant son désirata. les insurgés sont naifs et sont guidés par des ex-fidèles à gadhafi (moussa koussa, abdejelil, chalgham... et cie).
je suis sûr qu'ils retourneront leurs armes contre ces traitres.
il faut bien distinguer entre insurgés et dirigeants du cnt.
une seule certitude cependant :
- gadhafi en est le 1er responsable et l'histoire retiendra l'image d'un criminel sanguinaire que l'humanité a rarement produit

الطيب  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 10:49           
الحمد لله أنه مازال هناك من يمتلك ذرة إنسانية في هذه الأمة الخربة و المستخربة. فحتى عمرو موشى دبت فيه روح الإنسانية بعد أن رفضه المصريون و بعد أن ناور بركوبه على الثورات العربية و بعث بالشعب اليبي إلى الجحيم...أما التوانسة فلا أمل و لا حياة لمن تنادي...جيرانهم يذبحون و هم يرقصون على جثثهم.

Haytham  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 09:29           
Le malheur dans cette affaire c'est que l'otan mettent toujours en premier les intérêts des entreprises occidentales dans leurs missions. à mon avis les forces de l'otan sont capables de supprimer kadhafi et ses proches dans un laps de temps et sans davantage de dégats, mais ceci n'est pas la priorité pour eux. la priorité est de larguer le maximun de bombes (qui seront remboursées dans le proche avenir par la lybie) et de détruire le maximum
de l'infrastructure lybienne qui sera aussi reconstruite par des entreprises us et européennes. tout cela se fait, sans considérer le nombre de civils qui pourront être tués.

JEK  (France)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 08:59           
@babnet:
wallhi c'est inadmissible de rapporter encore les propos de ce genre de journaliste, merceniare de la plume, collabo des régimes totalitaires, vendant ces services au plus offrant (à l'époque zaba, moubarak, les rois de la ksa...)! ces pseudo journalistes devraient prendre leur retraite et quitter la scéne: yezzi ma ghalltou ennass!

محمد سمير  (Tunisia)  |Vendredi 24 Juin 2011 à 07:32           
عبد الباري إختلطت عليه السبل و إنطلت عليه كذبة الثوار و النيتوو حماية المدنيين و هو بصدد التراجع والندم و لكن فات الأوان لن نقرأ له بعد كل ما كتبه و ما ابعده الآن من القضية الفلسطينية و العرب و المسلمين


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female