بقلم الأستاذ بولبابة سالم

لم يخطر بذهني مطلقا أن تكون الطماطم المعلّبة سببا في كشف ازدواجيّة بعض خبراء المال و الإقتصاد , لقد زاد احترامي لهذه النعمة الإلهيّة و أصبح النظر إليها بين أروقة دكاكين التجّار و المغازات الكبرى هواية مفضّلة بل صرت حريصا على تنظيمها عند ملاحظة أي اختلال في مواقعها . كم أصبحت عظيمة الدلالات أيّتها الطماطم المعجونة لتُفصحي عمّا عجزت عنه نقاشات المنابر الإعلامية التي صدعت رؤوسنا بجدل الخبراء و تحليل الأرقام وبيان حقيقة المؤشّرات و الترقيمات السيادية .
ما عجزت عنه الملايين و المليارات أنجزته زيادة مبلغ قدره مائة و ستّون مليما في علبة الطماطم لتنقلب ألسنة جهابذة خبراء الإقتصاد مائة و ثمانون درجة وهم يؤيّدون الإجراء الحكومي الجديد و يدعون الشعب الكريم إلى تحمّل الظروف الصعبة فليس بالإمكان أفضل مما كان و علينا ألاّ نزيد في متاعب صندوق التعويض , ما سمعته ذات مساء على قناة نسمة من السيدين عز الدين سعيدان و معز الجودي في مداخلتيهما حول الزيادة الجديدة كاد يطير بعقلي من رأسي , لقد تغيّر خطاب من كانا يطوفان بالإذاعات و التلفزات قبل أشهر لرفض تبرير أي إجراءات تقشفية من الحكومات السابقة و يدافعان عن المقدرة الشرائية للزوالي و المسكين و فاقدي السند , لكن يبدو أن الحكومة الجديدة قد جعلت الشعب على درجة واحدة حتى زالت طبقة الفقراء لتكون نعمة الغنى متساوية بين جميع التونسيين , ولعلّ هذا الإنجاز الذي حققته حكومة السيد مهدي جمعه في شهر واحد منذ تسلّمها مسؤولية الحكم قد يدخلها موسوعة غينيس للأرقام القياسية, لقد هرب الفقر من بلدي فلا مكان للفقراء وهو ما أدركه الخبيران العظيمان اللذان غابت عنهما تلك الأرقام و الوثائق المتراكمة اللّذان كان يحملانها في كل منبر .