هل دمّرت نشرة الأخبار أعصاب التونسيّين؟

بقلم عبد الرزاق قيراط
''سندمّر أعصابك يا حمادي يا جبالي''، هكذا أعلنت جريدة ''ضدّ السلطة'' لتوفيق بن بريك عن برنامجها الإعلاميّ و هي تصدر في تونس بعد الثورة و تتمتّع بحريّة لم يكن يحلم بها أي صحفيّ في العهد السابق. كان بن بريك مزعجا لنظام بن علي لا شكّ في ذلك، ودخل السجن مرارا بسبب نقده و استفزازه للمخلوع، و سطع نجمه باعتباره صحفيّا شجاعا يرفض الاستسلام للرقابة، و تعاطفت معه منظّمات عالميّة كلّما تعرّض للمضايقة. و لكنّه اليوم – و الحمد لله- يقول ما يشاء في الحكومة و الرؤساء الثلاثة كأنّه يريد توريطهم ليدخلوه السجن دون أن ينجح في ذلك، فحتّى عنوان المنصف المرزوقي ساقط لم يفلح في إغضاب الرئيس المنتخب ليسقط في الفخّ و يزمجر طالبا سجن بن بريك كما كان يفعل بن علي. كان توفيق بن بريك مزعجا للنظام السابق و لكنّ كتاباته الجديدة تصوّره بمظهر المنزعج من الحكّام الجدد و تكشف عن غضبه الشديد و حنقه عليهم كما نرى في ما يكتبه آمرا فيقول مرّة: ازحفوا على الداخليّة ، و يضيف بعدها اجتثّوا حزب النهضة . و بذلك يبقى بن بريك صحفيا حرّا يعمل خارج الخطوط الحمراء ويعبّر عن مواقفه بحرّيّة في جريدته الخاصّة. فله أن يكون مزعجا أو منزعجا بقدر ما يشاء.
''سندمّر أعصابك يا حمادي يا جبالي''، هكذا أعلنت جريدة ''ضدّ السلطة'' لتوفيق بن بريك عن برنامجها الإعلاميّ و هي تصدر في تونس بعد الثورة و تتمتّع بحريّة لم يكن يحلم بها أي صحفيّ في العهد السابق. كان بن بريك مزعجا لنظام بن علي لا شكّ في ذلك، ودخل السجن مرارا بسبب نقده و استفزازه للمخلوع، و سطع نجمه باعتباره صحفيّا شجاعا يرفض الاستسلام للرقابة، و تعاطفت معه منظّمات عالميّة كلّما تعرّض للمضايقة. و لكنّه اليوم – و الحمد لله- يقول ما يشاء في الحكومة و الرؤساء الثلاثة كأنّه يريد توريطهم ليدخلوه السجن دون أن ينجح في ذلك، فحتّى عنوان المنصف المرزوقي ساقط لم يفلح في إغضاب الرئيس المنتخب ليسقط في الفخّ و يزمجر طالبا سجن بن بريك كما كان يفعل بن علي. كان توفيق بن بريك مزعجا للنظام السابق و لكنّ كتاباته الجديدة تصوّره بمظهر المنزعج من الحكّام الجدد و تكشف عن غضبه الشديد و حنقه عليهم كما نرى في ما يكتبه آمرا فيقول مرّة: ازحفوا على الداخليّة ، و يضيف بعدها اجتثّوا حزب النهضة . و بذلك يبقى بن بريك صحفيا حرّا يعمل خارج الخطوط الحمراء ويعبّر عن مواقفه بحرّيّة في جريدته الخاصّة. فله أن يكون مزعجا أو منزعجا بقدر ما يشاء.

لكنّ الأمر لا ينطبق على المؤسّسات العموميّة التي تعود ملكيّتها للشعب و على رأسها القناة الوطنيّة التي تُطالب اليوم بأن تكون أكثر حيادا و مهنيّة في برامجها الحواريّة و نشرات أخبارها. و الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة توحي لنا أنّ نشرة الأخبار و القناة الوطنيّة كانت هي أيضا منزعجة من نتائج الانتخابات و الحكّام الذين وصلوا إلى السلطة بعدها، حتّى أنّ إحدى النشرات شكّكت مؤخّرا في نسبة النموّ التي أعلنتها الحكومة و كذّبتها بانزعاج غريب. و بهذا المثال و غيره من الأخطاء السابقة عملت القناة و خاصّة أخبارها على توتير أعصاب جزء كبير من الرأي العامّ بما في ذلك العاملين في القطاع الذين خرجوا لمواجهة المعتصمين أمام مقرّ التلفزة لطردهم و توبيخهم بعد أن كتبوا عبارة للبيع على جدران مؤسّستهم، ليكون بذلك الاعتصام الوحيد المرفوض بعد مباركة العشرات من الاعتصامات الأخرى و تغطيتها حتّى و إن كانت في أقصى المدن بعدا عن العاصمة.فهل رفعت القناة الوطنيّة منذ إعلان الحكومة الجديدة نفس شعار بن بريك، فجاءت أخبارها بغاية تدمير أعصاب الذين أدلوا بأصواتهم لصالح من يحكم اليوم على الأقلّ؟
الجواب هو نعم حسب عامر العريّض الذي دعي لملفّ تلفزيونيّ يتناول بالنقاش نشرة الأخبار، فقد أحصى النائب عن حركة النهضة جملة من الأخطاء التي أظهرت النشرة و كأنها تعمل بنفس عنوان جريدة بن بريك ضدّ السلطة حتّى أنّها أطلقت رصاصة على الحكومة منذ يومها الأوّل على حدّ قوله ، فلم تتحدّث عن حفل

و لعلّ الإيجابيّ في الملف المذكور أنّ القائمين على النشرة اعترفوا بأخطائهم معلّلين أنّهم يعملون في ظروف ماديّة و معنويّة صعبة، و أكّد رئيس تحريرها سعيد الخزامي أنّ عمل فريقه كان اجتهادا فيه الخطأ و فيه الصواب و قالت سلوى الشرفي أنّ بن علي يتحمّل مسؤوليّة كبرى في ما تعانيه التلفزة اليوم، لأنّه كان يتدخّل حتّى في التوجيه الجامعي فيرسل إلى معهد الصحافة التلاميذ من ذوي المستوى المتدنّي. و لعلّ تلك الاعترافات تمهّد للقيام بإصلاحات صارت أمرا عاجلا لقطاع حسّاس حفاظا على عموميّة التلفزة الوطنيّة من التجاذبات السياسيّة و حتّى النقابيّة فلا هي ملك لحزب أو نقابة. إنّها ملك الشعب و لن يرضى عنها ذلك الشعب إلاّ بحيادها و ابتعادها عن الشعارات المعادية أو المناصرة. فلا نريدها مع السلطة و لا نريدها ضدّ السلطة . نريدها سلطة رابعة عادلة نزيهة حتّى لا تدمّر أعصابنا.
Comments
86 de 86 commentaires pour l'article 48854