اللغة الفرنسية ونظرية الحصان الميت

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/678e0d5c5950c1.73539199_pjmgiqkoenfhl.jpg width=100 align=left border=0>


كريم السليتي

نظرية الحصان الميت (Dead Horse Theory) هي استعارة ساخرة توضح بأن هناك بعض الناس أو المؤسسات أو الشعوب تتعامل مع مشكلة واضحة وكأنّها غير مفهومة، لكن بدل الاعتراف بالحقيقة، يتعامون ويتفننون في تبريرها والفكرة ببساطة:

لو اكتشفت بأنك راكب على حصان ميت (مُحنط)، فإن أفضل حل وأبسطه هو أن تنزل من فوقه وتتركه أو تستبدله بحصان حي حقيقي، ولكن الواقع فعليًا أنَّ هناك أناس أو مؤسسات أو شعوب بدلاً من أن تنزل من على الحصان، يتخذون اجراءات اخرى مثل:




1. يأتون بسرج جديد.
2. يأتون بالعلف للحصان.
3. يغيرون الفارس الذي يركبه.
4. يعزلون الموظف الذي يتولى رعايته ويأتون بموظف جديد بدلاً عنه.
5. يعقدون اجتماعات لمناقشة اجراءات لزيادة سرعة الحصان.
6. تشكيل لجان وفرق عمل لدراسة الحصان الميت وتحليل الموضوع من كل الجوانب، فاللجنة تعمل لأشهر ثم ترفع التقارير ومقترحات حلول للحصان ميت.
7. في النهاية، اللجان تتوصل لنفس النتيجة، المعروفة من البداية "الحصان ميت".
8. ولكن مع ضياع كل الجهد والموارد والوقت، يكابرون في قول الحقيقة، ومن أجل التبرير يقارنون الحصان بأحصن ميتة مثله ويوصون بأن الحصان ميت لأنه ينقصه التدريب، ويحتاج إلى دورة تدريبية. أو لأنه لم يتم اعداد دليل اجراءات للعناية بالحصان الميت وتطوير أدائه.
9. وهذه الدورة التدريبية أو دليل الاجراءات سوف تتطلب زيادة ميزانية الحصان.
10. وفي الأخير يعيدون تعريف كلمة "ميت" ويدخلوا مفاهيم فلسفية وتنمية بشرية لكي يقنعوا أنفسهم بأن الحصان ما زال حيا.


الدرس المستفاد من هذه النظرية يكشف كم يوجد هناك من أناس تفضل البقاء في حالة إنكار للواقع وتضيّع وقتها وجهدها في محاولات فاشلة، بدل من الاعتراف بالمشكلة من البداية ومعالجتها.

نحن في بلادنا لدينا الكثير من الأحصنة الميتة، ولا نصارح بعضنا بها بل وهناك الكثير من تلك الفئة من الناس التي تريد اقناعنا بأننا نقول بأنه "حصان ميت" لأننا لا نفهم ولا نتقن التعامل مع الأحصنة.

وخذ مثالا على ذلك في اصرارنا على مواصلة استخدام والتعليم باللغة الفرنسية في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا واداراتنا ومؤسساتنا الاقتصادية وغيرها، رغم علمنا أنه لا قيمة لها خارج الفضاء الفرنكفوني الضيق جدا، ورغم علمنا بأنها لغة معقدة جدا وتثير نفور التلاميذ من العملية التعليمية برمتها بل هي السبب الأساسي لضعف التحصيل الدراسي والعلمي لتلاميذنا وطلبتنا وهي أيضا السبب الأساسي الأول للانقطاع عن التعليم في المناطق الداخلية والأحياء الشعبية. والكل يعلم انها استثمار فاشل في الوقت والجهد والمال حيث انها ليست لا لغة العلم ولا لغة التكنولوجيا ولا لغة المعلوماتية ولا لغة الاقتصاد والمال والأعمال، اذن فهي "حصان ميت" لكن ليست لنا الشجاعة لنقول ذلك بكل صراحة ونتخذ اجراءات عملية لاستبدالها والتخلص من جثمانها.


* كاتب وباحث تونسي



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 301509


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female