دموع في عيون وقحة

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/mahdile100917x1.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم مهدي الزغديدي
#‏كيفما_اليوم


في مثل هذا اليوم 10 سبتمبر 2015 توفي في باريس أنطوان لحد قائد ما كان يعرف بجيش لبنان الجنوبي الموالي لإسرائيل.
...

بعد الحرب الأهليّة اللبنانيّة التي انطلقت أواسط السبعينات، بقيت إسرائيل تترصّد الفرصة المواتية للانقضاض على لبنان. وما كانت سنة 1982 حتى اجتاحت جنوب البلاد إلى أن وصلت إلى العاصمة بيروت. ولم تنسحب الّا بعد توقيع اتفاقية "17 أيار" في 17 ماي 1983، والتي تم رفضها شعبيّا مما اضطرّ الرئيس حينها الأمين الجميّل لإلغائها. لم يكن انسحاب إسرائيل كاملا إذ أبقت على جنوب لبنان محتلا، واعتمد على ما يسمّى بجيش لبنان الجنوبي لحمايتها من هجمات فصائل المقاومة اللبنانيّة. وجيش لبنان الجنوبي أو ما أصبح يعرف فيما بعد بجيش لحد هو ميليشيا تشكلت بدعم من إسرائيل من أبناء القرى الجنوبية ووحدات منشقة من الجيش اللبناني. تم تأسيس هذه الميليشيا عام 1976 على يد أفراد من الجيش اللبناني في مدينة مرجعيون الجنوبيّة. وكان أغلب أعضائها من اللبنانيين المسيحيين الذين كانت لهم مشاكل مع فصائل من المقاومة الفلسطينية التي سيطرت على جنوب لبنان في ذلك الحين. وبعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1978 الذي عرف بعملية الليطاني توسعت منطقة سيطرة هذه التشكيل من عملاء إسرائيل بحكم السيطرة الميدانية لجيش الاحتلال. ظل أفراد جيش لبنان الجنوبي يتقاضون رواتبهم من الجيش اللبناني حتى عام 1990، عندما أعلنت الحكومة اللبنانية الجديدة آنذاك بأن جيش لبنان الجنوبي منظمة خارجة عن القانون، وأوقفت دفع الرواتب لأعضائها. كان أول قائد لجيش لبنان الجنوبي الرائد سعد حداد، وبعد وفاة حداد بمرض السرطان عام 1984، خلفه أنطوان لحد. وصل عدد أفراد هذه الميليشيا إلى 6000 جندي، وأصبح يعرف باسم جيش لحد، نسبة لقائده أنطوان لحد.

ولد أنطوان لحد سنة سنة 1927 في قرية كفر قطة اللبنانيّة لعائلة مسيحيّة مارونيّة. تخرّج من الأكادميّة العسكريّة اللبنانيّة سنة 1952 ودرس بين الأعوام 1972 و1973 في الكلية العسكرية التابعة للجيش الفرنسي، أين تعرّف أثناء دراسته إلى زميله اللّواء مناحم عينان الذي أصبح فيما بعد ضابطا كبيرا في الجيش الصهيوني. كان يرفض الوجود الفلسطيني في لبنان وكان متعاطفا مع الكيان الصهيوني، حتى أنه ترأّس نُخبة من ضبّاط المخابرات في الجيش اللبناني لاستلام الشحنات السريَّة من الأسلحة والعتاد العسكري التي أرسلتها إسرائيل للجيش اللبنانيّ باتّفاق مع كميل شمعون عام 1958. سعى سنة 1984 إلى منصب رئيس أركان الجيش اللبناني، لكنّه فشل، فسارع الاسرائيليّون بالاتصال به وعرضوا عليه تولّي منصب قائد ما سُمّي بجيش لبنان الجنوبي خلفًا للرائد سعد حداد الذي توفّي عام 1984. وكان لحد آنذاك قائدًا في ميليشيا حزب الكتائب اللبنانية في منطقة جونية فقبل العرض.

جعل أنطوان لحد من جيشه سدا منيعا لإسرائيل من هجمات المقاومة اللبنانيّة، فجنّب الكيان الصهيوني عدّة خسائر في العتاد والأرواح بأن قاتل نيابة عنها، وضحّى بحياة العديد من أفراد جيشه اللبنانيّين من أجل حماية مصالح إسرائيل. وبعد اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهليّة في لبنان، أعلنت الحكومة الجديدة أن جيش لحد منظمة مارقة عن القانون، وتم إيقاف الرواتب، فأصبح الجيش يعتمد كليّا على إسرائيل وتحوّل عدوّهم من المقاومة اللبنانيّة فحسب إلى الجيش اللبناني والدولة اللبنانيّة نفسها. وقد تعرَّض أنطوان لحد إلى محاولة اغتيال في 17 نوفمبر 1988، قامت بها سهى بشارة إحدى ناشطات جبهة المقاومة الوطنية في لبنان، التي أوكلت إليها مهمّة التّخلُّص من أنطوان لحد. فقد نجحت في الاندساس ضمن جيشه، حتى اقتربت منه وأطلقت عليه طلقتين من مسدس عيار 5,45 ملم، فأصابت صدره وذراعه. لكن المحاولة فشلت، فقد استرد لحد عافيته بعد أن قضّى ثمانية أشهر في العناية المركّزة، لكن يده اليسرى بقيت مشلولة
تكثّفت هجمات المقاومة في التسعينات ممّا جعل من الوجود الإسرائيلي في الجنوب اللبناني يتحوّل إلى عبء على الكيان الصهيوني. فقرّر رئيس الوزراء الصهيوني في 25 ماي 2000 الإنسحاب من جنوب لبنان، بعد أن أبلغ جيش لحد في أفريل بضرورة أن يجد أفراده حلّا لمستقبلهم في ظرف شهر. رفضت إسرائيل استقبال أغلب أفراد جيش لحد رغم كلّ ما قدّموه في سبيلها ممّا جعل بعض أسر الجيش تلجأ إلى أوروبا، بينما اضطرّ الغالبيّة لتسليم أنفسهم للمقاومة التي سلّمتهم بدورها للقضاء اللبناني بعد أن لفظتهم إسرائيل. كان أنطوان لحد من القلّة التي قبلت إسرائيل قبولهم على أراضيها، لكنها لم تكافئه الّا بما ساعده على إقامة مطعم على الطراز اللبناني. ولكنّ المطعم سرعان ما أغلق أبوابه، فاضطرّ للسّفر إلى باريس مع زوجته وولديه. وقد عبّر في كثير من الأحاديث الصحفيّة التي أجرتها معه وسائل الإعلام الإسرائيليّة عن ألمه الشديد من تخلّي إسرائيل عنه، وعن طريقة انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي بشكلٍ مباغت من جنوب لبنان، واعتبر أن الحكومة الإسرائيليّة خذلته رغم كلّ ما قدّمه لها .

وفي مثل هذا اليوم 10 سبتمبر 2015 أعلن في باريس عن وفاة أنطوان لحد عن سن 88 سنة إثر نوبة قلبيّة. وكانت الأخبار التي تحدثت عن إمكانيّة دفنه في لبنان أثارت عاصفة من الغضب الرسمي والشعبي، لم تهدأ الّا بعد أن تمّ دفنه في باريس، لتطوى صفحة كبير عملاء إسرائيل.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


1 de 1 commentaires pour l'article 147511

Mandhouj  (France)  |Lundi 11 Septembre 2017 à 21:26           
شكرا للكاتب ، على هذا المقال


babnet
All Radio in One    
*.*.*