كيفما اليوم ... أيلول الأسود
بقلم: مهدي الزغديدي
كيفما اليوم
تعدّدت نكبات العرب وهزائمهم بداية من القرن العشرين. وان كانت الخسائر ضد الأعداء مؤلمة فإن تحويل وجهة السلاح من العدو صوب الأخ تكون أكثر ألما. وقد تعدّدت هذه الصراعات منذ بداية القرن الماضي، بداية من حرب الشريف حسين وآل سعود، مرورا بالحروب الأهليّة اللبنانيّة والسودانيّة والسوريّة والليبيّة والنزاع بين المغرب والجزائر حول الصحراء الغربيّة وصولا إلى الصراع الفلسطيني الفلسطيني. ولكن تبقى أحداث أيلول الأسود أسوء ذكرى في هذه الصراعات (رغم محدوديّة الخسائر مقارنة ببقيّة الصراعات)، لأنها كانت أوّل مرّة يتجرّأ فيها العرب على تغير وجهة السلاح من العدوّ الإسرائيلي إلى صدور بعضهم.
كيفما اليوم
تعدّدت نكبات العرب وهزائمهم بداية من القرن العشرين. وان كانت الخسائر ضد الأعداء مؤلمة فإن تحويل وجهة السلاح من العدو صوب الأخ تكون أكثر ألما. وقد تعدّدت هذه الصراعات منذ بداية القرن الماضي، بداية من حرب الشريف حسين وآل سعود، مرورا بالحروب الأهليّة اللبنانيّة والسودانيّة والسوريّة والليبيّة والنزاع بين المغرب والجزائر حول الصحراء الغربيّة وصولا إلى الصراع الفلسطيني الفلسطيني. ولكن تبقى أحداث أيلول الأسود أسوء ذكرى في هذه الصراعات (رغم محدوديّة الخسائر مقارنة ببقيّة الصراعات)، لأنها كانت أوّل مرّة يتجرّأ فيها العرب على تغير وجهة السلاح من العدوّ الإسرائيلي إلى صدور بعضهم.
يطلق اسم أيلول الأسود على الصراع الدموي الذي حدث بين الدولة الأردنيّة والفصائل الفلسطينيّة بين سبتمبر (الذي يطلق عليه اسم أيلول في بعض مناطق الشام) 1970 وجويلية 1971. فبعد نكبة 1948، نزح العديد من الفلسطينيّين نحو الأردن، خصوصا بعد أن تحوّلت الضفة الغربيّة إلى السيادة الأردنيّة، قبل أن تحتلها إسرائيل في حرب 1967. وقد حاولت قوّات الإحتلال الصهيونة في مارس 1968 عبور نهر الأردن واحتلال الضفة الشرقيّة في ما يعرف بمعركة الكرامة، لكن الجيش الأردني وبتعاون الفصائل الفلسطينيّة المتمركزة هناك، استطاعوا منع الصهاينة من القيام بعمليّاتهم، وهزموهم بعد ن سقط العديد من القتلى الإسرائيليّين، فيما ينظر إليه كأوّل انتصار للعرب على إسرائيل بعد حرب 1967. كان المأمول من هذا الإنتصار زيادة التنسيق واللحمة بين الدولة الأردنيّة وفصائل المقاومة الفلسطينيّة (منظمة التحرير الفلسطينيّة)، لكن العكس حصل. فقد قامت المقاومة الفلسطينيّة بعدد من الهجمات على القوّات الإسرائيليّة انطلاقا من الأراضي الأردنيّة من دون التنسيق مع الجيش الأردني، مما أدى إلى رد عنيف من الجانب الأسرائيلي بالطائرات والصواريخ على المدن الأردنية، وجعل الدولة الأردنيّة في حرج.
حاولت قوّات الأمن والجيش السيطرة على المخيمات الفلسطينيّة بين سنتي 1968 و1969، ممّا أدى إلى اقتتال مسلّح بين الفصائل الفلسطينيّة وقوّات الأمن الأردنيّة بعد أن اعتبرت منظمة التحرير التحركات الأردنيّة بمحاولة تقويض المقاومة ضد الإحتلال.
وشهدت هذه الفترة ما يقرب عن 500 اشتباك أدى إلى مقتل ما لا يقلّ عن 1000 شخص. وأضحت منظمة التحرير الفلسطينية دولة ضمن الدولة في الأردن (حسب وصف زياد الرفاع رئيس الدوان الملكي)، فقد فقدت قوات الأمن الأردنية وقوات الجيش سلطتها في المخيمات الفلسطينيّة، وبدأت قوات منظمة التحرير الفلسطينية بحمل السلاح بشكل علني وإقامة نقاط تفتيش وجمع الضرائب. وقد حاول الملك الأردني الأردني الحسين بن طلال احتواء الفصائل الفلسطينيّة عبر عرض مناصب حكوميّة لقياداتهم، لكن محاولاته باءت بالفشل رغم تعدّد الوساطات العربي. (وقد كشف العديد من القربين للملك حسين لاحقا أنه كان يشكّ أن النظامين المصري والسوري المناوئين له هم من يحرضون في الفلسطينيّن ضدّه). وقد بلغت ذروة الإحتقان بين الطرفين حدّها بعد محاولة الإغتيال الفاشلة للملك في 9 جوان 1970.
في 6 سبتمبر 1970 قامت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين باختطاف 3 طائرات أوروبيّة متجهة إلى نيويورك، وأرغمتها على التوجه إلى الأردن. وطالب المختطفون بإطلاق سراح رفاق فلسطينيين لهم معتقلين في سجون أوروبية، وعندمت رُفض مطلبهم عمدوا في 12 سبتمبر وتحت أنظار وسائل الإعلام العالمية، إلى تفجير الطائرات الثلاث بعد أن أخذوا الركاب رهائن في عمان. اهتمّ العالم لهذه الحادثة، وشعر الملك الأردنيّ أنه بدأ يفقد السيطرة على مملكته، ممّا جعله يتخذ قرارا بإبادة الوجود الفلسطيني من فوق الأراضي الأردنيّة. وفي نهار ''كيفما اليوم'' 13 سبتمبر 1970 بدأت الدبابات والمدرعات الأردنية بالقصف المدفعي العنيف على مواقع المنظمات الفلسطينية، ثمّ اقتحام المخيمات حيث حدثت معارك ضارية فيها, مما دفع القوات الأردنية إلى زيادة وتيرة القصف والضغط العسكري الأمر الذي ضاعف الانتقادات العربية للأردن التي قابلها بالتجاهل. استمرّت الحرب حتى جويلية 1971، انتهت بسيطرة القوات الأردنية على الأرض واستسلام أكثر من 7000 من المسلحين الفلسطينيين ومقتل أكثر من 4000 فلسطيني. عقد مؤتمر القاهرة سنة 1971 برئاسة الرئيس المصري جمال عبد الناصر والذي اتفق فيه على مغادرة كل الفصائل الفلسطينية المدن الأردنية والتوجه إلى لبنان (لتشتعل الحرب مجدداً هناك).
كان من تداعيات هذه الحرب تأسيس منظمة أيلول الأسود والتي كان هدفها الرئيسي هو الانتقام من جميع الشخصيات التي أفشلت وجودها السياسي في الأردن, فقامت بعدة عمليات على الساحة الأردنية كان أولها محاولة اغتيال زيد الرفاعي في لندن في 15 سبتمبر1971. كما قامت في 28 نوفمبر 1971 باغتيال رئيس الوزراء الأردني وصفي التل. كما قامت المنظمة عام 1973 بمحاولة احتجاز أعضاء الحكومة الأردنية. لتبقى هذه الأحداث إحدى أحلك الفترات في التاريخ العربي الحديث ممّا جعلها توصف بالسواد بإطلاق اسم "أيلول الأسود".
Comments
6 de 6 commentaires pour l'article 130793