حول تداعيات الفخفاخ-غايت: الي فيه طبّة ما تتخبّى !
سليم بن حميدان
(وزير سابق لأملاك الدولة ومحام حاليا بباريس)
من أسرار الدولة التي يسعني اليوم قانونيا وسياسيا وأخلاقيا رفع واجب التحفظ عنها هو تجميد عضويتي في لجنة التصرف في ممتلكات المصادرة ومقاطعة أعمالها بمكتوب رسمي (سري) إلى رئاسة الحكومة بسبب شبهات تواطئ مع الفساد والفاسدين.
(وزير سابق لأملاك الدولة ومحام حاليا بباريس)
من أسرار الدولة التي يسعني اليوم قانونيا وسياسيا وأخلاقيا رفع واجب التحفظ عنها هو تجميد عضويتي في لجنة التصرف في ممتلكات المصادرة ومقاطعة أعمالها بمكتوب رسمي (سري) إلى رئاسة الحكومة بسبب شبهات تواطئ مع الفساد والفاسدين.
وكان ذلك فيما يتعلق بالمتصرف القضائي المسؤول عن إدارة مجمع ألفا Holding Alfa وهو مجمع شركات صودرت فيه حصص بلحسن الطرابلسي دون شريكه حمادي الطويل الذي طالما طالبنا بأن يشمله مرسوم المصادرة أيضا (الفرع الثاني).
فقد بلغتني آنذاك عريضة تروي تفاصيل فساد مالي وإداري في المجمع المذكور قمت على إثرها بإصدار إذن بمأمورية أثبتت كل ما ورد في تلك العريضة من تجاوزات ترتقي إلى جرائم ثابتة.
ذهلت لما رفضت اللجنة طلبي تغيير المتصرف القضائي وتعويضه بممثل دولة كإجراء احتياطي عاجل.
وكان يرأس لجنة التصرف آنذاك السيد إلياس الفخفاخ بصفته وزيرا للمالية.
أعرب لي الفخفاخ في بدء عهدته عن نيته اتخاذ الإجراء اللازم واعتبر مقترح التعويض وجيها إلا أنه سرعان ما انقلب في موقفه (دار في الحياصة) ليتمسك بالمتصرف القضائي على رأس المجمع معتبرا تقرير هيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة متحاملا على الرجل الذي يتميز (حسب ادعائه) بكفاءة عالية وبألا نظير له في تونس وأن تعويضه قد يؤدي إلى إفلاس المجمع !
فما كان مني إلا أن قررت المقاطعة الشخصية للجنة والاكتفاء بإرسال ممثل عن وزارة أملاك الدولة لعدم تعطيل نشاطها بالكامل وحتى لا أزيد من تأزيم أوضاع متأزمة لحكومة محاصرة ومستهدفة.
تمت دعوتي بعد مدة قصيرة إلى رئاسة الحكومة لحضور جلسة وساطة وتحكيم بيني وبين الفخفاخ لحل الاشكال وقد ترأسها كل من الرئيس علي لعريض ومستشاره نورالدين البحيري وتم الاستماع إلينا بحيادية كاملة.
تمسك كل منا (أي الفخفاخ والعبدو لله) بموقفه مع مفاجأة صادمة تمثلت في ادعاء الفخفاخ توصّله بمراسلة من شركة فورد الأمريكية تتمسك فيها بالابقاء على مدير المجمع !
استغربت من الاستناد الى مثل هذه الحجة واعتبرته انتهاكا وتنازلا مفضوحا ومخجلا (فضيحة وحشومة) عن مبدأ السيادة الوطنية وطالبت بتمكيني من تلك المراسلة.
هنا حدثت فضيحة كبرى عندما رفض الفخفاخ تسليمي تلك الرسالة فكذبته صراحة وتحول الأمر بيننا إلى تنابز وشجار !
رفعت الجلسة وسط حنق واستياء من الوسيطيْن ودون التعبير عن أي موقف أو اتخاذ أي قرار.
استشطت غضبا وغادرت قاعة الاجتماع بالقصبة في اتجاه قناة الزيتونة حيث كان الاعلامي مقداد الماجري المتابع للموضوع في انتظاري لكشف الحقيقة للرأي العام.
إلا أن تدخلات من أعلى مستوى في تحالف الحكم أثنتني عن الكشف الاعلامي لما حدث مبررة موقف الحياد السلبي للوسيطين بأنه سكوت اضطراري مرّ عن تواطئ الفخفاخ تجنبا لأزمة كانت ستعصف بتحالف الحكم في مرحلة سياسية حرجة تصاعدت فيها أصوات الانقلاب والاستئصال والمطالبة بالرحيل.
تسارعت بعدها وتيرة الأحداث ودخلنا في "معبوكة" الحوار الوطني والتفاوض حول شروط استقالة الترويكا والمصادقة على الدستور.
بقيت فضيحة الفخفاخ تلك غصة في حلقي أتجرع مرارتها إلى اليوم رغم إحالتي هذا الملف إلى القضاء منذ سنة 2012.
بلغني بعدها أن مسؤول مجمع ALFA (أي المتصرف القضائي) تحول إلى صديق للفخفاخ (وربما كان كذلك من قبل) وأنه أصبح يردد منذ ذلك الوقت وعلى مرآى ومسمع من الجميع :
"يطير وزير أملاك الدولة وتطير معه الترويكا وسأبقى فوق قلوبكم" !
لا يفوتني أخيرا أن أخبركم بأن هذا المتصرف لا يزال على رأس الهولدينغ يصول فيه ويجول بجراية شهرية وامتيازات تفوق ما يسند لستة وزراء !
ويبدو لي اليوم أن الإقالة الأخيرة لستة وزراء تندرج في إطار الحوكمة الرشيدة بحرص الفخفاخ على ضمان تدفق جرايات قارة لصديقه المتصرف القضائي (الراعي لمصالح حمادي الطويل الفار إلى باريس والمتسكع بين أفخم مقاهي الشونزيليزيه) وذلك دون مزيد إرهاق الخزينة العمومية في ظل تداعيات وباء كورونا ... هههه
فلا تظنوا بالفخفاخ سوءً يرحمني ويرحمكم الله ... ولّي فيه طبّة ما تتخبّى !
Comments
2 de 2 commentaires pour l'article 207226