أيام قرطاج السينمائية 2024: "ود" لحبيب المستيري... فيلم يروي انهيار القيم في عالم طغت عليه المادة

<img src=http://www.babnet.net/images/3b/6766e2a97cf733.85045421_eilhomkgpqnjf.jpg width=100 align=left border=0>


تابع جمهور الفن السابع الفيلم الروائي الطويل "ود" للمخرج حبيب المستيري، الذي عُرض ضمن قسم "بانوراما 35" في الدورة الخامسة والثلاثين لأيام قرطاج السينمائية (14 - 21 ديسمبر 2024). وشهد هذا الفيلم في عرضه الوطني الأول مساء أمس الجمعة بقاعة الفن الرابع بالعاصمة، حضور فريقه الذي يضم كوكبة من الممثلين من بينهم أحمد أمين بن سعد ونجوى ميلاد وجمال مداني وجمال ساسي وتوفيق الغربي وخلود جليدي.

ويقدم الفيلم على مدى 76 دقيقة رحلة سينمائية تسلط الضوء على التحولات الاجتماعية والسياسية الكبرى التي غيرت مسار التاريخ من خلال قصة "خليل"، الصحفي اليساري الذي كرس حياته للدفاع عن العدالة وقضايا المظلومين. لكن نتيجة الفساد والقمع، يتحول هذا المدافع عن الحق إلى "فارس دونكيشوتي"، يطارد أوهاما لا تهدأ في عالم تبددت فيه القيم الإنسانية وانهارت الروابط الصادقة.

...

يوازن الفيلم بين الواقعية والرمزية. وتبدأ القصة بتصوير الجهود النبيلة للدفاع عن العدالة، لكنها تتحول تدريجيا إلى رحلة سوداوية تكشف هشاشة الإنسان أمام جبروت نظام المادة. ويستثمر الفيلم الرموز والدلالات في مشاهده لتقديم رؤية نقدية للمجتمع، فالصور الفوضوية مثل المكتب المليء بالأوراق وصناديق الأرشيف، تجسد الواقع الفوضوي الذي يعيش فيه "خليل" حيث تعكس هذه الخلفيات إشارة للبيروقراطية والعالم الفوضوي الذي تضيع فيه القيم والحقيقة. كذلك في مشهد "خليل" وهو يحارب الأوهام حاملا السكين أمام ستارة مضرجة بالدماء وهو ما يحيل على العنف الداخلي والخارجي الذي يعيشه البطل في محاولاته غير المجدية لمواجهة الفساد والقمع.

يتميز الفيلم أيضا من الناحية الفنية والإضاءة بالقتامة والظلال الكثيفة في العديد من المشاهد، وقد أحسن المخرج حبيب المستيري توظيفها لإيصال مشاعر اليأس والتشاؤم التي تغلف الشخصيات والعالم الذي يصوره الفيلم. كما بدت الظلال انعكاسا لصراع داخلي بين جملة من المتناقضات كالنور (القيم الإنسانية) والظلام (الواقع المادي والفساد) وبين القيم النبيلة والأوهام التي تسود الواقع.

واستخدم المخرج حبيب المستيري فنيات إخراجية متقنة لجعل القصة تنبض بالحياة، فاللقطات القريبة والإضاءة الطبيعية تنقل شعور الضغط النفسي والاجتماعي الذي يعاني منه "خليل". أما عنصر السرد فلم يقتصر على القصة الظاهرة بل تميز بالرمزية حيث أصبح كل مشهد يعكس أبعادا اجتماعية ونفسية.
وعلى صعيد الأداء، برع طاقم العمل في نقل أبعاد الشخصيات المعقدة، وقد قدم أحمد أمين بن سعد دور "خليل" قدم أداء مشحونا بالأحاسيس والعواطف، إذ جسّد التحول النفسي للبطل من صحفي ملتزم إلى رجل تطحنه الأوهام والحقائق القاسية.

ويدعو المخرج في "ود" إلى التأمل في ما أصبح عليه العالم اليوم من تنهيار القيم. ومن خلال رحلة "خليل"، ينتقد الفيلم الواقع الذي طغت فيه المادة فانهارت العدالة والقيم الأخلاقية والإنسانية.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 299695


babnet
All Radio in One    
*.*.*
Arabic Female