مهرجان دڨة الدولي 2024: أنور براهم ينسج من عذوبة الألحان حبكة موسيقية محورها السلام
أحيى الفنان الموسيقي وعازف العود أنور براهم حفلا حصريا على ركح مهرجان دقة الدولي، الليلة الماضية (6 جويلية)، أمام شبابيك مغلقة، بعد نفاد تذاكر العرض منذ ما يناهز الأسبوع.
وعاد أنور براهم إلى ساحة المهرجانات التونسية بعد ان غاب عنها لمدة فاقت السبع سنوات، إذ كانت آخر حفلاته في تونس يوم 26 أوت 2017 على ركح مهرجان الحمامات الدولي بعرض حمل عنوان "بلومقامز".
وعاد أنور براهم إلى ساحة المهرجانات التونسية بعد ان غاب عنها لمدة فاقت السبع سنوات، إذ كانت آخر حفلاته في تونس يوم 26 أوت 2017 على ركح مهرجان الحمامات الدولي بعرض حمل عنوان "بلومقامز".
ملتزما بالموروث الموسيقي العربي الأصيل، راوح الفنان أنور براهم ومجموعته خلال هذا العرض بين أنماط موسيقية غربية هي الجاز والبلوز، مقدّما مقاطع موسيقية وبألحان انطباعية وارتجالات تعكس أحاسيس الوجع المكتومة في الوجدان الإنساني، متماهية مع المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة من إبادة وتجويع أمام مرآى المجتمع الدولي، فكانت الموسيقى التي تنبعث من الآلات الموسيقية هادئة حزينة يرتفع نسقها أحيانا ليعكس حالة الصراع والتمزّق التي يعيشها الإنسان في عالم جريح من مخلفات الحروب.
وصاحب أنور براهم في هذا العرض ثلاثة عازفين هم "كلاوس جيسينج" على آلتيْ"الكلارينيت باس" و"الساكسفون" و بيورن ماير" على آلة "الغيتار باس" واللبناني خالد ياسين على البندير والدربوكة. وأظهر هذا الرباعي حبكة في تدوين النوتات الموسيقية وإتقانا في نسجها، فامتزجت فيها الروابط بين الشرق والغرب، بين الشمال والجنوب، وكسرت كل الحواجز الثقافية واخترقت الحدود الجغرافية لتوحّد العالم حول القيم والمبادئ الكونية السامية وهي الحرية والعدالة من أجل تحقيق إنسانية الإنسان.
وعلى مدى 90 دقيقة، كان الصمت في المدارج هو السمة البارزة في العرض، فالكل مشدود بمسامعه إلى هذا التزاوج البارع الذي أوجده أنور براهم ومجموعته بين موسيقى الجاز والبلوز والموسيقى العربية، فكشف مدى سحر تآلف أنغامها بشاعرية وعمق إنساني في هذا الحوار الرباعي بين الآلات الموسيقية الشرقية والغربية التي أثبتت أن الحوار هو السبيل لنشر السلام وتوحيد الشعوب مع الحفاظ على عناصر التنوع.
وأدّى أنور براهم من مخزونه الموسيقي الثري والمتنوع باقة من المعزوفات، انتقاها بعناية فائقة تماهيا مع المأساة الإنسانية، فحمّل ألحانه الموسيقية رسائل للحوار والسلام والانفتاح والتعايش السلمي بين الشعوب وللتفاعل الثقافي والقبول بالآخر، ووقف نزيف الحروب والاقتتال انتصارا للقيم الإنسانية الكونية.
ولم يفوّت هذا العازف البارع على العود، ابن الحلفاوين في المدينة العتيقة بالعاصمة مسقط رأسه، تكريم تونس في نهاية العرض على ألحان الأغنية الاحتفالية "ريتك ما نعرف وين" التي أداها سابقا رفقة الفنان لطفي بوشناق.
وفي تصريح إعلامي إثر العرض، عبّر أنور ابراهم عن سعادته الغامرة بالعودة إلى تونس بعد سبع سنوات من الغياب، قائلا إن مسرح دقة الأثري هذا الفضاء الموغل في التاريخ ألهمه في هذه المصافحة الموسيقية مع جمهوره، فبدا وكأنه يقدم العرض للمرة الأولى رغم أنه سبق له تقديمه في جولات عالمية. كما عبّر عن أمله في تجديد اللقاء مع الجمهور التونسي في مناسبات فنية قادمة.
وعن اعتذاره مرافقة الفنان لطفي بوشناق على ركح المسرح الروماني بقرطاج في افتتاح الدورة 58 لمهرجان قرطاج الدولي، أوضح أنور براهم أنه وافق وتحمّس للمشاركة في بادئ الأمر، مضيفا أن تغيير موعد افتتاح هذا المهرجان حال دون تمكنه من الحضور لالتزامات فنية.
وتمتدّ المسيرة الفنية لأنور براهم إلى ما يناهز أربعين سنة، ألف خلالها ما لا يقل عن 11 ألبومًا، كما لم يتوقف عن مسار البحث والتجديد في الموسيقى، منطلقا من روح الموسيقى التونسية والعربية وأصالتها متسلّحا بآلة العود ليخترق الحدود الموسيقية الأخرى ويمزج بين التقاليد الموسيقية العربية التي يبلغ عمرها أكثر ألف عام مع موسيقى الجاز الحديثة حاملا رسائل السلام والحرية والعدالة بين البشر.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 290513