سليانة: "الكينوا" أو غذاء المستقبل وطعام الأحلام..زراعة مستدامة تستوجب التعميم والتثمين في بلادنا

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/5b7d25857eb643.54965796_qnmepgolkfhji.jpg width=100 align=left border=0>


تحرير أميمة العرفاوي - تقف نبتة "الكينوا" شامخة مرتفعة تزيّن الحقول، متراقصة في تمايل على حواشي الطرقات مع كلّ هبّة رياح، تخالها الأنظار أزهارا فتؤسر بألوانها الأصفر الفاقع والوردي والأخضر، هي نبتة وافدة حديثا على حقول بلادنا وغير مألوفة لدى عامة الناس يتجاوز حجمها أحيانا نبتة القمح، ويرجع أصل تسميتها "الكينوا" إلى موطنها بجبال الأنديز في أمريكا الجنوبية، أين يطلق عليها باللهجة المحلية "كيشوا"، كما يعتبرها المختصون غذاء المستقبل ويطلقون عليها اسم "الحبة العجيبة" ...

تمثّل "الكينوا" زراعة مستدامة ومناسبة للبيئة، فهي نبتة غنية بالفيتامينات والمعادن إلّا أنها ليست بديلا للقمح بل تعتبر مكمّلا له، كما تحتوي على جميع الأحماض الأمينية الضرورية وتعدّ بروتيناً كاملاً، ولكنها أسهل كثيراً في هضمها من بروتينات اللحوم، وهي من حبوب الطاقة الغنية بالألياف والمغذيات الطبيعية التي تزوّد الجسم بالطاقة، وتعتبر أيضا طعاما مناسبا لمن يعانون من حساسية الغلوتين لأنها خالية من الغلوتين ويستخرج منها حليب الكينوا لمن يعانون من حساسية اللاكتوز في حليب البقر.
وتزدهر "الكينوا" في مواقع غير صالحة للمحاصيل الزراعية كالقمح، حيث تنمو في ظروف صعبة من بينها التربة عالية الأملاح ودرجات الحرارة المنخفضة، كما لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه والأسمدة الكيميائية وتتطلب مساحة صغيرة مقارنة بالأرز والقمح والذرة، حيث تنمو في المناطق ذات الطقس الجاف والمعتدل في أمريكا الجنوبية، وتزرع في بعض مناطق أفريقيا وآسيا و في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وعدد من البلدان العربية بما فيها تونس.
...

ومن ضمن تجارب زراعة "الكينوا" في تونس، واحدة خاضها الباحث والأستاذ الجامعي المتقاعد في اختصاص إنتاج البذور وتحسين النباتات أحمد المرواني في أحد حقول منطقة "الجوابرية" التابعة لمعتمدية سليانة الشمالية ويعمل من خلالها على مواصلة التجربة التي أدخلها إلى البلاد التونسية سنة 2013 تزامنا مع السنة العالمية لإنتاج وزراعة "الكينوا" وذلك في إطار بحوث للتعرف على مدى تأقلمها بولايات الشمال الغربي.
وذكر المرواني، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنّ أوّل تجربة انطلقت في سنتي 2014 و2015 بولايتي الكاف وجندوبة وانتشرت في ما بعد في ولايات أخرى من بينها بنزرت (منزل بورقيبة) وجندوبة (بوسالم) وسوسة(شط مريم) وتطاوين والقيروان وزغوان على مساحات تترواح بين 3 و5 هكتارات، فيما انطلقت التجربة الفعلية بولاية سليانة خلال السنة الجارية.
وأوضح أن التجربة انطلقت على صعيد وطني بـ50 سلالة جينية وراثية في كامل البلاد التونسية ليقع في ما بعد اختيار 3 سلالات (صنف "17" وصنف "20" وصنف آخر) تختلف في مدة تبكيرها، علما أنّ 90 بالمائة من حبوب "الكينوا" في العالم من الصنف الأبيض (صنف20 الموجود في تونس) و10 بالمائة حمراء و5 بالمائة سوداء.
وقال المراوني إن أفضل محصول تحصل عليه كان سنة 2018 وبلغ 18 قنطارا بالهكتار الواحد، مرجحا أن يكون مردود السنة الجارية أفضل بكثير، وفق تقديره.
وحول تجربة "الكينوا" وخصائصها، يضيف المرواني أنها تزرع خلال الفترة المترواحة بين شهري نوفمبر وديسمبر وتكون عملية الحصاد في أواخر شهر ماي وبداية شهر جوان، إلّا أنّ الأمطار التي شهدتها الجهة مؤخرا ستؤجل موسم حصاد هذه النبتة إلى غاية شهر جويلية عن طريق اليد العاملة و أحيانا بواسطة آلة الحصاد شرط تعديلها لتجفف في ما بعد وتجنى الحبوب منها.
وذكر أن طولها يتجاوز المتر الواحد حسب صنفها، وهي نبتة أحادية التلقيح بنسبة 90 بالمائة، وخلطية تلقيح بنسبة 10 بالمائة، لافتا إلى أن المساحة المزروعة بسليانة تقدّر بأقل من هكتار واحد موزعة بين ماهو في طور التجربة وبين ما هو في الإنتاج، على أن تروج لاحقا في السوق المحلية.
وعن خصوصيتها، أوضح المرواني أن حبوب "الكينوا" مطلوبة عالميا لذلك فإن تجربة زراعتها شملت 130 دولة عدد منها انطلق في الإنتاج والآخر لا يزال في طور التجربة بما في ذلك تونس والجزائر (أقل من 500 هكتارا حسب منظمة الأغذية والزراعة).
وكشف المرواني أن هذه الزراعة انتشرت سريعا وتراوح الانتاج العالمي بين 2 و2.5 مليون قنطار (حوالي 220 ألف طن) في المقابل لايزال الإنتاج الوطني ضعيف جدا في انتظار تطوير المساحات المزروعة وتزايد الطلب على زراعتها، معتبرا أيّاها زراعة المستقبل حيث تستند على أراض مزروعة في السابق زياتينا أو لوزا.
و"الكينوا " من الأغذية ذات المنافع المتعدّدة وينصح بها في الوقاية والعلاج وتوجّه لفئات معينة من بينهم مرضى الأبطن أو ما يعرف بـ"السيلياك" وفقر الدم والنساء الحوامل والمرضعات، كما يطلق عليها في الدول الأوروبية "طعام الأحلام" لاحتوائها على نسبة 16 بالمائة من البروتيين وعدد من الأحماض الأمينية، وتدرج في حمية رواد الفضاء ضمن مكوّنات فطور الصباح، ورغم ذلك فإنّ الإقبال عليها مازال محتشما خاصة وأن أسعارها لا تزال باهضة سواء وطنيا أو دوليا، وفق ذات المصدر.
وأشار إلى أن الكميات الموردة من " الكينوا "في تونس تقدر بحوالي 8 أطنان، فيما لايتجاوز الإنتاج الوطني طنيّن اثنين، ليظل بذلك سعرها مرتفعا في حدود 54 دينارا للكيلوغرام الواحد.
وعن مراحل طهيها و تحضيرها، أفاد المرواني بأنه يجب غسلها بالماء عدة مرات لاحتوائها على مادة الصابونيين المرّ المذاق، ثم طهيها لمدة 20 دقيقة (معدل كأس كينوا يقابله كأسين من الماء) إلى غاية بروز الجنين.
من جهته، ثمن رئيس مكتب الزراعات الكبرى بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بسليانة، محمد طاهر عزوز، تجربة زراعة "الكينوا" بالجهة في ظل اّلتغيرات المناخية التي شهدتها البلاد التونسية عامة وولاية سليانة خاصة والتي صنفت كمنطقة مجاحة بنسبة 100 بالمائة.
وقال إنها "زراعة جديدة تستوجب تعميمها وتوسعة ممارستها خاصة أنها لا تتطلب كميات هامة من الماء(الري)، ويمكن تستخدم كعلف أو تستعمل في الطهي (أوراقها شبيهة بالسبانخ، مشدّدا على أهميّة إدراجها في الدورات الزراعية لما لها من فوائد عديدة"، وفق تعبيره.
وعلى ضوء ما تحتويه "الكينوا" من منافع وفوائد إلى جانب تعدّد مجالات استعمالها وتأقلمها مع التغيرات المناخية وتلبيتها حاجيات الفلاح، أصبح من الضروري أن تشجّع وزارة الفلاحة والهياكل المتدخلة على زراعتها.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 268479


babnet
All Radio in One    
*.*.*