... هل تكون الانتخابات المحلية فرصة للاحزاب لاستعادة ثقة الشعب والتواصل مع القواعد

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/632447b73c38f0.42498452_engfhljmqpiok.jpg width=100 align=left border=0>


(وات /تحرير احلام جبري) - بعد انطلاق مسار 25 جويلية، وبداية تشكل المشهد السياسي وبناء السلطة وفق تصور مختلف وجديد، بدأ دور الأحزاب في الانحسار شيئا فشيئا، لتصبح حسب ما يراه المتابعون للشأن العام "تشكيلات سياسية على الهامش، ليس لها مكانة واقعية ملموسة في السلطة وفي إدارة الشأن العام بعد أن كانت نواته الصلبة طيلة العقد الماضي".

وكانت الانتخابات التشريعية المبنية على نظام الاقتراع على الأفراد ومقاطعة طيف سياسي واسع لها، "خطوة فارقة" في تحديد مصير الأحزاب، على الأقل في المرحلة الراهنة، لتصبح خارج دائرة صنع القرار أو المشاركة فيه، من داخل هياكل السلطة، كأطراف مساندة أو معارضة لها، مما يطرح مسألة ضرورة مراجعة هذا القرار، واستغلال الانتخابات البلدية والمحلية القادمة كنقطة انطلاق لاستعادة ثقة التونسيين في السياسيين والتواصل معهم والتأثير انطلاقا من القواعد.

...

ولم يتسن ل(وات) الحصول من المصالح الحكومية المعنية على إحصائيات محينة بخصوص عدد الأحزاب، إلا أن آخر المعطيات تفيد بأن عددها تجاوز 240 حزبا، إلا أن الواقع لا يعكس هذا العدد الضخم للأحزاب التي "لم تعد قادرة على مجابهة الواقع ومواكبة المتغيرات"، وفق ما أكده سياسيون ومتابعون للشأن العام.

وفي ظل "تواصل القطيعة بين الأحزاب المعارضة والسلطة وانشغالها في معركتها الخاصة لاستعادة موقعها والدفاع عن وجودها تعمق هذه الأحزاب انفصالها عن القضايا الحقيقية للشعب، وتواصلها مع القواعد، والتي يمكن للانتخابات المحلية أن تكون فرصة لتعزيزها، خاصة وأن الإطار التشريعي لهذه الانتخابات بات تقريبا جاهزا في انتظار تحديد المواعيد الانتخابية.

مقاطعة الانتخابات قرار يحتمل الخطأ

ويعتبر المحلل السياسي وأستاذ التاريخ بالجامعة التونسية عبد اللطيف الحناشي أن "أكبر خطأ ارتكبته الأحزاب هو عدم مشاركتها في الانتخابات لأنه كان بإمكانها أن تلعب دورا في هذا الاستحقاق وتنجح في تكوين كتلا داخل البرلمان" مضيفا قوله "في السياسة لا يمكن تفويت الفرص وتضييعها ولا بد من استغلال الحد الأدنى الموجود والعمل على تطويره واستغلاله وتوظيفه".

وبين في تصريح ل(وات) "أن الانتخابات البلدية والمحلية تعتبر فرصة بالنسبة للأحزاب لإعادة التواصل مع القواعد أسوة بأمثلة عديدة على المستوى العالمي لأحزاب اكتسبت شعبيتها انطلاقا من القاعدة، مشيرا إلى أن من يتواصل مع المواطنين بخصوص انشغالاتهم اليومية في تونس هو المجتمع المدني "والمفروض أن الأحزاب هي التي تقوم بهذا الدور في حدود الإمكانيات المتوفرة لها والاقتراب من المواطنين والتفاعل معهم والعمل على حل بعض الإشكاليات من واقعهم اليومي على غرار ملف النظافة"، وفق تقديره.

واعتبر أن الأحزاب السياسية، وخلال الأزمات المتعددة التي مرت بها البلاد، كانت تقريبا مستقيلة ولم يكن ليس لها عمل اجتماعي في الحد الأدنى الذي لا يتطلب توفير أموال طائلة وإمكانيات كبرى، بل أنها ظلت من برج عالي ولا تهتم بالمواطن في حياته اليومية.

ولفت إلى أنه وبالرغم من العدد الضخم للأحزاب في تونس، فإن " ستة أو سبعة أحزاب فقط، قبل 25 جويلية هي الناشطة وبنسب متفاوتة القيمة، على أساس وجود نخبة فاعلة، ولكن على مستوى التحرك ميدانيا في الساحة، فإن العملية كانت محدودة وهو ما تجلى واقعيا بعد 25 جويلية، حيث تقلصت الأحزاب وانكمشت بصفة كبرى ".

واعتبر أن " 25 جويلية قد نجح في تفجير الأحزاب من الداخل، وليس من خلال مؤامرات كما كان الأمر في السابق، ولذلك شهدت أغلب الأحزاب انقسامات حادة وعميقة في داخلها وهي أحزاب كبيرة وهناك أحزاب أخرى اندثرت كليا، كما توصل المسار إلى خلق نوع من الفراغ والتناقضات داخل الأحزاب في حد ذاتها مما أدى إلى انكماشها سواء على مستوى التحرك واتخاذ القرارات المناسبة أو على مستوى الشعبية"، وفق تقديره.

أحزاب عاجزة على مواكبة المتغيرات

وإن اختلفت المواقف من مسار 25 جويلية، فإن أغلب القوى السياسية المعارضة أو المساندة تجمع على أن الأحزاب عجزت عن مواكبة المتغيرات وعلى التعامل مع الأزمات، وأنها تحتاج إلى مراجعات عميقة لمواقفها وطرق تسييرها.

ويعتبر الحناشي في هذا الصدد أن الأحزاب "أصبحت مرتبكة وغير قادرة على اتخاذ مجموعة من القرارات، وأنها في واقعها عاجزة على التفاعل بشكل سلبي أو ايجابي مع المتغيرات، لأن الشارع العام أصبحت له مواقف سلبية ونقدية تجاه الأحزاب، إلى جانب حالة الإرباك التي أحدثتها قرارات 25 جويلية حيث أصبح من الصعب على قيادات الأحزاب وقواعدها اتخاذ قرارات تجد لها صدى لدى المواطنين، مما أوصلها إلى نوع من العجز والتخبط وعدم القدرة على التفاعل مع الواقع الذي فرضه 25 جويلية".

ويرى الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي (مساند لمسار 25 جويلية) أن "الأحزاب تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في انكفائها وتراجعها، لأنها أثبتت عجزا وفشلا في تأطير الشعب وقيادة العملية السياسية، بل وساهمت في إفساد الحياة السياسية ولم تنجح في القيام بدورها في الحياة العامة وهي مسؤولة إلى حد ما إلى ما آلت إليه أوضاعها".

وبين في تصريح ل(وات)، أن المطلوب اليوم من الأحزاب أن تعيد النظر في أساليب عملها وفي علاقتها بالشعب وبمناضليها وتراجع سياساتها وحتى أشكالها التنظيمية الكلاسيكية المعتمدة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والتي لم تعد مناسبة، في ظل التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الحديثة والتقدم الحاصل في العالم والتغيرات المجتمعية، معتبرا أن الفشل لا يتعلق بفكرة الأحزاب في حد ذاتها بقدر ما يتعلق بنمط أحزاب لم تعد ملائمة للمرحلة الحالية على المستوى العالمي والمحلي.

أما عضو المكتب الوطني لمسار 25 جويلية أحمد الركروكي فقد قال في تصريح ل(وات) إن "العمل السياسي يجب أن يكون في خدمة الوطن وعلى الأحزاب التي تريد العودة للساحة السياسية والنجاح في ذلك، أن تبني نفسها بنفسها وتنطلق من الشعب وتتواصل مع القواعد "، مذكرا بأن الشارع التونسي رفض الأحزاب السياسية التي خانته كلما أعطاها صوته ولذلك "نجح مسار 25 جويلية في قتل الأحزاب التي لم تكن وطنية ولم تكن في حجم الثقة التي منحها الشعب إياها".

في المقابل بين القياديان في حركة النهضة رياض الشعيبي ومحمد القوماني في تصريح سابق ل(وات) أن الأحزاب تحتاج لمراجعة فعلية وحقيقية لنشاطها وقراراتها خلال الفترة الماضية وهي مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى بأن توحد صفوفها ورؤاها حتى تفرض وجودها وتدافع على موقعها في المشهد.

وأكد الشعيبي أن " المطلوب اليوم من كل القوى السياسية والاجتماعية أن تلتحم وتتكاتف وتلتقي حول رؤية واحدة تقدمها للرأي العام الوطني والدولي تشرح فيها وجهة النظر وكيفية الخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد".

لا بديل عن الأحزاب والقيام بمراجعات عميقة أمر ضروري

ويعتبر القيادي في حركة النهضة محمد القوماني أنه "لا يوجد بديل عن الأحزاب السياسية وان التضييق عليها بمنع أنشطتها وغلق مقراتها يفرض عليها التوحد على الكلمة وتوحيد الموقف والرأي" وأنه "لا يمكن القبول بشطب أحزاب ومنعها وفق مزاج السلطة "مؤكدا أنه ليس هناك من طريقة أثبتت جدواها في إقصاء الأحزاب سوى صناديق الاقتراع.

ويرى زهير حمدي بدوره أن دور الأحزاب لا يمكن أن ينتفي لأنها ستبقى الوسيلة الوحيدة الممكنة لإدارة الشأن العام وتنظيم الشعب وممارسة السلطة ولا يمكن لأحد بقرار أو بقانون أن يلغي دور الأحزاب، معتبرا أن المشكلة لا تتعلق بالسلطة، وإن وجدت إرادة لتغييب دور الأحزاب، وإنما بقدرتها على مراجعة أوضاعها بطريقة تكفل عودتها للمسرح السياسي بأكثر قوة وأكثر فاعلية.

وقال "في المستقبل تبقى العملية السياسية لصيقة بعملية التنظم الحزبي ولكن مع إعادة النظر في الكثبر من المسلمات مثل البنى التنظيمية والديمقراطية داخل الأحزاب وتجاوز المركزية المفرطة داخل الأحزاب والقطيعة بينها وبين الجماهير وبين مناضليها



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 268153


babnet
All Radio in One    
*.*.*