" حق الملح" في تونس: عادة تكرم المراة أم ترسخ دورها في الطبخ والرعاية؟

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/643fe183544a63.44064173_kphmenjgfiqlo.jpg width=100 align=left border=0>


(وات/ تحرير مريم مطيرواي) - مع اقتراب عيد الفطر يعود الحديث من جديد عن "حق الملح" هذه العادة التي تختص فيها دول شمال افريقيا وتتمثل في "تُقديم الزوج لزوجته بعد صلاة عيد الفطر هدية اعترافا بمجهوداتها المبذولة خلال شهر رمضان".

ولئن يرى البعض أنها عادة تسعى الى الاعتراف بمجهودات المراة في تامين اعمال منزلية غير مدفوعة الاجر طيلة شهر الصيام فان منظمات نسوية ترى فيها من العادات والتقاليد التي تدفع نحو مزيد تأبيد الأدوار الاجتماعية والأنظمة التراتبية داخل العائلة والتي تختص فيها المراة بالاعمال المنزلية والرعاية.

...

"حق الملح" عادة لم تحدد الدراسات تاريخ ظهورها في تونس:

وتقول الباحثة في المعهد الوطني للتراث، سنية الحمزاوي إن "حق الملح عادة قديمة في تونس لم تحدد الدراسات تاريخ ظهورها وهي في طريقها للاندثار" مشيرة الى ان ارتباط تسميتها بالملح يعود حسب العديد من المختصين إلى مخاطرة النساء بتذوق الملح أثناء إعداد الطعام خلال شهر رمضان وهو ما قد يفسد صيامهن.

وافادت الباحثة التي تحدثت عن هذه العادة في كتابها باللغة الفرنسية "الحداثة والتقاليد: ممارسات الطهي لسكان مدينة تونس، "ان حق الملح عادة منتشرة بالخصوص في تونس العاصمة مشيرة إلى أن عددا من اصيلي تونس العاصمة ومتساكني المدينة أو ما يعرف ب "البلدية" ما زالوا يقدمون حتى الان "حق الملح" للزوجة.

وأضافت في تصريح ل(وات) ان لهذه العادة طقوسا: "فعند عودة الزوج من صلاة عيد الفطر، تستقبله الزوجة بطبق من الحلويات وفنجان قهوة، وبعد احتساء القهوة مع أفراد عائلته، لا يرجع الزوج الفنجان فارغا، بل يضع فيه خاتما أو قطعة مصوغ (ذهب) أو نقود، ليكون هدية لزوجته تعبيرا منه عن امتنانه وشكره لها على مجهودها الذي بذلته خلال شهر رمضان.

وأكدت تبعا لما توصلت إليه في ذات الكتاب أن "حق الملح" هي عادة تسعى إلى تكريم المرأة التونسية على مجهوداتها المبذولة خلال شهر رمضان وتعزيز الروابط العائلية من المحبة والألفة والمودة ويعتبر القائمون بهذه العادة أن تقديم هدية للزوجة هو اعتراف بالجميل لها.

االظروف الاقتصادية للعائلة التونسية ساهمت في اندثار هذه العادة

ويقول محمد، مواطن تونسي متزوج وأب لطفلين يقطن بالعاصمة، "لم يعُد في مقدورنا اليوم تقديم "حق الملح" نظرا للظروف الاقتصادية القاسية، التي اضحت العائلة التونسية تعيشها، وكذلك لتزامن هذه العادة مع اقتناء حلويات العيد ولباس الأطفال.

واضاف ل(وات) "إن الكلمة الطيبة أو هدية رمزية كالورود تكفي في بعض الأحيان للتعبير عن امتنان العائلة لما تقوم به الام من جهد".

وأكد أمين متزوج وأب لطفل، "انا لا اعترف بعادة "حق الملح" لكني اقوم باقتناء هدية لزوجتي خلال فترة العيد من سوق الذهب "البركة"، اعترافا بمجهوداتها اذا سمحت ظروفي المادية بذلك"، مشيرا إلى أنه اعتاد على ذلك من دون الاستناد إلى أي عادة.

واعتبرت الأستاذة المختصة في اللسانيات، هالة مسلاتي، ان هذه العادة لم تكن منتشرة في كامل البلاد بل كانت تقتصر فقط على سكان العاصمة واساسا على العائلات ميسورة الحال.

واضافت الباحثة ل(وات) ان حق الملح يرتبط بالمستوى المادي للاسرة وهو ما يجعل هذه العادة تختفي بتغير الوضع الاقتصادي للاسرة.

"حق الملح"عادة تكرس دور المراة في الطبخ والرعاية

واعتبرت الأستاذة والباحثة التونسية المهتمة بالدراسات الجندرية، آمال قرامي، أن مثل هذه العادات قد تجاوزها الزمن، مفسرة أن عادة "حق الملح" تعمل على تثبيت فكرة "الأدوار الاجتماعية التي لا يمكن زعزعتها"، أي أن النساء مطالبات بالعطاء وتحمل المسؤولية وواجب رعاية الأبناء والزوج وتلبية طلباتهم على مدار السنة وخلال شهر رمضان بصفة خاصة حيث تكثر الطلبات والشهوات، وهو ما اعتبرته "إعلاء واضحا لقيمة المجموعة على حساب الفرد"، حسب تعبيرها.

وأضافت الباحثة ل(وات) أن هذه العادة تزيد من العلاقات المبنية على المادة وتغذي العقليات السائدة في الوقت الذي ينبغي أن تتم فيه مراجعة هذه العادات والتساؤل حول دور النساء "الإجباري " في الرعاية والطبخ.

وتابعت بالقول "ألا يحق للنساء أن ينعمن بالراحة ولا يقمن بأي جهد يوما ما ولا يطبخن؟، ألا يمكن للمرأة أن ترتاح؟ أليست بكائن حي له احتياجات ويستحق الرعاية؟".

واعتبرت أن شهر رمضان من المفروض ان يكون فرصة ليُكرم الرجل زوجته لا من خلال تقديم "حق الملح" بل حين يراجع نفسه ويتعهد انطلاقا من هذا الشهر بتقاسم الأدوار في مختلف الفضاءات العامة والخاصة من بينها التي خص بها المجتمع الأبوي المرأة (المطبخ على سبيل المثال)، مشددة أيضا على ضرورة مشاركة الأبناء في تحمل المسؤولية والمشاركة في الأعمال المنزلية وعدم التعويل على الأم.

وأكدت أنه بالإضافة إلى العوامل الثقافية والاجتماعية التي تُقسم الأدوار الاجتماعية حسب الجنس فإن المخيال الجمعي الديني له نصيب في اخضاع النساء لخدمة الرجل والأبناء عند الاعتقاد بأن "تقديم الخدمة هو بمثابة ثواب عند الله وتعظيم للأجر وبالخصوص في شهر رمضان".

وفي حديثها عن ارتباط تحضير الطعام بالنساء، قالت الباحثة إن عادة "حق الملح" تعكس المتخيل الذكوري الذي يعتبر أن الغذاء في علاقة وثيقة بالنساء، بداية من الأم إلى الزوجة والابنة، معتبرة أنها فكرة يجب العمل على تجاوزها.

"حق الملح هي عادة تعيد إنتاج ما عاشته جداتنا ولا تُكرم النساء التونسيات بقدر ما تساهم في ترسيخ أشكال التمييز من جيل إلى جيل"، وفق تعبير الباحثة آمال قرامي التي عبرت عن رأيها من منظور جندري.

ولا بد من الاشارة الى انه حسب دراسة قامت بها اوكسفام تونس، تقضي المرأة في تونس 8 ساعات يوميا في أعمال الرعاية غير مدفوعة الاجر (رعاية الاطفال وكبار السن والاعمال المنزلية وغيرها) مقابل 45 دقيقة للرجل في اليوم الواحد.

كما تمضي المرأة وقتها في اعمال الرعاية غير مدفوعة الاجر اكثر بـ8 مرات من الرجل، وفق نتائج الدراسة التي نشرتها المنظمة في سنة 202



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


0 de 0 commentaires pour l'article 265246


babnet
All Radio in One    
*.*.*