رسالة ليست كسابقاتها، فهي رسالة كتبت بريشة من العهد العباسي و بالخطّ المغربي، خطّ و لا أروع و حق الكعبة ، خطّ خلناه اندثر من ذاكرتنا. بوركت أناملكم أيها الإخشيدي.

---

---

ليدون حول رسالة التكليف، المختص في التاريخ الدكتور محمد ضيف الله قائلا: "الخط المغربي..أهم من التكليف عندي أن رسالة التكليف كتبت بالخط المغربي (نوع المبسوط)، وقد كان هذا الخط يستعمل للتعليم في بلادنا وفي سائر المغرب العربي وفي إفريقيا جنوب الصحراء [الخطالمغربي=المغاربي]، وانحسر بعد الاستقلال حتى لم يبق مستعملا في المراسلات الرسمية إلا في المغرب الأقصى. وها هو يعود من قصر قرطاج . بما يجعل هذه الرسالة مشحونة بالرموز خاصة وأنها مؤرخة بالتاريخ الهجري".

نعم إنها رسالة مشحونة بالرموز موجهة إلى المهندس الفلاحي المختص في الاقتصاد الريفي، المنتمي للمعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس، الذي وقع بعثه في 17 أكتوبر 1898، زمن الحماية الفرنسية كأوّل مدرسة للمهندسين بإفريقيا . و التي كانت الجزائر ترغب في أن يحدث المعهد فوق ترابها لا أن يكون إحداثه من قبل المعمّرين الفرنسيين بتونس.

أنا المنتمية لهذا المعهد العريق، و من نفس الاختصاص، أتوجه لرئيس الحكومة المكلّف أن لا يخذلنا مثلما فعل سلفكم و المنتمي لنفس المعهد و لنفس الاختصاص، و أن تكونوا مفخرة لهذا الصّرح العالي. بأن تعمل على إدارة فريق ناجع يتمتع بالكفاءة و النزاهة، و أن يكون عنوان برنامجكم الضرب على أيادي الفاسدين أينما كانوا بلا هوادة. لأن الأمر جلل.. قضية وجود.. إمّا الفساد و إمّا وجود الوطن. و أن تكونوا سدّا منيعا لكل الأيادي المتطاولة و عزا لوطنكم.

و كأني برسالة التكليف صادرة من الإخشيدي، موجهة للمهندس الفلاحي المختص في الاقتصاد الريفي، حفيد "أم ملال" القيروانية أوّل إمراة في الاسلام تعتلي عرش الحكم فكانت حاكمة إفريقية ، القادم من أعماق الريف، من وراء البلاكات، من " الجمايلية"، من عاصمة الأغالبة، مفادها اجعل من إفريقية مطمورة روما.