عراقة العلاقات الدبلوماسية بين تونس والصين تتدعم بتقارب اقتصادي استثماري وتبادل تجاري
(وات/مقال من اعداد نادية باشا) – تطرقت مختلف وسائل الاعلام خلال الفترة المنقضية، الى العلاقة بين تونس والصين، بعد تنامي التقارب بين البلدين على المستوى الثنائي وفي اطار التعاون الصيني الافريقي، والصيني العربي، ولعل اخر مستجداته انعقاد منتدى التعاون الصيني الافريقي "فوكاك 2024" ببكين من 4 إلى 6 سبتمبر الجاري، تحت عنوان "التكاتف لدفع التحديث وبناء مجتمع صيني-إفريقي رفيع المستوى ذي مستقبل مشترك".
ويمثل تعهد السلطات الصينية خلال المنتدى، بتمويل مشاريع في افريقيا خلال الثلاث سنوات المقبلة ب50 مليار دولار، وتوفير مليون فرصة عمل في إفريقيا، فرصة لتوطيد العلاقات خاصة الإقتصادية منها، وهو ما يقتضي الاعداد الجيد على المستوى الوطني لجلب المشاريع الصينية ذات الطابع الاستراتيجي سيما الكبرى منها، والتى تم التباحث بشانها ايضا خلال الزيارة االتي أداها رئيس الجمهورية إلى الصين من 28 ماي إلى 1 جوان 2024 وتُوّجت بإقامة علاقات شراكة استراتيجية وتوقيع عدد من الاتفاقيات.
ويمثل تعهد السلطات الصينية خلال المنتدى، بتمويل مشاريع في افريقيا خلال الثلاث سنوات المقبلة ب50 مليار دولار، وتوفير مليون فرصة عمل في إفريقيا، فرصة لتوطيد العلاقات خاصة الإقتصادية منها، وهو ما يقتضي الاعداد الجيد على المستوى الوطني لجلب المشاريع الصينية ذات الطابع الاستراتيجي سيما الكبرى منها، والتى تم التباحث بشانها ايضا خلال الزيارة االتي أداها رئيس الجمهورية إلى الصين من 28 ماي إلى 1 جوان 2024 وتُوّجت بإقامة علاقات شراكة استراتيجية وتوقيع عدد من الاتفاقيات.
ولعل ابرز مجالات التعاون التى تم التباحث بشأنها خلال لقاءات قادة البلدين، قطاعات النقل والصحة والبنية التحتية والبحث العلمي والفلاحة وغيرها من المجالات الاخرى، حيث تم الاتفاق على توريد حافلات وإنشاء سكة حديدية تربط بين شمال البلاد وجنوبها واعادة تهيئة الحي الرياضي بالمنزه، وعبرت الصين عن الرغبة في اتمام المشاريع المبرمجة على غرار جسر بنزرت ومحطة توليد الطاقة الشمسية والفطوضوئية بالقيروان، اضافة الى توسعة مستشفى صفاقس الجامعي وإنشاء مركز معالجة الأمراض السرطانية بقابس، واعربت عن اهتمامها البالغ بانجاز المدينة الصحية بالقيروان، مع الحث على القيام بدراسات جدوى المشروع، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتعليم والثقافة والسياحة ، بما يوطد علاقة التعاون والصداقة بين البلدين، خاصة وان تونس تتميز بموقع جغرافي يجعلها بوابة لافريقيا ومنصة للمشاريع الصينية التونسية، كما تشمل المعاملات بين تونس والصين التبادل التجاري، حيث أعرب الجانب الصيني عن الرغبة في قبول تصدير تونس لعدد من منتجاتها.
ابرز المشاريع المبرمجة في اطار التعاون التونسي-الصيني
من بين المشاريع المبرمج انجازها في تونس في اطار الشراكة بين تونس والصين، والتى تم التطرق اليها خلال اللقاءات الثنائية، وكانت ايضا محل ترحاب من قبل المواطنين بمختلف الولايات المعنية باحداث هذه المشاريع التى من شانها ان تعود بالنفع عليهم وعلى والبلاد ككل من حيث دعم الاستثمار وتوفير اليد العاملة:
- جسر بنزرت: يعتبر مجمع "سيشوان" الصيني الناشط في مجال بناء الجسور، ابرز واهم المؤسسات الصينية الناشطة والعاملة بولاية بنزرت، وهي المؤسسة الصينية العمومية التي فازت بصفقة انجاز القسط الثاني والرئيسي لجسر بنزرت الجديد او "الوصلة الثابتة" بتسميتها الفنية، وقد انطلقت هذه المؤسسة في اولى اعمالها بتركيز حضيرة الاشغال بمنطقة العيون بمنزل عبد الرحمان يوم 18 اوت 2024، على ان تتواصل الاشغال البالغ اعتماداتها حوالي 610 مليون دينار على مدى 3 سنوات، ليكون موعد تسليم الصفقة في غضون نهاية سنة 2027 وفق بنود العقد المبرم.
كما يجري العمل على بعث مؤسسة مختصة في مجالات الصناعات المعملية والميكانيكية الدقيقة بالمنطقة الصناعية بمنزل بورقيبة، بمساهمة صينية تعادل نسبة 40 بالمائة، ويبلغ حجم الاستثمارات بها 2.6 مليون دينار، وكان الحضور الصيني بالجهة عبر شركة " CWE" المختصة في الاشغال الكبرى، وتولت خلال التسعينات انجاز اشغال الحماية من الفيضانات بالحوض الساكب لوادي مجردة والمساهمة في تهيئة المنطقة السقوية باوتيك .
وينتظر ان تستقبل بنزرت خلال الفترات المقبلة عددا من ممثلي المؤسسات الصينية، للتعرف اكثر على مكامن الاستثمار بالجهة وفرص الشراكة التونسية الصينية المتوفرة.
- مشروع انجاز المدينة الصحية بالقيروان: بعد خمسة أيام من زيارة الدولة التي اداها رئيس الجمهورية إلى الصين، زار وفد صيني موقع مشروع مدينة الاغالبة الصحية للاطلاع على مختلف مكوناته وتقييمه ودراسته، وهو مشروع يمتد على 550 هكتارا ويضم 9 فضاءات في مختلف الاختصاصات الطبية والخدمات الصحية والبحث العلمي والمجال الجامعي وتصنيع الأدوية، إلى جانب إنتاج الطاقات المتجددة ومعالجة النفايات والمشاريع السكنية وفضاءات سياحية وثقافية، وذلك بكلفة قدرت ب 2ر1 مليار دولار، وسيتم إنجازه على عدة مراحل على ان يتم قريبا الانطلاق في انجاز الدراسة المائية للحماية من الفيضانات لموقع المشروع والدراسة البيئية والمرورية.
وتعتبر مدينة الأغالبة الصحية، مشروعا مبني على الاقتصاد المرتبط بالجانب الطبي من خلال مركب التعليم العالي وكليات هندسة بيوتقنية ومدارس لتكوين الاطار شبه الطبي، وهي مدينة شاملة ومندمجة، حيث يهدف المشروع الواقع بمعتمدية منزل المهيري (على بعد 40 كلم من مدينة القيروان) إلى خلق مدينة ذكية تتضمن جميع الاختصاصات الطبية، واستقطاب السياحة العلاجية ببناء مستشفيات تستجيب للمواصفات العالمية، الى جانب دفع وتطوير البحث العلمي في المجال الصحي، وخلق أسواق تصدير جديدة للمنتوجات المبتكرة في المجال الصحي، ويتوقع ان يساهم المشروع في احداث اكثر من 40 الف موطن شغل في جميع المجالات والمستويات.
ويتضمن المشروع 9 فضاءات من ابرزها فضاء صناعي خاص بالقطاع الصحي يحتوي على المستلزمات الطبية الخاصة بضخ الأدوية على غرار حقن الأدوية ومحاليل تنقية الدم والمحاليل الوريدية وصناعة وتطوير الأدوية المعقمة، ومركز تعقيم بالأشعة وصناعة التغذية الوريدية وصناعة الأدوية البيولوجية، كما يضم فضاء للخدمات الصحية يحتوي على مستشفى جامعي ووحدة استعجالي مع إخلاء صحي بري وجوي (طائرات عمودية) ووحدة علاج الأورام الطبية والجراحية وبالأشعة والرعاية الملطفة ومركز لرعاية مرضى التوحد ومصحة عمومية متعددة الاختصاصات ومصحات خاصة.
ويحتوي المشروع ايضا على فضاء جامعي يضم أكاديمية للطب ومركزا للمحاكاة الطبية ومدرسة وطنية للهندسة البيوطبية ومركزا للبحوث في المجال الصحي فضلا عن معهد عال لعلوم الصحة ومبيتات ومطاعم جامعية ومعاهد وكليات قطاع خاص، إلى جانب فضاءات ترفيهية وسياحية ورياضية وسكنية وفضاءات خدمات عمومية وادارية وأمنية وفضاء لتحويل النفايات وآخر لإنتاج الطاقات المتجددة.
- محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية بالسبيخة من ولاية القيروان : تشارك اليد العاملة الصينية في انجاز المشروع، الذي سيمكن عند دخوله حيز الاستغلال سنة 2025 من التقليص بحوالي 50 مليون دينار في السنة من نفقات إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي، وتبلغ طاقة المشروع 100 ميغاواط بكلفة تناهز 300 مليون دينار، وهو من بين المشاريع الرائدة في مجال تعزيز حصة الطاقات المتجددة وفي التقليص من الاعتماد على الطاقة الأحفورية وتعزيز التنمية المستدامة والإستثمار المحلي وخلق فرص عمل جديدة في قطاعات الهندسة والبناء والصيانة.
- إنشاء مستشفى علاج الأورام بولاية قابس: يعتبر من المشاريع الصحية الهامة المبرمجة بالجهة بتمويل صيني، بناء وتجهيزا، تم الاعلان عنه خلال زيارة رئيس الجمهورية للجهة يوم 14 مارس 2021، وقد اجريت العديد من الخطوات استعدادا للشروع في إنجازه، حيث زار وفد من الخبراء الصينيين الجهة وعاينوا الموقع المقترح لإقامته، وتوجت زيارتهم بعقد جلسة فنية يوم 23 أوت 2023 بمقر الولاية مع السلط الجهوية والوطنية ذات العلاقة، بالاضافة الى رؤساء المصالح الفنية، بغاية تجميع المعطيات الخاصة بملف المشروع الذي ينتظر تركيزه بالمستشفى الجامعي بقابس.
وينتظر ان يحقق المركز إضافة كبيرة لمنطقة الجنوب الشرقي عموما ولجهة قابس على وجه الخصوص في معالجة الأمراض السرطانية، باعتباره سيساعد على تطوير العلاج الذي يقتصر حاليا على العلاج الكيميائي، الذي يوفره قسم طب الأورام بالمستشفى الجامعي بقابس.
وجرى يوم 19 جانفي 2024 توقيع محضر دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع بإشراف وزير الصحة وحضور سفير جمهورية الصين ووفد من الخبراء الصينيين، وتم التأكيد على الأهمية التي سيمثلها هذا المركز في توفير التغطية الصحية الضرورية لمرضى السرطان بجهة الجنوب ككل وتعزيز المنظومة الصحية لمقاومة هذا المرض
- توسعة مستشفى صفاقس الجامعي: وقعت تونس والصين في اكتوبر 2019، اتفاقية تتعلق بإجراء دراسة جدوي لتوسيع المستشفى الجامعي الجديد ببلدة طينة بولاية صفاقس، بتمويل صيني (نحو 200 مليون دينار/ 69.93 مليون دولار)، وتشمل التوسعة مجمعا للجراحة (6 قاعات) وقاعتي قسطرة، ومركزا للحروق الشديدة من شأنه تخفيف الضغط على مستشفى الحروق ببن عروس (الضاحية الجنوبية للعاصمة)، وتعزيز مستشفى الهادي شاكر، الذى يستقطب مرضى من ولايات مجاورة.
تطور مجالات التعاون التونسي الصيني
تتسم العلاقات الدبلوماسية بين تونس والصين بالعراقة، باعتبارها تعود الى سنة 1964 (60 سنة)، وهي تشهد تطورا متواصلا لتشمل مختلف الجوانب التى لم تقتصر على الجانب الاقتصادي والاستثماري بل وايضا الثقافي والاعلامي، حيث تم بمناسبة زيارة رئيس الدولة لجمهورية الصين الشعبية منذ اكثر من شهرين، توقيع اتفاق تعاون بين الإذاعة الوطنية التونسية والهيئة الصينية للإذاعة والتلفزيون واتفاق تعاون بين وكالة تونس أفريقيا للأنباء ووكالة أنباء شينخوا الصينية بالإضافة إلى مذكرة تفاهم بين التلفزة التونسية ومجموعة الصين للإعلام.
ومثلت مشاركة 18 صحفيا ينتمون لوسائل اعلام متنوعة (صحافة مكتوبة، سمعية بصرية والالكترونية)، في دورة تدريبية بالصين تحت عنوان "بناء قدرات التواصل الاعلامي في تونس"، دليلا على دعم التعاون التونسي الصيني في هذا المجال، وكانت الدورة فرصة تعرف خلالها المشاركون خاصة على التطور التكنولوجي بالصين في المجال الاعلامي وبقية المجالات الاخرى، ما من شانه يحفز على النسج على منوال التجربة الصينية والعمل على تطوير هذا الجانب في تونس.
كما تمكن الصحفيون من الاحتكاك بالشعب الصيني وبعاداته وتقاليده وطرق عيشه ومعاملاته اليومية، ليتاكدوا ان التجربة الصينية، فريدة من نوعها في كافة المجالات، وان الشعب الصيني ركيزة النجاح والازدهار لما يتسم به من تفان في العمل يثير لا فقط الاعجاب بل الاحترام والتقدير، كما انه شعب خدوم بشوش متسامح محب للحياة، وخاصة معتز بانجازات بلاده وفخور بما وصلت اليه من ازدهار.
تنفرد الصين بخصوصيات تجعلها محل اعجاب كل زائر، فبين معالمها التاريخية (على غرار السور العظيم والمدينة المحرمة ومعبد دونجيو وحديقة تشنغدو ..)، والاحياء الشعبية التى تباع فيها الاكلات الصينية وتنشد فيها الاغاني التقليدية وتتسم باشكال معمارية تميزها ونفرد بها، وهي اشكال تجدها ايضا في مختلف شوارع الصين الشاسعة، تجد نفسك في عالم تغزوه ناطحات السحاب والاشكال المعمارية الهندسية المتطورة والاضواء الساطعة والمحلات التجارية التى تباع فيها افخم العلامات التجارية العالمية، فلا تفهم اي قارة واي بلد من العالم المتقدم انت فيه.
مبان شاهقة مضيئة متطورة .. تتخللها مناطق خضراء لا تغيب عن المشهد الصيني، اشجار كبيرة نادرة تعود لعشرات السنين، تلقي بظلالها على المارة، تتوسطها مجاري مياه، فتخال نفسك في عالم مواز.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 293770