فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ : التشوّه الخلقي لا يجرّد حامليه من إنسانيتهم
مسألة مسكوت عنها في العالم العربي بدأ الحديث عنها في تونس بعد 2011 مع اتساع مجال الحريات واختارتها المخرجة التونسية ندى المازني حفيّظ لتكون محور فيلمها "المابين". هذه القضية التي تعتبر محل جدل مستمر، تتعلّق بالأقليات الحاملة لـ"تشوّه خلقي أو جنسي" أو ما يعتبره البعض اضطرابا في الهوية الجنسية ويراه البعض الآخر ازدواجا جنسيا. هذا الفيلم متحصل على دعم من وزارة الشؤون الثقافية، ومدعوم أيضا من المنظمة الدولية للفرنكفونية، وهو من إنتاج شركة ليث للإنتاج لسليم حفيظ و"ميستيك للأفلام" وقد تم تقديم عرضه الأول مساء أمس السبت وسيخرج إلى قاعات السينما التونسية يوم 25 أكتوبر الحالي.
تدور أحداث "المابين"، وهو روائي طويل (95 دق)، حول شابة في الثالثة والعشرين من عمرها تدعى شمس، تقطن بإحدى الجزر التونسية الهادئ وتعمل في مجال تصميم الأزياء والخياطة وتعيش قصة حب متبادلة مع أحد البحارة، لكن حياتها تنقلب مع انكشاف جنسها، فتقرّر، مكرهة، الانتقال للعاصمة في محاولة لتغيير حياتها.
تدور أحداث "المابين"، وهو روائي طويل (95 دق)، حول شابة في الثالثة والعشرين من عمرها تدعى شمس، تقطن بإحدى الجزر التونسية الهادئ وتعمل في مجال تصميم الأزياء والخياطة وتعيش قصة حب متبادلة مع أحد البحارة، لكن حياتها تنقلب مع انكشاف جنسها، فتقرّر، مكرهة، الانتقال للعاصمة في محاولة لتغيير حياتها.
وجسّدت دور الشابة شمس الممثلة أمينة بن إسماعيل ببراعة واقتدار، كما شارك في دور البطولة كل من فتحي العكاري وفاطمة بن سعيدان ومحمد مراد وسناء بالشيخ العربي وأيمن بن حميدة ومحمد الداهش وهيفاء بولكباش.
وأظهرت المخرجة حبكة في صياغة السيناريو وحنكة في تصويره وفي تقديمه للجمهور. وعموما يمكن تجزئة الفيلم إلى قسميْن: الأول هو اختيار شمس جنسها لتكون أنثى، أما الجزء الثاني فهو محاولتها التعوّد على أن تكون ذكرا لعل نظرة عامة الناس تتغيّر تجاهها، لكن في كلتا الحالتيْن تتعرّض شمس للتنمر وللعنف الجسدي والنفسي ومحاولات الاغتصاب والاستغلال.
ولإبراز حالة التيه والضياع والتمزق النفسي الذي تعيشه "شمس"، جعلت المخرجة حركة الكاميرا تخترق باطن الشخصية من خلال إبراز تقاسيم وجهها في لقطات قريبة، إلى جانب التركيز على محيطها العائلي مع أمها وأختها المُقعدة، وكذلك محيطها في الحيّ الذي تقطنه والعلاقات فيما بينهم.
ولم تقتصر المخرجة في الفيلم على طرح الإشكاليات المتعلقة بهذه الأقلية، بل لجأت أيضا إلى العمل على إيجاد حلول لمعاناة "شمس" من خلال طب التجميل أو من خلال الاستعانة بالجهاز القضائي لتحديد جنسها، حيث أنها باتت مخيّرة بنفسها على الاختيار بين الذكر والأنثى في تحديد جنسها.
تنشب معركة نفسية للشخصية تتنازع فيها بين ضرورة تحديد هويتها وبين معتقدات الناس الاجتماعية، لكنها تُخيّر البقاء مزدوجة الجنس في نهاية الفيلم بعد أن اختارت لها المخرجة نهاية مفتوحة على كلّ التأويلات، فهذه الشابة تقرّر الانتحار غرقا في البحر وفي الأثناء يُسرع إليها البحار الذي جمعتهما علاقة حب لنجدتها.
وتُدافع المخرجة بقوة عن الحب كقيمة إنسانية سامية للتعايش والقبول بالآخر، وأن العلاقات الإنسانية لا تحكمها المظاهر بل تحكمها نقاوة الروح.
Comments
0 de 0 commentaires pour l'article 275561