![](/images/3b/bbcheaderart.jpg)
هل تستحق المزايا الإضافية لوسائل التواصل الاجتماعي دفع اشتراكات مالية؟ Bookmark article
![علامة إكس الزرقاء لاعتماد المستخدم والتوثيق](https://ichef.bbci.co.uk/news/raw/cpsprodpb/f734/live/8ddf0f50-1087-11ef-bee9-6125e244a4cd.jpg.webp)
حسنًا، حان الوقت للاعتراف - لقد قررت دفع اشتراك مالي مقابل استخدام أنسب لمنصة التواصل الاجتماعي إكس، (تويتر سابقا)، المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك.
لكن صديقة لي صاحت بوجهي متسائلة "لماذا تدفع المال لأغنى رجل في العالم؟".
من المؤكد أنها كانت على حق، لكنني فعلت ذلك لأمرين.
إن الأمر الأول وراء الاشتراك في خدمات إكس هو الحصول على خاصية تويتر بلو، ذلك أن الشارة الزرقاء تتيح نوعا من التحقق من هويتي الإلكترونية لمجابهة النشاط الزائف والتلاعب المشبوه على المنصة، وقد كنت على علم بوجود بعض الحسابات الوهمية التي تنتحل صفتي.
أما الأمر الثاني، فهو لأنني أردت إدخال فوائد أخرى لحسابي الخاص منها روبوت الدردشة الآلي من إكس، غروك، الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي ولم تكن هناك وسيلة أبسط من ذلك للوصول إليه.
لقد صرفت على ذلك من جيبي الخاص ولم ألجأ إلى بي بي سي كي توفر تلك الأدوات لي.
ومؤخرا لم يعد كل مشترك بشارة زرقاء على المنصة محل تقدير في الفضاء الإلكتروني، وهو ما يفسر لجوء البعض إلى خاصية إخفاء الشارة الزرقاء.
ويسود استياء عميق في أوساط بعض النخب المميزة على المنصة إزاء "الأبواب التي بات يسهل فتحها باستخدام المال" إذ أنه وفي إطار المزايا المدفوع ثمنها يمكن كذلك تعزيز الظهور للراغبين وإبراز حساباتهم على المنصة، وهي مزايا لا تلقى استحسان الأخيرة اعتقادا أنها تهز مقاييس المحتوى الجيد اعتمادا على الجدارة والكفاءة.
لم أتوقع حقًا أن يطرأ تغيرٌ كبير على تجربتي مع منصة إكس نظير تسديد ثمن الاشتراك، لكن ثمة تحسينات ملحوظة ترتبت على ذلك ومنها قدرتي على كتابة منشورات أطول وتعديلها على المنصة- كما وأنني أثمن حقا التخلص من الإعلانات وتراجع مرات ظهورها وقت التصفح.
لكن من ناحية أخرى، فإن ما أبهت ذلك الأداء هي ملفاتُ التعريف الإلكترونية وقد صرت هدفا سهلا لرسائل البريد الآلي المزعج الذي عرف المزيد منه طريقه إلي بسبب أن ثمن الاشتراك يسحب من محفظتي النقدية الشخصية.
- إيلون ماسك يعلن عن ميزة جديدة لأصحاب الحسابات الموثقة على تويتر
- هل تستولي الآلة على ما بقي لنا من بضعة سنتيمترات في الرأس؟
![إذا كنت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي مجانا دون مقابل، فإنها تجني الأموال ببيع بياناتك للمعلنين.](https://ichef.bbci.co.uk/news/raw/cpsprodpb/f8aa/live/8c0d1900-1088-11ef-82e8-cd354766a224.jpg.webp)
ويقول في هذا السياق، جوني ريان، الذي تحول من مديرٌ تنفيذ بسوق الإعلانات إلى ناشط يتحدى الشركات الكبرى في عالم التقنية الآن بوصفه عضوا بارزا في المجلس الأيرلندي للحريات المدنية غير الربحي، إن المعلنين على تلك المنصات هم فئة من المستفيدين يسهلُ إرضاؤها مقارنة باشتراكات الأفراد. واستطرد موضحا: "إن المعلن بشكل عام لا يهتم بالمحتوى". "بين فينة وأخرى تثار فضائحهم، لكنها بشكل عام ليست سياسية إلى هذا الحد".
وتابع مذكرا بما وصفه بقول مأثور قديم وهو "إذا كنت لا تدفع مقابل المنتج، تصير أنت المنتج" - بمعنى، إذا كنت تستخدم شيئًا ما مجانًا، فإن مالكه يتحصل على بياناتك التي قمت بإدخالها ويتاجر بها إذ يتقاضى الثمن ليس منك بل من شركات الإعلان التي يبيعك إياها كي يسهل عليها التعرف عليك وتحسين التسويق ما يضاعف بالتالي الطرق للوصول إلى الأشخاص.
إنها طريقة عمل راسخة ومربحة على حد ما ذكره. "البيانات هي النفط الجديد!"، ذكرني حديثه بهذه العبارة الجريئة التي سمعتها كثيرًا في صناعة التكنولوجيا في السنوات الأخيرة.
لكن شركات التكنولوجيا أصبحت تتوجه بشكل متزايد إلى استحداث وفتح أبواب الاشتراكات أمام الأفراد وربما يعود ذلك إلى تدنٍ ما في مخزونات تلك الآبار النفطية الخاصة- البيانات- بها فكان أن أوجدت البديل.
قامت شركة ميتا المالكة لـ فيس بوك وانستغرام بطرح نموذج اشتراك خالي من الإعلانات مصمم لرواد شبكتي التواصل من أوروبا.
وحددت قيمته بـ 13 يورو (14 دولارًا؛ 11 جنيهًا إسترلينيًا) مستحقة شهريا عن أي جهاز محمول، وهو ما يوازي تقريبا متوسط الفاتورة الشهرية الخاصة بتشغيل خدمة الإنترنت على أي جهاز ذكي. ورفض عملاق التكنولوجيا الأمريكي إخباري بعدد الأشخاص الذين التحقوا بتلك الخدمة وقاموا بالتسجيل بها حتى الآن.
والآن تبدو الخطوة أنها لم تكن أكثر من محاولة التزام ظاهري بتشريعات جديدة للاتحاد الأوروبي بشأن حقوق المستهلك وفرصته في الاختيار. ومع ذلك فهي لم تحقق المرجو منها وتجد ميتا نفسها حاليا محل مساءلة لأن مفوضية الاتحاد الأوروبي تقول إن وضع المستهلك أمام خيارين لا ثالث لهما إما الدفع أو تداول البيانات هو تدبير غير جيد بما يكفي.
أما برنامج سناب شات بلس، الذي يتضمن خيارًا خاليًا من الإعلانات ولا تزال إمكانياته الحصرية قيد التطوير، فقد حقق مليون مشترك في غضون أسابيع قليلة من إطلاقه في يونيو حزيران 2022.
وفي عام 2023، وصل عدد المشتركين بخدمة موقع اليوتيوب التي تأتي بدون إعلانات لكافة الأجهزة إلى 100 مليون مستخدم.
ويقول جيمس هاكينغ، مؤسس وكالة دعائية اسمها Socially Powerful، وهو احد مشتركي خدمة يوتيوب بريميوم منذ وقت ليس بقليل: "إن التجربة الخالية من المتاعب المتمثلة في القدرة ببساطة على الاستمتاع بالمحتوى، دون الخوف من "متى سيأتي ويطل الإعلان بوجهك" هو شيء احتاج إليه في حياتي".
من ناحية أخرى، استحدثت منصة البث الرقمي نتفليكس اشتراكات أرخص تتضمن إعلانات لعملائها. تلى تلك الصفقة أن قامت منافستها أمازون برايم بالسماح بالإعلانات على منصة الفيديو الخاصة بها، ثم عادت وفرضت على أعضائها المشتركين بالفعل رسومًا إضافية لاستبعادها من أمامهم.
واعتبر جوني رايان ذلك الاتجاه نوعا من الانفصام ويرى أنه أسوأ ما في العالمين وعلق عليه قائلا إنه "شيء غريب"، أن تداهمك إشكالية الإعلانات في خدمات مدفوعة بالفعل.
لكن موضوع الاشتراكات بشكل عام بات يرتبط "بمنظومة الانتقال من مرحلة السوق الحديثة والمتنامية إلى السوق المشبعة"، كما يقول عظيم أزهر، مؤسس خدمة الاشعارات والتنبيه المدفوعة عن آخر مستجدات التكنولوجيا.
"لا يوجد عملاء جدد يمكنك الحصول عليهم، لذلك تحتاج إلى معرفة كيفية إضافة الإيرادات إلى عملك" على حد وصفه للأوضاع والوقائع.
وأضاف "هناك شريحة من مستخدمي الإنترنت يرغبون في الدفع، تمامًا كما توجد شريحة من مستخدمي شركات الطيران ترغب في الدفع مقابل الصعود إلى الطائرة بسرعة وراحة أكبر" غير أنه عاد وحذر من أن التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي بوجه خاص يحتاج إلى قدر من الاحتياط والحرص .
وعلل ذلك بأن "إذا ما تعين على الجميع الدفع مقابل الخدمة، فسيتراجع عدد المستخدمين بكثير عما هو عليه، وسيكون بالتالي هناك تفاعل أقل على المنصة، وستصبح بالتالي أقل زخما".
"هناك حاجة لخلق بيئة توازن تتضمن مستخدمين مجانيين للحفاظ على تفاعل واسع بإعادة المشاركة وإنشاء المحتوى، بالإضافة إلى من يرغبون في دفع المزيد مقابل تجربة أنقى قليلاً."
ربما يكون هذا هو الدرس الذي أدركته منصة إكس بالفعل - إذ أنها وبعد أيام من إطلاقها خاصية الاشتراك الخاص بها، أعلنت عن منح الحسابات المؤثرة التي يتابعها أكثر من مليون متابع، نفس ميزات الاشتراك المدفوع، ثم اتسعت دائرة المرتقين مجانا لتشمل أيضا الحسابات التي تضم أكثر من 2500 "متابع مشترك معتمد".
ويتزامن ذلك ونجاح تحول العديد من منصات نقل الأخبار إلى نظام الاشتراكات بغرض تغطية الاحتياجات التمويلية من المدفوعات. بات هناك الكثير منها يتخفى وراء جدران لا يمكن الاطلاع على ما ورائها إلا باشتراك مالي.
تجلى نجاح هذا الأسلوب بشكل خاص في الدول الاسكندنافية - فقد أفاد معهد رويترز العام الماضي أن 33 في المئة من السويديين قد دفعوا مقابل خدمات الأخبار على الإنترنت.
وظفر ما ينشره السيد أزهر بعد البدء مع Substack، بحوالي 100 ألف مشترك على تلك المنصة التي توفر طريقة لربط المبدعين بالجمهور.
إنها تسمح لأطياف مختلفة من الناشرين من محللين إلى سياسيين إلى صحفيين ورحالة وأصحاب رأي وكتاب بنشر رسائل البريد الإلكتروني الإخبارية الخاصة بهم مجانا ثم تحصل على عمولة تبلغ 10في المئة من الرسوم التي تُفرض على المشتركين بالإضافة إلى نسبة إضافية بـ 3 في المئة لاستخدام نظام الدفع سترايب Stripe.
![الإعلانات والربح منها على سابستاك](https://ichef.bbci.co.uk/news/raw/cpsprodpb/7476/live/90e8baf0-1089-11ef-b9d8-4f52aebe147d.jpg.webp)
تزعم الشركة التي تدير Substack أن أكثر من ثلاثة ملايين شخص قد اشتركوا في المدونات المتوفرة تحت سحابتها .
لا يسمح Substack بعرض الإعلانات على المنصة ويقول مؤسسُها هاميش ماكنزي، عن وصفة النجاح المضمونة "يجب أن تظل متواجدا على نفس المنوال- عليك مواصلة الظهور - إن خلق عادة في أذهان القراء أمرٌ مهم".
"سوف يطورون علاقة معك، ومن ثم يتعين عليك أن تحافظ على تلك الثقة التي كسبتها مما يعني عدم صرف انتباههم عنك وثقافة الإعلانات لا تعكس ذلك وتتقاطع مع ذلك المنحى. عليك أن تكون صادقًا، ولا تسيء استغلال حالة التركيز معك من خلال مطاردتهم بمجموعة من الأشياء المشتتة والقادرة على إفساد مزاجهم اليومي".
يعتقد ماكينزي أن وجود الشبكات الاجتماعية التي تقوم بتحصيل رسوم لكل البيانات التي تتاح عليها، في مقابل مجال مثل Substack يحسن استخدامه من استهلاك الطاقات الفردية الحصرية سيخلق في يوم من الأيام "تنافسا كبيرا" بين توجهين فارقين في عصر المعلومات. ويقول: "إنه عالم أفضل بكثير عندما يكون الجمهور هو العميل وليس المنتج".
- ابتعد عن شراء ما يسوّقه لك المؤثرون، ربما ستدرك حينها أن ما لديك كافٍ
- هل تخسر الحقيقة معركتها الأخيرة على منصات التواصل؟
- هل ينجح ترامب في حل أزمة "تيك توك" في الولايات المتحدة؟
![](/images/bbcfooterart.jpg)