ما الذي نعرفه عن تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق حتى الآن؟ Bookmark article

تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق
EPA

أعلنت وزارة الصحة السورية مقتل 22 وإصابة 59 في تفجير كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلعة في دمشق مساء الأحد - تفجير انتحاري نفذه أحد أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية بحسب وزارة الداخلية السورية.

ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه في العاصمة السورية، منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول، وهو أيضاً أول هجوم داخل كنيسة في سوريا منذ اندلاع الأزمة في البلاد عام 2011، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبحسب فرانس برس، كانت كنائس أخرى قد تعرضت سابقاً لأضرار أو هجمات في محيطها خلال النزاع، لكن لم يُستهدف أي منها بشكل مباشر.

وقال مصدر أمني لرويترز، طلب عدم الكشف عن هويته، إن رجلين متورطين في الهجوم، أحدهما الذي فجّر نفسه.

يأتي ذلك في حين لا يزال الأمن أحد أكبر التحديات التي تواجه السلطات السورية الجديدة، التي سبق أن حثّها المجتمع الدولي على حماية الأقليات.

وأصدرت وزارة الداخلية السورية بياناً أوضحت فيه تفاصيل الحادث قائلة: "أقدم انتحاري يتبع لتنظيم داعش الإرهابي على الدخول إلى كنيسة القديس مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق، حيث أطلق النار، ثم فجّر نفسه بواسطة سترة ناسفة".

وفي بيان لاحق، قال وزير الداخلية السورية أنس خطاب، مساء الأحد، إن الفرق المختصة في الوزارة باشرت التحقيقات للوقوف على ملابسات "الجريمة النكراء".

وأضاف أن "هذه الأعمال الإرهابية لن توقف جهود الدولة السورية في تحقيق السلم الأهلي، ولن تثني السوريين عن خيار وحدة الصف في مواجهة كل من يسعى للعبث باستقرارهم وأمنهم".

وأعلنت وزارة الداخلية أن قائد الأمن الداخلي في محافظة دمشق، العميد أسامة محمد خير عاتكة، قد توجه إلى موقع الانفجار للاطلاع على مجريات التحقيق الأولية.

ونقلت وكالات الأنباء صوراً للكنيسة بعد الحادث، وقد تناثرت فيها القطع الخشبية للأثاث والمقاعد والأيقونات التي كانت معلقة، فيما دُمر الهيكل الخشبي بالكامل، وظهرت على الأرض آثار الدماء.

صورة لكنيسة مار إلياس في دمشق بعد التفجير، وقد تناثرت فيها القطع الخشبية للأثاث والمقاعد والأيقونات التي كانت معلقة، وظهرت على الأرض آثار الدماء
EPA
رجل يجلس حزيناً بين مقاعد كنيسة مار إلياس التي تناثر عليها الحطام والرماد، وعلى الأرض بجواره بقعة دماء
EPA
داخل الكنيسة، بدت المقاعد الخشبية مبعثرة مع بقع دماء في المكان، بينما دمر الهيكل الخشبي بالكامل

ونقلت وكالة فرانس برس عن أحد الشهود الذي كان داخل الكنيسة وقت وقوع الهجوم، قوله إن رجلاً دخل الكنيسة وبدأ بإطلاق النار، "وحاول الناس إيقافه قبل أن يفجر نفسه".

وقال آخر كان في متجر قريب، إنه سمع إطلاق نار ثم انفجاراً، وشاهد قطع زجاج متطايرة، كما رأى "حريقاً في الكنيسة وبقايا مقاعد خشبية متناثرة على طول المدخل".

وقال مراسل وكالة الأنباء السورية "سانا" إن سيارات الإسعاف توجهت إلى موقع التفجير لنقل القتلى والمصابين، كما انتشرت قوات الأمن في المنطقة لتأمينها.

صورة تظهر الدمار الذي لحق بالكنيسة وآثار الدماء على حائطها
Reuters

وعلّقت وزارة الخارجية السورية على الهجوم بأنه "محاولة يائسة لتقويض التعايش الوطني وزعزعة استقرار البلاد".

ووصف محافظ دمشق ماهر مروان التفجير بأنه "اعتداء صارخ على أمن المواطنين وسلامة الوطن"، داعياً المواطنين إلى التعاون مع الجهات الأمنية وتقديم أي معلومة قد تساعد في كشف ملابسات الواقعة، كما شدد على إنزال أقصى العقوبات بكل من شارك أو دبر أو خطط لهذا "العمل الإجرامي".

وكان وزير الداخلية السورية قد صرح في مقابلة أجريت معه في وقت سابق من هذا الشهر، بأن تنظيم الدولة الإسلامية قد تحوّل إلى "هجمات مدروسة على أهداف استراتيجية" وحاول "تنفيذ هجمات ضد الطائفتين المسيحية والشيعية" أحبطتها السلطات.

وأفادت وزارة التعليم العالي، مساء الأحد، بأن محافظ دمشق كان بصحبة وزير التعليم الدكتور مروان الحلبي ومعاون وزير الصحة حسين الخطيب، في تفقد جرحى التفجير في عدد من المستشفيات منها الفرنسي والهلال الأحمر والمجتهد.

مسؤولون سوريون يتفقدون داخل أحد المستشفيات، إحدى جرحى التفجير الانتحاري
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي السورية

وأدان وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى التفجير الانتحاري، قائلاً عبر منصة إكس: "إن هذا العمل الجبان يتعارض مع قيم المواطنة التي تجمعنا جميعاً".

وأضاف في تغريدته: "نحن، كسوريين، نؤكد على أهمية الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وندعو إلى تعزيز روابط التآخي بين جميع مكونات المجتمع".

https://twitter.com/HmzhMo/status/1936826297172553844

ردود فعل عربية ودولية

وقد أثار الهجوم ردود فعل عربية ودولية، إذ سارعت السعودية لإدانة "الهجوم الإرهابي" مؤكدة على وقوف المملكة إلى جانب سوريا "ضد كل أشكال العنف والتطور والإرهاب".

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، إن أنقرة لن تسمح للمتطرفين بجرّ سوريا إلى حالة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار.

وأضاف: "لن نسمح أبداً لجارتنا وشقيقتنا سوريا أن تُجرّ إلى بيئة جديدة من عدم الاستقرار من خلال منظمات إرهابية بالوكالة"، متعهداً بدعم الحكومة الجديدة في حربها ضد هذه الجماعات.

ووصف الأزهر في مصر، الهجوم بـ"الجريمة الإرهابيَّة النكراء" قائلاً إن هذه العملية تناقض "كل التناقض، مقاصد الأديان السماوية وتعاليم الأخلاق الإنسانية، وهي اعتداء صارخ على حق الإنسان في الحياة والأمن والعبادة، كما تؤجّج نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد".

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية التزامها بـ"مرحلة انتقالية في سوريا تسمح للسوريين، مهما كانت ديانتهم، بالعيش بسلام وأمن في بلد حُر، موحد، تعددي، مزدهر، مستقر، وذي سيادة".

فيما عبّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، عن "غضبه الشديد إزاء هذه الجريمة البشعة"، داعياً إلى إجراء تحقيق شامل.

وصرّح المبعوث الأمريكي الخاص، توم باراك، بأن واشنطن تدعم سوريا "في محاربتها لمن يسعون إلى زعزعة الاستقرار والخوف في بلادهم والمنطقة ككل".

دمار وألواح خشبية تحمل صور السيد المسيح ملقاة على الأرض نتيجة تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق
EPA

ودعت البطريركية الأرثوذكسية في دمشق "السلطات إلى تحمل المسؤولية الكاملة عما حدث ويحدث فيما يتعلق بانتهاك حرمة الكنائس، وضمان حماية جميع المواطنين".

جدير بالذكر أن عدد المسيحيين في سوريا قد انكمش من حوالي مليون نسمة قبل الأزمة السورية عام 2011، إلى أقل من 300 ألف، بحسب فرانس برس، بسبب موجات النزوح والهجرة.

وفي الشهر الماضي، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن أول هجوم له على قوات الحكومة السورية الجديدة، لكن السلطات قالت إنها ألقت القبض على أعضاء خلية تابعة له قرب دمشق، متهمةً إياهم بالتخطيط لهجمات.

وقال مصدر أمني لرويترز إن تنظيم الدولة الإسلامية يقف وراء العديد من محاولات الهجوم على الكنائس في سوريا منذ سقوط الأسد، لكن هذه كانت أول محاولة ناجحة.

وقد استولى التنظيم على مساحات شاسعة من الأراضي السورية والعراقية في السنوات الأولى من الأزمة، وأعلن قيام "خلافة" عابرة للحدود عام 2014 قبل أن يُهزم إقليمياً عام 2019.

*.*.*
All Radio in One