النص الكامل لكلمة مهدي جمعة بمناسبة مرور مائة يوم على تولي حكومته مهامها
بسم الله الرحمان الرحيم
أيّها الإخوة والأخوات
أيّها الإخوة والأخوات
في البداية أود أن أرحب بالسادة والسيّدات الإعلاميين وأشكرهم بالمناسبة على الحضور والعمل الذي يقومون به ومساهمتهم في هذه المرحلة في إرساء التقاليد الديمقراطية وحرية التعبير.
لقد مرت مائة يوم على هذه الحكومة التي أفرزها الحوار الوطني ونالت ثقة المجلس الوطني التأسيسي.
وكنت قد توليت سابقا تشخيص وتفسير الوضع وربما كان ذلك الكلام قد فاجأ البعض بصراحته والآن حان الوقت لأتولى إخباركم بحصيلة عملنا خلال الفترة القليلة الماضية وإطلاعكم على الحلول الكفيلة بإخراجنا من هذا الوضع الصعب.
أوّلا، لا شك وأنكم تدركون أن الهدف الأساسي لهذه الحكومة هو إنهاء الفترة الانتقالية وإيصال البلاد إلى انتخابات حرة وشفافة ونزيهة قبل موفى 2014 وهذا التزام أساسي في خارطة الطريق بالتعاون مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتسهيل مهامها ودعمها في أعمالها. وفي هذا الإطار إتخذنا جملة من الإجراءات:
منح الهيئة تسبقة على الميزانية في شهر فيفري بقيمة 10 مليون دينار
تصفية كامل الديون المتخلدة للهيئة بقيمة 08 مليون دينار والتخلي عن ديونها الجبائية
نشر الأمر المتعلق بتأجير أعضاء الهيئة
الترخيص لعدد من إطارات الوظيفة العمومية للمشاركة في فرق عمل لمساندتها بالإضافة إلى مصادقة المجلس الوطني التأسيسي على قانون لإعفاء الهيئة من الأحكام المتعلقة بالصفقات.
لكن إنجاح المرحلة الانتقالية مرتبط بالاستقرار وأساس الاستقرار هو الأمن وخاصة مكافحة الإرهاب.
وكما تعرفون، كان الوضع صعبا إلى حد بلغت معه التهديدات الإرهابية حتى مناطق العمران وكان الإرهابيون يرهبون ويغدرون بأبنائنا في الشعانبي ويغيرون من أماكن تواجدهم. ولكن اليوم تحسٌن الوضع وتمكنت الحكومة من تحقيق نقلة نوعية لمقاومة الإرهاب بتجاوز مرحلة رد الفعل والأخذ بزمام المبادرة لتعقب الخلايا والقضاء على البؤر الارهابية،
واليوم أنهينا العمليات العسكرية الكبيرة في جبل الشعانبي واستعادت قواتنا السيطرة عليه. وأود أن أذكر ان شعارنا في مقاومة الإرهاب هو: "لا مكان للإرهاب في تونس" كلفنا ذلك ما كلفنا.
وأغتنم هذه الفرصة لأحيي جنودنا وأعوان الأمن والحرس الوطني وأعبر لهم عن تقديرنا لتضحياتهم من أجل تونس ونحن ندرك من خلال متابعتنا لعملهم مدى صمودهم وثباتهم في مقاومة هذي الظاهرة والدفاع عن الوطن. وإن تونس لن تنسى كل من ضحوا في سبيلها بحياتهم ونترحم على أرواحهم الطاهرة ونلتزم ببذل كل ما في وسعنا لكي لا تذهب دمائهم الزكية هدرا.
لقد خلقنا واقعا جديدا في التعامل مع الإرهاب ومقاومة هذه الظاهرة واعتمدنا استراتيجية واضحة يشارك فيها المسؤولون في وزارات الداخلية والدفاع والعدل. ولدعم هذا التمشي قررنا إنشاء "قطب أمني شامل" لمقاومة الإرهاب بكل أنواعه، يتكوٌن من قضاة وحكام تحقيق وبقية الأجهزة المختصة من الأمن قصد توحيد عمل كل الأطراف المتداخلة في الموضوع لتحسين النجاعة والسرعة في التعاطي مع كل حدث أو وضعية ذات طبيعة إرهابية.
وسوف نستفيد من خبرة الدول الصديقة إلي ركزت هياكل مماثلة ونحن إن شاء الله عاقدون العزم على أن يتأسس هذا القطب ويشرع في أعماله م قبل أن نغادر الحكومة.
إن مقاومة الإرهاب لا تقتصر على الجانب الأمني بل تتعداه لتشمل الإرهاب عن طريق شبكات التواصل الإجتماعي والإنترنات التي أصبح الإرهابيون اليوم يستخدمونها للتأثير على أبنائنا وإدخالهم في المجموعات الإجرامية التي تروج لثقافة الموت. ولذا فقد قرّرنا سنّ القوانين اللازمة الّتي تمكّننا من تتبع هذه المواقع الخطيرة قضائيا وحجبها.
وكما تدركون، فإن الإرهاب آفة عابرة للحدود ومعالجتها لا تكون ناجعة إلا في إطار إقليمي وشامل بتظافر الجهود والتعاون بين الدول. وفي هذا الإطار، ركّزنا تعاوننا مع عديد من البلدان وخاصة الشقيقة الجزائر إلتي نتعاون معها في مجال تأمين الحدود ومراقبة وملاحقة العناصر الإرهابية بالتنسيق وتبادل المعلومات.
كما اتفقنا مع دول أخرى على توفير التجهيزات اللازمة لعناصر الأمن والجيش الوطنيين في إطار عمل جماعي حتى نتخلص من هذه الآفة والخطر الذي يهدد منطقتنا بأسرها.
ونحن نتمنى أن يتحسن الوضع في الشقيقة ليبيا. ويبقى اهتمامنا في الوقت الحاضر منصبا على حماية حدودنا لنحفظ أمن واستقرار بلادنا ونتصدى لكل الأخطار المتمثلة في الإرهاب والتهريب بكل أنواعه من أسلحة ومواد استهلاكية تضر باقتصادنا.
وفي هذا المجال أيضا، لا بد من الإشارة إلى أن الوضع في سوريا يبعث على الإنشغال العميق. ونحن بصدد معالجة آثاره من عديد الجوانب. فبالإضافة إلى منع الكثير من الشباب التونسي من التحول إلى سوريا، وضعنا خطة للتعاطي مع وضعيات المقاتلين الراجعين من سوريا في إطار مقاربة شاملة بين عديد الدول المعنية.
إن هذا الموضوع يهمنا جميعا حكومة ومجتمعا وأود أن أؤكد على الدور الهام الموكول للعائلات للإحاطة بأبنائهم وتجنيبهم كل الأوساط والوضعيات التي من شأنها أن تغرر بهم وتجعلهم عُرضة للمغالطات والاستغلال من طرف هذه المجموعات الإرهابية.
وهنا لا بد أن أشير إلى ابنينا أحمد بن الشيخ والعروسي القنطاسي المخطوفين في ليبيا وأنا أتابع شخصيا وبصفة يومية هذا الملف المعقد مع خلية الأزمة ونحن بصدد بذل كل ما في وسعنا وإن شاء الله نتمكن من التقدم في هذا الملف حتى يعودا لعائلاتهم في أرض الوطن سالمين.
وفي إطار تنقية المناخات تنص خارطة الطريق على نقاط أخرى منها :
مراجعة التعيينات : إن الانتظارات كبيرة ولقد حرصنا على أن تكون المراجعة مبنية على الكفاءة ونظافة اليد بالنسبة للتسميات الإدارية إضافة إلى الحياد التام لكل من لهم علاقة بالانتخابات.
وأجرينا في هذا المجال حركة شملت رئاسة الحكومة و رؤساء دواوين الوزارات و عدد من الرؤساء المديرين العامين للمنشآت والمؤسسات العمومية وعدد من الولاة (18).
وبعد دراسة أكثر من 900 ملف، شرعنا في الحركة الأولى التي تشمل سلك المعتمدين والكتاب العامين وستعقبها دفعة ثانية في نهاية الشهر تُعنى ببقية سلك المعتمدين. كما تم تقليص عدد المكلفين بمهمة في كافة الوزارات ب20%.
أما فيما يخص رابطات حماية الثورة، فليس أمامنا خيار آخر غير اللجوء إلى القضاء وتطبيق القانون والملف قد تم عرضه على القضاء وهو محل متابعة من قبل الحكومة ومن المنتظر أن يصدر الحكم في قضية حل الرابطات يوم 26 ماي 2014. وكل من خرج على القانون باسم أي تنظيم ستتم متابعته حسب القانون.
و فيما يتعلق بتحييد المساجد، فقد تقدمنا بخطى كبيرة رغم أن العملية ليست سهلة بعد أن استفحل الأمر ونحن عازمون على مواصلتها حتى نحافظ على مقدساتنا وعلى بيوت لله. وإلى حد هذا اليوم، تمكنا من استرجاع 61 مسجدا من بين قائمة تضم 150 مسجدا وجدناها يوم تسلّمنا رئاسة الحكومة.
الملف الآخر الهام الذي أود أن أخاطبكم فيه هو الملف الاقتصادي :
لقد أنهينا تشخيص الوضع وقدّرنا حجم الإشكالات القائمة والناتجة عن الأوضاع المتراكمة. وكما أخبرتكم في كلمتي السابقة، فإن تونس تمر بأزمة اقتصادية كبيرة من أهم سماتها تفاقم الخلل في الميزان التجاري وحاجيات تمويل ميزانية الدولة التي بلغت معدل 01 مليار دينار شهريا. ولتغطية هذه الحاجيات خلال هذه السنة، لا بد من توفير تمويلات إضافية ب 3.5 مليار دينار. وإن شاء الله، نتمكن بفضل المساعي التي نبذلها من توفيرها حتى تتمكن الدولة من الإيفاء بالتزاماتها في 2014 ونصل بالبلاد للانتخابات ونكون بذلك قد أنهينا المهمة التي أتينا من أجلها.
ولكن نحن ندرك أن الأزمة ليست ظرفية فقط بل هيكلية. وإذا اكتفينا بواجبنا، فإن الأزمة ستتفاقم خلال السنوات القادمة. ولهذا، من باب المسؤولية ومصلحة البلاد، صارحناكم واخترنا طرح الإصلاحات وهذا التمشي أصعب بالنسبة لنا ولكنه هو الطريق السليم لمستقبل اقتصادنا وأنا مقتنع أن التونسي يميّز بين مصلحته الحقيقية والدائمة حتى لو تحمل تضحيات وبين الحلول السّهلة.
لقد اتبعنا في تونس منهجا يرتكز بالأساس على الحوار والمشاركة الفاعلة لكل الأطراف قصد الوصول إلى حلول توافقية في كل المواضيع المهمة في بلادنا. وكما نجحنا في الحوار السياسي الذي مكننا من إيجاد توافقات أفضت إلى إعتماد دستور جديد، فتحنا اليوم حوارا إقتصاديا يشارك فيه الخبراء والمنظمات والأحزاب للإستفادة من آرائهم والتشاور حول المقترحات. وسيكون الحوار إن شاء الله متواصلا ذلك أن الوقت قد حان لمراجعة جذرية للمنوال الإقتصادي الذي لم يتغير منذ عقود.
نواجه اليوم عجزا هيكليا في ميزانية الدولة ناتجا عن نمو كبير في المصاريف مقابل نقص في الموارد الذاتية.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف نتمكن من إخراج تونس من هذا الوضع ؟ الجواب سهل وصعب في نفس الوقت : يجب أن ننفق أقل وأن تكون لنا موارد أكثر. ولكن كيف نحقق هذا؟
لذلك، حددنا هدفا وهو التقليص في العجز بـ 1.5 مليار دينار بداية من سنة 2014 ومواصلة هذا الجهد في السنوات القادمة حتى نقلص من العجز في ميزانية الدولة.
ومن هذا المنطلق، أهم إجراءات الإصلاح هي:
أولا، ترشيد صندوق الدعم : لقد ثبت اليوم أن الدعم لا يذهب لمستحقيه وأن الدولة لم يعد بإمكانها أن تتحمل أعباءه المالية. لهذا، فإن غاية الحكومة ترشيد الدعم وتوجيهه لمستحقيه.
ثانيا، ترشيد النفقات العمومية :
التحكم في كتلة أجور الدولة وذلك بتجميد أي انتداب إضافي خارج قانون المالية ما عدى مدارس التكوين،
تخفيض النفقات في وسائل المصالح،
تخفيض النفقات غير الموزعة،
التقليص بنسبة 10% في أجور أعضاء الحكومة. كذلك كاتبنا كل الوزراء وكتاب الدولة السابقين من أجل أخذ موافقتهم.
أدرك أن هذا الإجراء رمزي، لكننا اليوم في إطار عمل تضامني يتطلب مجهود ومشاركة من الجميع وهذا القرار يعكس رغبة أعضاء الحكومة في المشاركة في هذا المجهود الوطني.
قرّرنا أيضا تحويل مقتطعات البنزين إلى منحة مالية تعويضية غير خاضعة للجباية بداية من شهر جوان القادم و سيتمّ إعداد النصوص الترتيبية بتشريك كل الأطراف المعنية.
هذا ما يُمَكننا من مزيد الاقتصاد في استهلاك المحروقات الموردة بالعملة الصعبة ويدفع إلى دعم القدرة الشرائية التي تدخل في تنشيط الاقتصاد.
قبل أن أتطرق إلى موضوع السيارات الإدارية، أود أن أؤكد ما قلته في عديد المرات من أن الإدارة تمثل العمود الفقري للدولة وركيزتها الأساسية والإجراء هذا هو تنظيمي بالأساس وهو في صالح الموظف والدولة على حد السواء.
وفي هذا الإطار قرّرنا فتح الخيار للموظّفين في الوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية الذين يتمتعون بمقتضى القانون بسيارة وظيفية لتعويض هذه السيارات بمنحة مالية بداية من شهر جوان مع التأكيد على أنّ توظيف هذه المنح سيخصص لإقتناء سيارات جديدة.
والدراسات والمشاورات متواصلة فيما يتعلق بالأصناف الأخرى من السيارات الإدارية.
وفيما يخص الترفيع في الموارد ودفع النمو الاقتصادي :
أود أولا أن أشير إلى أن نسبة النمو الاقتصادي ستكون في حدود 2.8% في سنة 2014 عوضا عن 3.6% الي تم اعتمادها في قانون المالية لسنة 2014 وهذا ناتج عن الوضع السياسي الذي شهدته البلاد في سنة 2013 وهذا الفارق سينجر عنه نقص في موارد الدولة.
وهو ما يدعونا إلى اتخاذ إجراءات أخرى ومنها :
الاكتتاب الوطني الذي تم فتحه يوم الاثنين 12 ماي. وبالمناسبة أدعو كل التونسيين في القطاع الخاص والعام والمقيمين بالخارج كل حسب امكانياته للمساهمة في هذا الاكتتاب حتى نحقق الدعم المطلوب لتونس.
وقرر أعضاء الحكومة التبرع على الأقل بـ 10% أخرى من أجورهم لفائدة الاكتتاب الوطني.
إعادة النشاط للقطاع المنجمي: اتخذنا إجراءات لتحسين إنتاج الفسفاط في الحوض المنجمي إلذي وصل إلى 500 ألف طن في شهر أفريل 2014. ونتائج الفسفاط في الأربعة أشهر الأولى لسنة 2014 فاقت ب50 % نتائج نفس الفترة لسنة 2013 .
إنجاح الموسم السياحي: نحن نقوم أيضا بحملة ترويجية كبرى لإنجاح الموسم السياحي حتى نصل لـ7 ملايين سائح. وفي الأربعة أشهر الأولى لسنة 2014 سجلنا ارتفاعا في مداخيل السياحة بنسبة 2.5 % بالمقارنة مع نفس الفترة في 2010. وتمّ أيضا تخصيص 4.3 مليون دينار للعناية بالبيئة وتنظيف الشواطئ. وتابعنا الموضوع بالقيام بـ200 زيارة تفقّدية خلال الـ100 يوم الأخيرة.
كما وافق مجلس الوزراء على خطة استراتيجية جديدة لإصلاح قطاع السياحة بما فيها موضوع المديونية.
إضافة لهذه الإجراءات لتعبئة الموارد تم إقرار عدد من الإصلاحات الهيكلية من أهمها :
الاصلاح الجبائي: قمنا بإعداد المقاييس وطرق العمل للحد من التهرب الضريبي وتدعيم مبدأ العدالة الجبائية مع إعادة النظر في النظام التقديري للأداءات (Régime Forfaitaire) مما يمكننا من استخلاص مبالغ أكثر من المعاليم الجبائية المحددة و دعم خزينة الدولة.
مقاومة التهريب والإقتصاد الموازي: شرعنا في تنفيذ خطة شاملة لمكافحة التهريب وإحتواء التجارة الموازية بمشاركة مختلف الوزارات والسلطات المحلية والجهوية ذات العلاقة.
كما تولينا تنويع وتكثيف حملات المراقبة.
إن تحسين مناخ الاستثمار وتذليل الصعوبات إلتي يواجهها المستثمرون من أهم أهدافنا حتى نبسط الإجراءات ونسهلها للتشجيع على خلق الثروات ومواطن الشغل لأبنائنا وبناتنا، مع التسريع في حل المشاكل العالقة لنساء ورجال الأعمال. وفي هذا الإطار شرعنا في تحديد أهم العوائق التي تحد من تطور الإستثمار الداخلي والخارجي وسيتمّ إتّخاذ الإجراءات الفورية اللازمة في هذا الموضوع. أمّا فيما يتعلّق بالإصلاحات الهيكلية في مجلّة الإستثمار فالموضوع مازال مطروحا للتوافق وإيجاد الحلول التي تمكننا من تحسين مناخ الإستثمار وتراتيبه.
إصلاح القطاع البنكي : لأول مرة في تاريخ تونس يتم اعتماد تمش جديد لإصلاح القطاع البنكي يهدف إلى إعطاء أكثر نجاعة لتدخل الدولة في مجال تمويل التنمية.
إصلاح المؤسسات العمومية : وضعنا تمشيا جديد يرتكز على ضبط عقود مع هذه المؤسسات وسيتم على هذا الأساس تمويل المؤسسات من طرف الدولة وفي المقابل تتعهد المؤسسات بإدخال الإصلاحات اللازمة.
وفيما يخص التشغيل و دفع المشاريع العمومية، كان أمر تنظيم الصفقات العمومية أول أمر ترتيبي تصادق عليه الحكومة منذ توليها. و يهدف إلى تبسيط إجراءات إنجاز الصفقات ويعطي مسؤولية أكبر للجان الجهوية ويدعم الشفافية في هذا المجال.
استئناف العمل في عديد المشاريع : تمّ تركيز فريق عمل حكومي لمتابعة إنجاز المشاريع العموميّة ميدانيا في كافة الجهات حيث شملت هذه الزيارات إلى حدّ الآن 17 ولاية. وقد تمكننا من إعادة تنشيط أكثر من 400 مشروعا معطّلا قيمتها الجملية حوالي 900 مليون دينار.كما سجلنا استئناف أشغال 19 مشروع طرقي كبير على غرار الطريق السريعة صفاقس –قابس والطريق الرابطة بين مدنين و رأس الجدير.
أما في ميدان التشغيل فقد سجلنا :
إرتفاع عدد المشاريع المموّلة من طرف الدولة بحوالي 10 مرّات مقارنة بنفس الفترة من سنة 2013
إرتفاع عمليّة تشغيل حاملي الشهادات العليا بـ16%
إنقاذ أكثر من 800 مشروع صغير مموّل من طرف الدولة وكان متعثّرا
تخصيص 100 مليون دينار لفائدة المؤسسات التي تمر بصعوبات إقتصادية و30 مليون دينار لتدعيم التشغيل الذاتي للشباب أصحاب الشهادات العليا
لكن كلّ هذه الإجراءات تتطلب توفير مناخ تضامني وتوافقي يمكننا من العمل في هدوء سياسي وإجتماعي. وفي هذا الإطار ركزنا اهتمامنا على القضايا الاجتماعية وقررنا إحداث مجلس وطني للحوار الاجتماعي يهدف إلى تركيز آليات الحوار والمتابعة لكي نعزز حماية الطبقات الضّعيفة وندعمها ونحسن من قدرتها الشرائية. ومن هذا المنطلق وبالرغم من الصعوبات المالية التي تمر بها البلاد تعهدت الحكومة وأوفت بوعدها لدعم الطبقة الشغيلة من خلال تفعيل الاتفاقيات 33 المبرمة مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
وكما أعلمتكم في الإحتفال بعيد الشغل قرّرنا الترفيع في الأجر الأدنى المضمون الفلاحي وغير الفلاحي (Smig/Smag).
وفي إطار تحسين القدرة الشرائية، كثفنا من حملات المراقبة الإقتصادية. سجلنا تراجع مستوى تضخّم الأسعار إلى 5.2% (مقابل 6.4% في نهاية أفريل من السنة الماضية). وإن شاء الله يساهم الموسم الفلاحي الواعد واستقرار الدينار في تخفيف الضغط. ولكن يمثل العمل وتحسين الإنتاج والإنتاجية العناصر الأساسية الكفيلة بتحسين القدرة الشرائية.
وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه الإجراءات سيتم إدراجها في قانون المالية التكميلي لسنة 2014 الذي قررنا عرضه للمصادقة على مجلس الوزراء في شهر جوان ثم إحالته إلى المجلس الوطني التأسيسي .
أما فيما يخص الديبلوماسية الاقتصادية، فكما تعرفون، قمت خلال الثلاثة أشهر الأخيرة بزيارة عدٌة بلدان شقيقة وصديقة. وقد لمست ما تكنه هذه البلدان من احترام كبير لتونس وتقدير لدستورها الجديد واستعدادها لدعم تونس لإنجاح مسار الإنتقال الديمقراطي. وتمكنا من إبرام عدة اتفاقيات دعم مالي بأكثر من 2.5 مليار دولار مع بلدان ومؤسسات مالية. ونحن الآن بدأنا أيضا نشهد توافد المستثمرين خاصة من دول الخليج العربي على بلادنا وإن شاء الله ستمكن هذه الزيارات من بعث مشاريع جديدة في ميادين مختلفة تمكن من خلق الثروة ومواطن شغل لأبنائنا وبناتنا. كما أود أن أؤكد لكم أيضا أن صورة تونس اليوم في العالم تحسنت كثيرا وهذا أمر يبعث على الإرتياح.
ونشير إلى أنه سيتم ولأول مرة في تاريخ تونس تنظيم مؤتمر دولي "لأصدقاء تونس للإستثمار" بمشاركة كبار الهيئات الإستثمارية والمالية الدولية من أجل الإستثمار في مشاريع هيكلية كبرى تحقق نقلة نوعية اقتصادية كبيرة في بلادنا.
و في الختام ، نحن سنواصل تحمل مسؤولياتنا وسوف نتخذ القرارات اللازمة لكن هذا لن يكون كافيا لوحده ذلك أنه يجب أيضا أن يتجند الجميع لخدمة تونس ولإرجاع للدولة هيبتها.
لا يمكن بناء ديمقراطية ولا ضمان مستقبل لبلادنا دون بناء دولة قوية وإعلاء قيمة العمل.
إني أعول على إحساس التونسي بالمسؤولية وشعوره بالمواطنة وأعتبر كل مواطن مسؤولا وقادرا على المساهمة في إخراج البلاد من الأزمة مهما كان موقعه.
وإني متأكد أنه بفضل تظافر جهودنا جميعا سنتمكن من النجاح وتجاوز هذا الوضع الصعب. إن مستقبل تونس أفضل من حاضرها لأنُّه لا وجود تونسي لا يحب الخير لبلاده.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
Comments
6 de 6 commentaires pour l'article 85289