التغريدة الدستورية

<img src=http://www.babnet.net/images/3/rcddefi.jpg width=100 align=left border=0>


أبو مـــــــــــــــــازن

الزعيم بورقيبة قاوم فرنسا فتحصل على الاستقلال و كتب دستور الجمهورية ثم بنى الدولة الحديثة و علّم الشعب التونسي وشيّد المستشفيات. تغريدة دستورية في نسختها الأولى حفظناها عن ظهر قلب و وعيناها في المدارس يوم كنا نصطف منذ الصباح ننتظر قدوم موكب المجاهد الأكبر قبل أن يمنع لفظ الجهاد و تلصق به مصطلحات النكاح و الشاي وغيرها.
أمّا التغريدة الثانية التي لم تعمّر طويلا رغم ما صُرف عليها من أموال وانخرط فيها نخبة النخبة المتفرنسة فهي النسخة التجمعية للحركة الدستورية التي حاولت تغيير ملابسها في محطة 87 فينصرف عنها المحتجون والمظلومون ويحسبونها من أهل الصلاح والفلاح فتنعت بالتغيير والامتياز و فقوس عفوا خيار المستقبل. في النسخة الثانية للتغريدة الدستورية، مُجّد القائد الأوحد حامي الحمى و رصدت صناديق التضامن والشباب ثم قفزنا بالأرقام إلى أعلى المستويات ولكن هيهات ضاع كل هذا في لحظة طيش تحولت إلى بركان فكشفت المستور و نبشت تاريخ القبور.
...

ولكننا قرأنا تاريخ الدول المعاصرة فوجدنا في معظمها ثلة من الزعامات رعت الكفاح و تحصلت على الاستقلال ثم تقاسمت شؤون الحكم بكل سلاسة و بنيت الدول الحديثة المستقرة حيث يهنأ العيش لكافة الشعب في الحضر والريف و تبنى ناطحات السحاب و الصناعات الكبرى بعد أن تؤمّن لقمة العيش لمواطنيهم. و لقد قرأنا أيضا قصص القرآن فوجدنا لرسول الله موسى هارون عضدا و الخضر معلما و لنبي الله لوط ابراهيم ناصحا و لخير البرية صلى الله عليه وسلم صحابة تسنده و تنصحه و وحيا من السماء يرشده. ثم اطلعنا على تاريخ النهضة الأوروبية فوجدنا العلماء الكبار ديكارت و غوس و لافوازيه و المقاتلين الشجعان بونابرت و كليبر، فأدركنا أننا نعشق صنع الصنم ونهوى ذلك ثم نصدق عبقريته ونبوغه فنتخذه منقذا فذا متفردا لا يرى غيره ما يراه، صاحب الحكمة في كل قول وفعل لا تكاد تصيبه الأخطاء. عجبا لتونس العربية التي فتحها عبادلة سبعة و حكمها أغالبة و حفصيون و فاطميون و بايات متعددون فلم نسمع عن عبقري راجح العقل قد فاق الجميع حكمة ونبوغا.
لقد ارتطمت التغريدة الدستورية لعقود مضت بصخور فأثبتت ضعف تركيبتها و بطلان علويتها العلمية و وهن تجربتها وهي المثال المستنسخ من نظام المقيم العام الفرنسي. لقد قدمت الدولة الفتية قليلة العدد و وافرة العدة في ذلك الوقت فعبث المتنطعون بالاقتصاد التونسي و أصابوه في مقتل عندما جنبوه التطوير ثم نالت رياح التعاضد الأرعن من مال ودم المواطنين و تهاوت السياسات كلما غير وزير وقدم آخر. وبرزت في نفس الوقت وسائل ترهيب وترغيب اختص بها أهل التغريدة الدستورية فقُمع الاتحاد المناضل في عديد المناسبات و جلب المعارضون لصباط الظلام حيث مورس عليهم شتى أنواع العذاب و الويل. لم ننل شرف ملاقاة التقدم في وطننا العزيز رغم كل المحاضرات والتوجيهات و الخطابات أين يبرع اللسان في القول ويتغنى الفنانون ب حزب اشتراكي دستوري، الله ينصر من جا بيه وغيرها من الترنيمات، لم نصنع ثرواتنا ولم نستغل عقولنا المهاجرة التي دُفنت تونسيتها فلم نسمع عنها شيئا أيام الزعيم والمخلوع ونواصل على نفس المنوال في تونس الثورة. لم يعد بُدّا من تعدّد الأحزاب والزعماء والآراء فتتلاقح الأفكار كبقية الدول و تنشأ الدولة الوطنية الفتية التي ترقى إلى مستويات عالمية وتحقق نموا مطردا.
سؤال لأهل التغريدة الدستورية: لأي دستور تغردون؟ لدستور عهد الأمان الذي طويت فصوله مع البايات أم لدستور الجمهورية الأولى الذي نقح عديد المرات حتى صار كسروال عبد الرحمان لا يستر العورة أو ربما تحتكمون للدستور الجديد الذي كتبه المجلس التأسيسي الذي بنى على أنقاض حكمكم؟ نَوّرا القوم يرحمكم الله.



   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


2 de 2 commentaires pour l'article 82230

Mavb2014  (Tunisia)  |Lundi 24 Mars 2014 à 16:44           
الدساترة لا يغردون, بل ينعقون

Wildelbled  (United States)  |Lundi 24 Mars 2014 à 00:06           
اليونان حكموها بجمهورية أفلاطون ونحن رفظا اجتماعية ابن خلدون


babnet
All Radio in One    
*.*.*