من ''البريستول'' إلى ''نسمة'': نهاية الهوليغانز السياسي

<img src=http://www.babnet.net/images/9/bristolparis.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم الأستاذ بولبابة سالم

هدأت العاصفة السياسية منذ لقاء فندق البريستول بباريس بين السيد الباجي قايد السبسي و الشيخ راشد الغنوشي بعد وساطة أطراف داخلية بدأها السيد سليم الرياحي و بتشجيع خارجي لحلحلة الأزمة عبر جمع الطرفين اللّدودين على طاولة واحدة . ذلك اللقاء الذي دام لثلاثة ساعات بين رجلين يمتلكان الخبرة و الرصانة و النّظر إلى المصلحة الوطنية العليا بعيدا عن لغة المراهقة السياسية التي ملأت المنابر الإعلامية بين الفرقاء السياسيين . كان لقاء إذابة الجليد بين حركة النهضة و نداء تونس و هما الحزبان الكبيران اللذان ترشحهما أغلب استطلاعات الرأي للفوز في الإنتخابات القادمة , ذلك الذّوبان لم يعجب المراهنين على تغذية الإستقطاب الثنائي الحاد الذي وصل مرحلة الحرب الأهلية الصامتة , و زوال الجليد يعني بداية التواصل و التنسيق و رفع التابوات . التهدئة يفرضها الكبار بفضل نفوذهم و شعبيتهم , و عالم السياسة لا يخلو من الصفقات السياسية و لا يعترف بالخطوط الحمراء و لا بالعداوة الدائمة بل بالمصالح و المكاسب على الأرض لذلك يجمع الكثيرون أن هناك صفقة و اتّفاق بين النهضة و نداء تونس هندسه الباجي قايد السبسي و راشد الغنوشي لإزالة حالة الإحتقان و الترقّب التي يشهدها المشهد السياسي التونسي و الترتيب للمرحلة المقبلة في علاقة تواصلية .

...

كان الإعلان الرسمي عن الإتّفاق في حوار قناة نسمة مع الشيخ راشد الغنوشي الذي فاجأ الجميع بما فيهم أنصار حركة النهضة بانفتاحه على حزب نداء تونس و اعتباره إلى جانب حركة النهضة العمود الفقري للمشهد السياسي التونسي بل اعتبر أنّ نداء تونس قد غيّر الخارطة السياسية في البلاد و لابدّ من التعامل معه ضمن رؤية سياسية واقعية . ظروف لقاء الغنوشي مع قناة نسمة مشابهة إلى حدّ التطابق مع حوار السيد الباجي قايد السبسي مع نفس القناة , و عالم السياسة لا يعترف بالصدف لأن الخط التحريري لنسمة قد تغيّر جزئيّا بعد دخول السيد سليم الرياحي في شراكة مع السيد نبيل القروي و من المعروف أن الرياحي رجل وفاقي ووسطي كما أنّ مضمون ما قاله الشيخ راشد الغنوشي يستوجب تلك الحظوة التي وجدها في القناة التي كان أنصار النهضة يدعون إلى مقاطعتها لأسباب يطول شرحها في هذا المقام .

كلام الغنوشي بعثر أوراق حلفائه و خصومه فوجد الجميع نفسه في التسلل و يريد اللحاق و فهم ما يجري حتى لا يبقى على هامش المشهد السياسي . الأحزاب الكبيرة لا تخشى الإنتخابات التي يبقى إنجازها مسألة وقت و الحكومة الجديدة المحايدة التي ستشرف عليها سيحدّد طبيعتها الحوار الوطني , أما الخاسر الأكبر فهي الأحزاب التي راهنت على الصّدام و حشر النهضة في الزاوية و استعملت لغة حربية إقصائية وصلت حدّ التهليل للمشهد الدّموي المصري و راهنت على انقلاب لم يأت , عندها اختارت النهضة الذهاب إلى القوّة الحقيقية للمعارضة و هي تدرك من ينفق و يحشد لإعتصام الرحيل بباردو لأنّها تعلم أن السيد الباجي قايد السبسي لا يمكن أن يلتقي إلا ظرفيا مع التيارات اليسارية و بعض القوى الفوضوية فالرجّل أرستقراطي و ليبرالي بالأساس , و اختارت إذابة الجليد مع خصم يملك المال و الإعلام و له حظوظه في الإنتخابات فعزلت العمود الفقري لما يسمّى جبهة الإنقاذ و تنازلت من أجل تلك الصفقة و ألقت وراء ظهرها تحصين الثورة و مقولات النظام القديم و الأزلام ... و بدت بقية مكوّنات جبهة الإنقاذ تحاول إنقاذ نفسها للحيلولة دون الإنقراض السياسي بعدما أيقنوا في اعتصام الرحيل ضخامة الإمكانيات المسخّرة له و من يقف وراءها .

كان أنصار النهضة إلى وقت قريب يهددون نداء تونس بورقة تحصين الثورة و ينعتوهم بأنهم تجمعيون و قادة الثورة المضادة , كما هدد أنصار نداء تونس بإعادة النهضاويين إلى السجون و المنافي في حال استقرّ لهم الأمر . تلك الحالة هي أشبه بالهوليغانز السياسي و مارسه الطرفين بنسب متفاوتة .

للأمانة , كان السيد الباجي قايد السبسي في كل حوار يؤكّد أن النهضة جزء أساسي من المشهد التونسي رغم وجود أصوات استئصالية داخل حزبه أمّا راشد الغنوشي فقد قرّر ألاّ يذعن لصقور النهضة الذين يرفضون التعامل مع نداء تونس لأنّ المصلحة الوطنية فوق المصالح الحزبية و الضرورات تبيح المحظورات .

كاتب و محلل سياسي




   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


10 de 10 commentaires pour l'article 70430

David  (Tunisia)  |Mardi 27 Août 2013 à 12:19           
غنوشي يا معلم

Mongi  (Tunisia)  |Mardi 27 Août 2013 à 11:01           
@SOS12
الجلوس مع مجرمي الأمس ومع من أجرموا في حق الشعب للمحافظة على تأمين الثورة وانتصارها ولو على مراحل وسنوات هو ليس عارا. فالسياسة هي فن الممكن. ولنا في السيرة النبوية وفي عديد المشاهد عبر التاريخ الإسلامي شواهد كثيرة على هذا التمشي. فرسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية رضي أن يعقد صلحا مع المشركين فيه بنود قاسية على المسلمين. ومن هذه البنود أنه إذا التجأ أحد المشركين من قريش إلى المسلمين ودخل الإسلام يلتزم المسلمون
بإرجاعه إلى قريش. وإذا ارتد أحد المسلمين عن الإسلام والتجأ غلى قريش لا تلتزم قريش بإرجاعه إلى المسلمين.
هذا الصلح الذي عقده رسول الله : عقده مع أناس أشد إجرام وفساد من جماعة نداء تونس. وكان بوسع رسول الله أن يمضي في خيار الحرب وينتصر (بنص القرآن ) ولكنه آثر الحل السلمي (الذي سوف تجنى ثماره بعد فترة وعلى مراحل) اتقاء للدماء وللفتنة
قال الله تعالى في سورة الفتح :
1.
وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا
2. هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
3. إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا


Godefroy  (France)  |Mardi 27 Août 2013 à 10:51           
// by Admin Pour Grossièreté //

Godefroy  (France)  |Mardi 27 Août 2013 à 10:43           
Pendant que certains ànonnent le signifiant révolution", les petites tactiques se mettent en place.
Pas à pas, elles aboutissent à un compromis entre deux courants politiques de vieille connaissance.
L'alliance objective entre "l'aristocrate-libéral" et "l'islamiste", selon vos propres termes, figure le présent de la donne politique .

Drole de révolution que celle qui nous accouche du mariage entre dieu et l'aristocratie.
Nous voilà, en plein "ancien régime". Celui qui précéda la Révolution. Je parle de la Française.

Ridha_E  (France)  |Mardi 27 Août 2013 à 10:00           
Il est évident que je suis ravi par ce qui se passe aujourd’hui sur la scène politique. Tout ce qui va dans le sens de l’apaisement est souhaitable et bon à prendre.
Cependant, pourquoi persévérez-vous à travestir la vérité sur le déroulement des événements et ne restez-vous pas à égale distance de tous les protagonistes ?
À vous lire, on a l’impression que c’est Gannouchi qui a planifié tout cela pour semer la zizanie dans les rangs du front su salut !
Vous voulez faire croire que ce sont les parties de l’opposition qui sont les vilains petits canards qui veulent acculer ennahdha dans ces derniers retranchements ou l’éliminer de la scène politique.
Vos propos diabolise BCE et son parti d’une façon claire : il possède l’argent et les médias dites-vous cela en passant rapidement dessus sans le prouver.
Mais qu’en est-t-il de votre protégé naturel ? Ne dépense-t-il pas sans compter pour remplir ses meetings et financer ses milices ? Ne dispose-t-il pas de 4 stations de télé peuplées de bnedrias de qualité mais sans efficacité puisque leur taux de pénétration chez les téléspectateurs est proche de 0 ?

Non monsieur Boulbaba, on aurait cru volontiers à vos thèses si vous étiez un peu plus équitable mais, comme à votre habitude, vous chargez toujours l’opposition.
Analysez, honnêtement si possible, les positions et les propos du CPR et des mini-partis issus de son éclatement et vous verrez comment l’hypocrisie, l’arrogance, la haine, l’exclusion et le rejet peuvent les habiter : c’est leur pain quotidien et leur seuls moyens d’exister.

SOS12  (Tunisia)  |Mardi 27 Août 2013 à 09:35           
@Mongi
اذا وجـــدت بين خيارين
الاول عـــــار
والثاني نــــار
فاخــتر العـــار واهرب من النار
لان درئ الـــمفــــسدة يـــعلـــو على جلب المـــصلــحة

Dignite  (Tunisia)  |Mardi 27 Août 2013 à 09:23           
وداعاً للربيع العربي واستعدوا للخريف العربي.
صفقة الغنوشي والسبسي هي نهاية المسار الثوري.
ليس الاحزاب الفوضوية وحدها التي بقت في التسلل بل الشعب أيضاً.
أصبح مصير الثورة بيد الزعامات السياسية بدل الشعوب.
فيا شعب هلا استيقظت قبل فوات الاوان.

Antijboura  (Tunisia)  |Mardi 27 Août 2013 à 09:09           
عين الصواب يا منجي يعطيك الصحة

Manoura  (Tunisia)  |Mardi 27 Août 2013 à 09:09 | Par           
Nidaa tajamo3 est devenu une réalité après que ennahda n'a pas su fructifier le temps qu elle avait pour anéantir la machine rcdiste. Le realpolitik oblige aujourd'hui ennahda a composé avec ce parti pour sauver son existence et aussi la phase transitionnelle. Ce n est qu un match reporter. La guerre aujourd'hui est avec l extrême gauche qui refuse le multipartisme. Apres les prochaines elections d autres opportunités s ouvriront et c est au peuple de tracer la voie à suivre.

Mongi  (Tunisia)  |Mardi 27 Août 2013 à 08:49           
جربت القوى الثورية تمرير قانون تحصين الثورة في مناسبتين فتم اغتيال ناشطين سياسيين من طرف قوى الثورة المضادة. والقوى الثورة المضادة هذه مستعدة لإغراق تونس في الدماء على غرار سوريا ومصر من أجل أن تبقى في المشهد السياسي ومن أجل أن تحكم ومن أجل أن تحافظ على مصالحها.
فإذا كانت المصلحة تقتضي التعايش مع هذه القوى إلى أجل غير مسمى من أجل إنقاذ تونس من الدماء الغزيرة التي سوف تسيل وتحقيق أهداف الثورة على مراحل أو على بضع سنوات أو حتى أكثر فلا مانع من ذلك. فاحتمال الأذى والصبر عليه خير من المضي في سيناريو فيه القتل والهرج والمرج والفتن الكثيرة. ولنا في التجربة التركية أكبر دليل : القوى الثورية تعايشت مع قوى الثورة المضادة ومع الجيش على مدى أكثر من 20 أو 30 سنة. والآن لن يستطيع الجيش أن يقلب الموازين بأي شكل من
الأشكلال.


babnet
All Radio in One    
*.*.*