إعلام ما بعد الثورة يطالب بعودة بن علي
بقلم عبد الرزاق قيراط
نشرة أخبار الثامنة، عجّل الله بإصلاحها، و بإصلاح القائمين عليها، استضافت لنا باحثا اجتماعيا فذا ليحدّثنا عن ظاهرة جديدة في تونس ما بعد الثورة و هي ارتفاع نسبة الجرائم بأنواعها و خاصّة جرائم القتل و الاغتصاب. جاء التدخّل بعد قراءة الخبر الذي يتعلّق بالقبض على قاتلة الطفلتين البريئتين لأسباب قيل إنّها عائليّة.
الخبر بمضمونه المؤلم و بما فيه من لوعة المصاب لأهل الضحيتين ، يهمّ التونسيين جميعا، و نشرة الأخبار حسنا فعلت بتخصيص حيز زمني لمثل تلك الأحداث الخطيرة مع تحليل أسبابها و طرق علاجها، و هذا ما توقّعناه من الضيف . و لكنّه عقّب على الخبر بما يشبه العقاب. و حتّى نكون منصفين، نشير أنّ سؤال الصحفيّة قاده ربّما إلى تلك التعليقات . فقد طلبت منه باسم الشارع التونسي المنشغل جدّا تفسيرا للأسباب التي تقف وراء ارتفاع نسق الجرائم بأنواعها في هذه الفترة بالذات، و لتقول بالحرف الواحد : هل للفوضى السياسيّة التي تعيشها البلاد منذ الثورة علاقة بهذا الكمّ من جرائم القتل و الاغتصاب و السلب و الانتحار و غيرها ؟ و السؤال ليس غريبا فقط بل متحامل إلى أبعد حدّ و خال من كلّ المدعّمات الإحصائيّة التي تثبت ارتفاع تلك النسب بالمقارنة مع الفترات السابقة بما فيها العهد البائد.
و أكّد الجواب الذي ورد على لسان الأستاذ في علم الاجتماع ما ذهب إليه السؤال و ما أراد أن يحقّقه في مستوى العلاقة بين الجريمة و الظرف السياسي الجديد، فوضع تلك الانحرافات في سياقها معتبرا أنّ المجتمع التونسي يعيش في هذه الفترة حالة من العدوانية المتبادلة و هي الأرضيّة التي ينتعش فيها العنف، و أكّد أنّ كيفيّة وقوع الجريمة لا تهمّه بقدر ما تشغله الظروف و الأسباب الحقيقيّة التي تقف وراءها، فعندما يدرك المرء أنّ شوكة الدولة أضعف من شوكته مع غياب الوازع الذي يحفظ القانون و يضمن اشتغاله في كل زمان و مكان فإنه يتمادى في انحرافاته و أضاف أنّ الإفراج عن آلاف المجرمين دون انتقاء و دون التأكّد من صلاحيتهم للمجتمع و ملفاتهم لدى وزارة العدل و الداخليّة ثقيلة فإنه لا يمكن
نشرة أخبار الثامنة، عجّل الله بإصلاحها، و بإصلاح القائمين عليها، استضافت لنا باحثا اجتماعيا فذا ليحدّثنا عن ظاهرة جديدة في تونس ما بعد الثورة و هي ارتفاع نسبة الجرائم بأنواعها و خاصّة جرائم القتل و الاغتصاب. جاء التدخّل بعد قراءة الخبر الذي يتعلّق بالقبض على قاتلة الطفلتين البريئتين لأسباب قيل إنّها عائليّة.
الخبر بمضمونه المؤلم و بما فيه من لوعة المصاب لأهل الضحيتين ، يهمّ التونسيين جميعا، و نشرة الأخبار حسنا فعلت بتخصيص حيز زمني لمثل تلك الأحداث الخطيرة مع تحليل أسبابها و طرق علاجها، و هذا ما توقّعناه من الضيف . و لكنّه عقّب على الخبر بما يشبه العقاب. و حتّى نكون منصفين، نشير أنّ سؤال الصحفيّة قاده ربّما إلى تلك التعليقات . فقد طلبت منه باسم الشارع التونسي المنشغل جدّا تفسيرا للأسباب التي تقف وراء ارتفاع نسق الجرائم بأنواعها في هذه الفترة بالذات، و لتقول بالحرف الواحد : هل للفوضى السياسيّة التي تعيشها البلاد منذ الثورة علاقة بهذا الكمّ من جرائم القتل و الاغتصاب و السلب و الانتحار و غيرها ؟ و السؤال ليس غريبا فقط بل متحامل إلى أبعد حدّ و خال من كلّ المدعّمات الإحصائيّة التي تثبت ارتفاع تلك النسب بالمقارنة مع الفترات السابقة بما فيها العهد البائد.
و أكّد الجواب الذي ورد على لسان الأستاذ في علم الاجتماع ما ذهب إليه السؤال و ما أراد أن يحقّقه في مستوى العلاقة بين الجريمة و الظرف السياسي الجديد، فوضع تلك الانحرافات في سياقها معتبرا أنّ المجتمع التونسي يعيش في هذه الفترة حالة من العدوانية المتبادلة و هي الأرضيّة التي ينتعش فيها العنف، و أكّد أنّ كيفيّة وقوع الجريمة لا تهمّه بقدر ما تشغله الظروف و الأسباب الحقيقيّة التي تقف وراءها، فعندما يدرك المرء أنّ شوكة الدولة أضعف من شوكته مع غياب الوازع الذي يحفظ القانون و يضمن اشتغاله في كل زمان و مكان فإنه يتمادى في انحرافاته و أضاف أنّ الإفراج عن آلاف المجرمين دون انتقاء و دون التأكّد من صلاحيتهم للمجتمع و ملفاتهم لدى وزارة العدل و الداخليّة ثقيلة فإنه لا يمكن
أن نأمن شرّهم أو أن نضمن أمن المواطنين.
و حين سئل عن العقاب و مدى مناسبته للجرم المرتكب ، لم يتحدث الأستاذ مثلا عن ضرورة إقرار حكم الإعدام في حقّ المجرمين المتوحّشين الذين يعتدون على الأرواح الآمنة بل كرّر حديثه عن العفو الذي مكّن بعض المساجين من تقاسم فضاء الحريّة مع بقيّة المواطنين و كأنه يطالب بحبسهم مدى الحياة و الحال أنّ كلامه يعترف ضمنيا بفشل المنظومة السجنيّة في الإصلاح، و يوحي أنّ قاتلة الطفلتين هي من المفرج عنهم في إطار العفو الذي شمل آلاف المساجين.
و هكذا وصلت الرسالة كما عبّرت عنها الصحفيّة في خلاصتها و استنتاجاتها لتقول إنّ التونسيّ أصبح يعيش خوفا حقيقيا و فقد الطمأنينة و يؤكّد المحلل بدوره أنّ الوازع الأخلاقي و القانوني كليهما متعطّل و السبب هو غياب دور الدولة و ضعف شوكتها التي تردع الناس.
و هذا التحليل لا يخلو من معطيات منطقيّة و لكنّنا نشكّك في مدى براءته من الرسائل السياسيّة التي أعلنت في المنطلقات و تأكّدت في النتائج. و حاصلها أنّنا كنّا في وضع أفضل في عهد المخلوع!
و قبل أن نصحو من صدمة هذه الفكرة التي بثتها النشرة المسائية في عموم الناس، استيقظنا هذا الصباح على عنوان كبير لجريدة المغرب يسير في نفس الاتجاه و يبشّرنا بنتائج سبر الآراء الذي نظّمته مع مؤسّسة سيجما قائلة إن 42 بالمائة من التونسيين يعتقدون أنّ الوضع مع بن علي أفضل من اليوم .
و بذلك يتأكّد لنا التناغم التامّ الذي تعمل فيه وسائل الإعلام بالتعاون مع المحلّلين و مؤسسات سبر الآراء.فما جاء في أخبار البارحة و رغم خلوّه من الأرقام و الإثباتات بعث تلميحا برسالة أكدتها جريدة المغرب تصريحا في عددها الصادر اليوم. و لعلّ الأصوات سترتفع قريبا للمطالبة بعودة المخلوع حاكما صالحا بفضل ما تنشره وسائل الإعلام في تونس ما بعد الثورة.
Comments
47 de 47 commentaires pour l'article 49431